ملف الإعدام في السعودية يتأرجح بين السيف وتبييض هيئة حقوق الإنسان

26 يناير، 2021

نشرت هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية بيانا حول أعداد الإعدامات المنفذة خلال العام 2020، تغنت فيه بانخفاض أعداد أحكام الإعدام عن مثيلتها في 2019 وأشارت أن نسبة الإنخفاض شكلت 85 %. بيان الهيئة يأتي وسط تهديدات بالإعدام لعشرات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومتهمين بتهم ليست من الأشد خطورة، بينهم قاصرين.

إن بياناً من الهيئة حول الحصيلة السنوية للإعدام، يعتبر عملاً غير معهود، إذ أنها لم تصدر بياناً كهذا خلال الأعوام التي شهدت أرفع أرقام الإعدام في تاريخ البلاد من 2015 وحتى 2019، مايبرز طبيعة دورها الذي يتمحور حول تبييض سجل الحكومة السيء، أو تبرير إنتهاكاتها عبر إعتبار ما تقوم به قانوني وينسجم مع حقوق الإنسان.

تمارس هيئة حقوق الإنسان دوراً لايتسق بشكل كافٍ مع المبادئ المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان (مبادئ باريس)، حيث يلحظ أنها تركز عملها على تحسين الصورة المتدهورة للحكومة السعودية. تنص (مبادئ باريس) في أول موادها على أن مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية (تختص بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها)، كما تنص المادة الرابعة على مسؤوليتها في (توجيه انتباه الحكومة إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان في أي جزء من البلد)، ولكن لا يظهر مثل هذا الدور، خصوصا مع تتلقيها آلاف الشكاوى سنويا، بحسب مانشرت في تقريرها السنوي 2019 حيث تلقت 4211 شكوى متنوعة. كما أنه وبحسب معلومات المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فإن الهيئة تلقت شكوى من المواطن عباس الحسن حول ما تعرض له من تعذيب وحرمان من المحاكمة العادلة ولكنه أعدم في أبريل 2019، كما تلقت شكوى حول التعذيب والحرمان من المحاكمة العادلة من المواطن الأردني حسين أبو الخير الذي قد يعدم في أي لحظة بتهم تتعلق بالمخدرات.

في وقت كانت إحصاءات المنظمات الحقوقية للإعدامات التي نُفذت في عام 2020 تشير إلى أن السعودية نفذت 25 إعداما وذلك بالاستناد إلى ما ينشر في وكالة الأنباء الرسمية، قالت هيئة حقوق الإنسان إن إعدامات 2020 كانت 27. يثير ذلك الشكوك من أن إحصاءات الإعدام التي قدمتها المنظمات الحقوقية في السنوات السابقة أقل من الأرقام الفعلية. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية قد وثقت إعدام 814 شخص منذ العام 2015 حتى العام 2020.

لا يستند ماورد في بيان الهيئة، الذي صدرت منه فقط نسخة إنجليزية حتى تاريخ نشر هذا البيان، على قوانين عُرف أنها صدرت من جهات مختصة بإصدار القوانين، حيث قالت في بيانها إن هناك وقفاً إختياريا لعقوبة القتل المتعلقة بتهم المخدرات. يندرج القتل للمتهمين بجرائم مخدرات ضمن فئة القتل بالتعزير، ولم يظهر لحد الآن أي قرار رسمي لإيقافه، سوى مانشر في إعلام السعودية في يونيو 2020 حول مجرد توصية رفعها مجلس الشورى (البرلمان الغير منتخب) يطالب بوقف الإعدام التعزيري. ممارسة القتل تعزيرا في السعودية يتم التحكم بها بشكل كبير من قبل المزاج السياسي عدم وجود وجود محددات للقضاة، وهذا ما يبقي خطر الإعدام قائما ومستمراً على عشرات إن لم يكن المئآت من المعتقلين.

إضافة إلى ذلك، فإن البيان الذي أشار إلى أن السعودية أوقفت أحكام الإعدام بحق القاصرين علي النمر وداوود المرهون وعبد الله الزاهر ومحمد الفرج، واستبدالتها بأحكام أخرى وفقا لقانون للأحداث، يظهر أن محاكمات غير علنية تقام لهم، لا تلتزم بشروط المحاكمة العادلة، وهو ما لا تكترث له الهيئة. إلى جانب كون الهيئة، غضت الطرف عن بقية الانتهاكات وبينها تناقض مطالبة النيابة العامة مع قانون الأحداث أيضا.

كما أنه من الملاحظ أن الأسماء التي ذكرتها الهيئة في هذا البيان، معروفة على المستوى الإعلامي. تساور المنظمة الأوروبية السعودية الشكوك حول وجود سجناء آخرين أعتقلوا قاصرين أو وجهت لهم تهم في عمر مادون 18 عاما، سواء في السجون السياسية أو الجنائية، وأن الهيئة غير مكترثة بالتأكد من وجودهم أو حمايتهم، واقتصرت فقط على الأسماء المثارة إعلاميا، رغم إن إحدى مهامها الرسمية هو زيارة السجون وفق الفقرة السادسة من المادة الخامسة من تنظيمها. يؤكد هذه الشكوك قيام السعودية بإعدام القاصر عبدالمحسن الغامدي في أبريل 2020 والذي لم يكن أسمه ضمن الأسماء المثارة إعلاميا، وقبله إعدام ستة قاصرين في أبريل 2019، رغم ما ورد في بيان الهيئة من حظر العقوبات الجسدية للأطفال منذ 2018 وتمديده في 2020 ليطبق بأثر رجعي.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن مضامين البيان لاتقدم رؤية حاسمة حول مسار الإعدامات التعزيرية، ولا يقدم تأكيدات على عدم تكرار إعدام قاصرين مجددا، كما من الواضح أن الهيئة غير مكترثة بشروط المحاكمات العادلة والتي لاتزال تنتهك في قضايا العشرات من المهددين بالإعدام، حيث يوجد حالياً مالايقل عن 42 مهددا بالإعدام بينهم قاصرين. تقدم الهيئة التبريرات بشكل مستمر، وتتستر على الإنتهاكات الرسمية، وبالتالي فهي ليست في موقع لعب دور في تعزيز سياسة عدم الإفلات من العقاب.

AR