بعد اعتقاله بثمانية رصاصات، 377 يوماً تعزل (آل ربيع) عن العالم الخارجي

7 December، 2013

خلاف ما يترتب عليه إنضمام المملكة العربية السعودية للصكوك الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان من إلتزام بالمواد الواردة، فإنها قابلت الإحتجاجات الشعبية التي بدأت في فبراير 2011 باستخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين، ما نتج عنه 18 قتيلاً، وأعداد غير معروفة من الجرحى، واعتقال أكثر من 900 مازال أكثر من 200 منهم قيد الإيقاف، وقد وثقت التقارير الحقوقية إنتهاكات جسيمة مورست بحق الكثيرين منهم.

حسين حسن آل ربيع (22 عاما)، مواليد 18/07/1992 (17/01/1413هـ)، من سكان مدينة العوامية بمحافظة القطيف شرق السعودية. حسين هو الرابع بين أربعة ذكور، يعيش مع أسرته في نوع من المنازل يتعارف عليها محلياً (بيوت الصفيح) ، فقد أبيه عند التاسعة من عمره، لم يكمل مرحلة الدراسة الإبتدائية.

في السابعة عشرة من عمره، تعرض للأعتقال، على خلفية (أحداث البقيع) في 2009 ، أوقف سبعة أشهر في دار الأحداث، تعرض خلالها للتعذيب النفسي والجسدي، كالضرب المبرح والمعاملة المهينة.

في 2011 دفعه واقعه الفردي والأسري، وجملة من مفردات الواقع الإجتماعي السياسية والحقوقية، على المشاركة في الاحتجاجات الشعبية التي بدأت مع فبراير 2011. وكإجراء أمني، أصدرت السلطات السعودية في يناير 2012 (قائمة 23) ، وصفتهم بـ (مثيري الشغب) وأعمالهم (بالغوغائية)، وقد كان آل ربيع أحدهم .

بعد قرابة 5 أيام، نشر حسين في مواقع الانترنت المحلية، ووسائل التواصل الإجتماعي بياناً، وبعد أن نفى ما وجه إليه من تهم، ختم بالقول: (كما أنوه لعموم المجتمع السعودي والدولي، إنني إن ظهرت مرة أخرى للعيان وبدلت أقوالي بأقوال تتنافى بما صرحت به الآن، فأود الإشارة أنه سيكون نتيجة للتعذيب وضغوطات السلطة). وفي جانب من إبراز واقعه الإقتصادي الذي كان إحدى الدوافع في نشاطه الحقوقي، قام آل ربيع بتصوير مقطع فيديو يوضح الحالة المعيشية التي يعانيها.

استمرت السلطات في تتبع حسين بهدف القبض عليه، وممارسة ضغوط على عائلته لتسليمه. في مساء 2 سبتمبر 2012 (15/10/1433) اعتقل، بعد كمين نصب له بجوار أحد المقاهي، أُطلق عليه الرصاص من قبل قوات أمنية، أمسكوا به وادخلوه سيارة وأطلقوا عليه النار ثانية.

نتج عن ذلك استقرار 8 رصاصات في جسده، اثنتان في الحوض، وأخرى في القدم، وخمس موزعة بين الساق والفخذ.

علمت العائلة بالقبض على حسين عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي، وفي اليوم التالي تناولت الصحف الرسمية خبر اعتقال حسين تحت عناوين متعددة، ونقلت  تعليق البيان الرسمي لوزارة الداخلية، حيث جاء فيه: (وتمت بعد مغرب أمس الأول مداهمته أثناء قيامه ببيع كمية كبيرة من المخدرات في بلدة العوامية، وتم القبض عليه بعد تعرضه للإصابة في قدميه نتيجة تبادل إطلاق النار مع رجال الأمن). وبعد 8 أيام سمح له بإجراء إتصال قصير من مستشفى السجن.

عدا ذلك فإن حسين عزل بشكل تام عن العالم الخارجي، في الوقت الذي قامت عائلته بمخاطبات متكررة لعدة جهات: سجن المباحث – مديرية المباحث – إمارة المنطقة الشرقية – هيئة التحقيق والإدعاء العام – وزارة الداخلية بفتح  زيارة او الاتصال به ولكن دون أستجابة، وذلك لغرض السماح بالإتصال به أو زيارته.

بعد مضي 377 يوما، تم السماح لعائلته بزيارة منتظمة شهرية، بدءً من 14/09/2013 بواقع ساعة واحدة شهرياً، والإتصال الأسبوعي لمدة 10 دقائق.

ترافق عزل حسين عن العالم الخارجي في زنزانة انفرادية لمدة 377 يوما، تعذيب متكرر ومعاملة مهينة. لم تتوافر تفاصيل تخص طريقة تعذيبه، ولكننا في الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وبناء على ما توفر من شهادات دقيقة لحالات أخرى، في تقارير سابقة ومنها:

  1. تقرير عن الموقوف سلمان أمين قريش .
  2. تقرير عن الموقوف منير جعفر القلاف .

وغيرهم، فإننا نرجح وقوع تعذيب قاس على حسين، خصوصاً أن فترة عزله في زنزانة إنفرادية تعتبر هي الأطول من بين الموقوفين على خلفية مظاهرات القطيف بحسب معلوماتنا المتوافرة.

تركت الرصاصات الثمان، والتعذيب الذي وقع على حسين فترة إيقافه، آثاراً صحية:

  1. ألم في رجله اليسرى، وحالة أشبه بالشلل، مع عدم معرفة هل تم إخراج الرصاص من عدمه.
  2. آلام في منطقة الحوض، يرجح أنها نتيجة للرصاصتين اللتين استقرتا في حوضه.
  3. تشنج والتواء في الرقبة، زال عنه مؤخراً.

وبعد فحوصات في مستشفى السجن الداخلي على رجله اليسرى، تبين أنه بحاجة إلى استشاري في مستشفى خارجي. قدمت عائلته خطابا  الى إدارة السجن لطلب استكمال علاجة، ولم تتلقى رداً، يحتمل أن يجرى له موعد.

  1. لم تقدم له الرعاية الطبية اللازمة، في إنتهاك للفقرة 4 من المادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الانسان والذي صادقت عليه المملكة العربية السعودية: (لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الطلب في العرض على الفحص الطبي ويجب إبلاغه بذلك).
  2. اعتبار المطالب والإحتجاجات التي يمارسها، جرائم توجب الإعتقال والعقوبة، مثل التظاهرات التي هي حق واضح ومتسالم عليه في شرعة حقوق الإنسان.
  3. يوضح نظام الإجراءات الجزائية السعودي في مادته  الثانية: (لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه، إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة التي تحددها السلطة المختصة. ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة)، غير أنه يتضح مما سبق ارتكاب السلطة السعودية مخالفات جسيمة.
  4. وجود حسين في زنزانة إنفرادية لمدة 377 يوماً في عزلة تامة عن العالم الخارجي، ينتهك الفقرة 3 من المادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الانسان: (يجب إبلاغ كل شخص يتم توقيفه بلغة يفهمها بأسباب ذلك التوقيف لدى وقوعه كما يجب إخطاره فوراً بالتهمة أو التهم الموجهة إليه وله الحق في الاتصال بذويه). وهذا يتنافى مع ماقامت به الحكومة السعودية، حيث لم تتلقى عائلته في 377 يوماً سوى اتصال واحد بعد 8 أيام من اعتقاله، حينما كان في المستشفى، جراء الرصاص الذي أصيب به، مما أضطر أمه ببث مناشدة عبر اليوتيوب قلقاً على مصيره الشخصي.
  5. يقتضي القانون المحلي (نظام الإجراءات الجزائية) في نسخته السابقة، عرض الموقف ع المحكمة في مدة لاتزيد عن 6 أشهر، بينما تضيف النسخة المعدلة والمعتمدة في 25/11/2013: (وفي الحالات الإستثنائية التي تتطلب التوقيف مدة أطول، للمحكمة الموافقة على طلب تمديد التوقيف لمدة أو مدد متعاقبة بحسب ما تراه، وأن تصدر أمراً قضائياً مسبباً في ذلك). وفي كلتا الحالتين مضى على اعتقاله أكثر من سنة وثلاثة أشهر دون محاكمة ودون أمر قضائي يفسر التأخير.

تطالب الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن حسين، وتحمل نفقات علاجه، وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به مادياً ومعنويا، ومحاسبة من أطلق عليه النار وكذلك التحقيق في مزاعم التعذيب ومحاسبة المتسببين في قضاء عادل. أيضاً السماح للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية من الإلتقاء به.

نبدي في الجمعية الأوروبية السعودية قلقنا على مصير محاكمة حسين المنتظرة، في ظل مطالب المدعي العام لإعدام عدد من الموقفين مؤخراً، عرف منهم 10 لحد الآن، وكذا مطالبه بالسجن للمتظاهرين السلميين وأصحاب الرأي لمدد طويلة وصلت في إحدى الحالات ما مجموعه 65 سنة. ومصادقة القضاء الأعلى على مجموعة من الأحكام الأخرى القاسية منها 10 سنوات حكمت على كاتب الرأي زكريا آل صفوان. إضافة إلى ما ثبت لدينا من خلال عدد من الحالات أن هناك إعترافات إنتزعت تحت التعذيب والإكراه.

صور المنزل الذي كان يقطنه حسين وعائلته قبل أن يغادروه في مايو 2012
http://im35.gulfup.com/Z08rN.jpg

EN