السعودية تنفرد بممارسات بشعة، منها احتجاز الجثامين

21 June، 2021

تقول المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: يُولد جميعُ الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق. وقال الشهيد عبدالله الحامد: الكرامة أغلى من النفط. وقال الشهيد الشيخ نمر النمر: كرامتنا أغلى من وحدة هذه الأرض.

لقد تكررت كلمة كرامة في خطابات الشهيد النمر كثيراً. سأذكر مثالين من عريضته “عريضة العزة والكرامة” والتي أرسلها في  ٢٠٠٧ للحاكم السعودي للمنطقة الشرقية. في الفقرة ٢١ طالب بإطلاق جميع المعتقلين السياسيين. وفي الفقرة ٢٣ طالب بعدم التعامل مع كل القضايا بشكل أمني لأن أكثرها لا ربط لها بالجانب الأمني، فإن جعلها أمنية يُفرِزُ مشاكلاً وأزماتً ما كانت لتحدث.

إن ما نراه من اعتقال لكل فاعل وفاعلة في المجتمع ما هو إلا دليل على أن الكيان السعودي لم يحسن الاستماع ولم يتعلم الدرس. فلو لم يعتقل ويقتل ويظلم ويحرم وبالمختصر “ينتهك” لما كنت أنا وغيري نتحدث في هذا المؤتمر. وما يهمني هو موضوع عشرات الجثامين المصادرة ومنها جثمان ابن عمي الشهيد الشيخ النمر.

أولت الحضارات والديانات، ومنها دين الإسلام، اهتماماً كبيراً بأحكام تجهيز ودفن الميت، احتراما لكرامته واحتراما لمشاعر أهله. وعلى الرغم من تقديم نداء من عائلة النمر، يطالب بتسليم جثمان ابنهم الشهيد إلا إن المسؤولين السعوديين رفضوا. وأبلغوهم بأن ابنهم قد دفن في مقبرة مجهولة. حدث ذلك دون معاينة الجثمان ودون إذنٍ أو إشراف من عائلته.

وبغياب المعاينة، فإن وقت وتاريخ الإعدام الحقيقي، وطريقته، ومكانه. كل ذلك غير معروف لذويه حتى الآن. سمعنا خبر الإعدام عن طريق التلفاز السعودي الرسمي. ولا يمكن تصديق رواية الكيان السعودي على عواهنها دون توثيق أو شهود. وحتى لو سلمنا جدلا أنه دفن بطريقة طبيعية فإن طقوس تجهيز الميت ودفنه عند الشيعة مختلفة تماماً عن المذهب الوهابي الرسمي. وعليه، يعد هذا انتهاكاً لحقٍ ديني ومعضلةٍ أخلاقيةٍ.

إن منع العوائل من دفن جثامين أبنائها بالطريقة التي يرونها ما هو إلا استمرار في إهانة كرامة الموتى وعدم احترام مشاعر أهاليهم. مع التأكيد أنه لا يحق لكائن من كان أن يصادر الجثامين وأن ولي الدم هو المخول الوحيد بحق الدفن. وعليه أن جميع الأسباب التي يقدمها الكيان السعودي لتبرير احتجازه للجثامين هي مرفوضة مقدماً.

تنص القاعدة ١٠٥ من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي على أن “تحترم الحياة العائلية ما أمكن” وهذه القاعدة تطبق في ظروف الحرب، أما في السلم، فإن مصادرة الجثامين يعد انتهاك صارخ يمارسه أمام العالم الآن هذا الكيان السعودي الذي يطبق الشريعة الوهابية.

تخبرنا السيرة الإسلامية قصة جابر بن عبدالله بن عمرو والألم الذي يعتصره بسبب دفن أبيه في قبر جماعي في ارض معركة أحُد، على بعد نحو خمسة كيلومترات من بيته بالمدينة ولم يهدأ له بال حتى نُقل جسد أبيه بعد ستة أشهر إلى قبر منفرد في المدينة.

ويطالب الأهالي في المنطقة الشرقية اليوم باستعادة أكثر من ٩٠ جثماناً. ومن خلال بحثي، لم أجد كياناً يحتجز جثامين الموتى بل ويرفض تسليمها إلا إسرائيل والسعودية!

علماً أن مصادرة الجثامين شملت أيضاً عمالاً أجانب. وفي حالات عدة، ترفض السعودية إصدار شهادات وفاة لهم، مما يعًّقد العديد من الإجراءات القانونية كالزواج من جديد مثلاً. ولا يخبر الكيان السعودي عوائل المعدومين أو حكوماتهم بمكان الدفن.

في الأخير، أحب أن ألفت أن ذوي الشهداء المغيبين قد طالبوا باستعادة جثامين أبنائهم غير أنهم تعرضوا لخطر الاعتقال، فبعضهم فر إلى الخارج وبعضهم ممنوع من السفر. وفي ظل هذه الظروف، يتساءل ذوو الشهداء عن طريقة للحصول على حقهم المشروع في استعادة الجثامين.

إن استعادة الجثامين حق، والعدالة هي محاكمة من ارتكب جريمة قتلهم أساسا.

▪️ كلمة الناشط السياسي والباحث المختص بالشأن السعودي. المقيم في بريطانيا، أمين النمر، في المؤتمر السنوي الأول لضحايا الانتهاكات في المملكة العربية السعودية الذي عقد بتاريخ 10 ديسمبر 2020.

EN