رابطة نيوكاسل يونايتد ترفض إستخدام ناديها للغسيل الرّياضي *

رابطة نيوكاسل يونايتد ترفض إستخدام ناديها للغسيل الرّياضي *

يستخدم السّعوديّون العلاقات العامّة، وكافّة المجالات الحياتيّة لضمان أكبر قدر من التّأثير على الرّأي العام في بريطانيا.

في تشرين الأول من العام 2021 أصبح نادي نيوكاسل يونايتد أغنى نادي كرة قدم في العالم عندما أعلن الدّوري الممتاز أنّ المملكة العربيّة السّعوديّة هي المالك الجديد للنّادي، في صفقة بلغت قيمتها 415 مليون دولار، وقد تمّت الصّفقة بالإستعانة بشركة علاقات عامّة أميركيّة التّي عملت على التّهليل للنّظام السّعودي وتلميع صورته.

الصّفقة التّي أنقذت النّادي المتعثّر إقتصاديًّا أثارت الكثير من البلبلة لدى الرأي العام البريطاني عامّة، ورابطة مشجّعي فريق نيوكاسل يونايتد على نحوٍ خاصّ. ببساطة لم يرق للرّابطة إستحواذ ديكتاتور متعطّش للدّماء على النّادي وبدأت بحملات واسعة في هذا الصّدد.

قبل حيازة النّظام على نادي نيو كاسل زار السّفير السّعودي الأمير خالد بن بندر نيوكاسل، وشاهد إحدى مباريات النّادي، كما تابع عدد من المسؤولين السّعوديّين حساب النّادي على توتير، مثل الأمير عبدالله عزيز بن تركي آل سعود، وسعود الفيصل والمدير العام لأمن الدّولة تابع الحساب أيضًا، وقموا ببعض التّغريدات أيضًا، وليس خفيًّا على أحد تلوّث أيادي هؤلاء المسؤولين بالدّماء.

المستغرب أنّ وسائل الإعلام لم تثر الحدث على الإطلاق، وكثير منها لم يعد يتحدّث عن إنتهاكات النّظام السّعودي لحقوق الإنسان منذ تمّت صفقة الشّراء، وما يثير الصّدمة أيضًا أنّ أحدًا من الممثلين في البرلمان والمجالس الأخرى لم يسجّل موقفًا صريحًا من الموضوع، حتّى أنّ رئيس مجلس إدارة نيو كاسل أطلق وعودًا بشأن الإستثمارات في السّعوديّة، وكلّ المحاولات لمعارضة هذا القرار تمّ إسكاتها، وقد توطّدت العلاقات بين النّادي والمملكة منذ ذلك الوقت، حيث قام الفريق والمدرّب بالذّهاب إلى السّعوديّة في الوقت الذّي النّظام يقتل الأطفال ويشنّ هجومًا على اليمن.

شراء النّادي، أحد الصّفقات العديدة التّي يحاول بها النّظام غسيل صورته، مثل مشروع نيوم وغيره، والإستعانة بسياسييّن وصحافين لتأسيس سرديّته المبنيّة على الخداع، واليوم بات الأمر أكثر سهولة وأكثر تضليلًا مع استخدام وسائل التّواصل الإجتماعي، وفي ظلّ القدرات الماليّة المهولة لا قدرة للشّعوب على تغيير هذا الأمر.

رؤساء النّادي الإنكليزي يعتبرون أنّه لا قدرة على تغيير ما حصل، ويبرّرون ذلك بوجود فرق أخرى مملوكة من بلدان عربيّة مثل الإمارات، مسؤولون آخرون يرّوجون للقدرة على التّأثير على السّعوديّة وتحويلها إلى دولة ليبراليّة إنطلاقًا من هذه الصّفقات، محاولين تجاهل حقيقة إعدام النّظام السّعودي لواحد وثمانين شخصًا قبل يوم واحد من مباراة للنّادي، مع

ورغم تغلغل السّردية التّي يروّج لها النّظام، يظلّ هناك الكثير من المشجعين لفريق نيوكاسل الرّافضين بشكل حاسم لكافّة ممارسات النّظام السّعودي.

قامت رابطة مشجعي نادي نيوكاسل بإطلاق مجموعة على فايسبوك وتوتير لشنّ حملات تهدف لإيقاف الغسيل الذّي تقوم به السّعوديّة في عالم الرّياضة. الكثير من الإجتماعات عقدت في الفترة الماضية، وكنّا خلال لإجتماعات نحاول توثيق الإنتهاكات التّي تمارسها السّعوديّة باستمرار في حربها على اليمن.

لوحظ غياب الأصوات الحادّة التّي اعترضت على هذه الصّفقة، لكنّ تمّ إنتقاد رئيس النّادي وكلّ المسؤولين عن هذه الصفقة في بلدان أخرى كألمانيا وفنلندا، وذلك يؤكّد الخاصيّة العالميّة لكرة القدم، ويؤكّد أيضًا عدم القدرة على فصل كرة القدم عن باقي الشّؤون الإنسانيّة، ولا نزال نحن كرابطة مشجعين ومدافعين عن حقوق الإنسان نحاول التّوسّع والوصول إلى مستويات أعلى وقد تمّ نشر بعض المقالات وإجريت بعض المقابلات التّي نشرت في المجلّات.

التوثيق الذّي قمنا به وصل إلى وسائل الإعلام العالميّة، ولكنّ هذه الموادّ لم تنشر في وسائل الإعلام المحليّة، وصلنا إلى البرامج الإذاعيّة أيضًا والتّلفزيونيّة، واليوم بتنا بمثابة مرجع في موضوع الغسيل في الشّق الرّياضي.

في الحملات التّي قمنا بشنّها دعينا إلى العديد من المظاهرات وأطلقنا شعارات، وقبل بدء مباراة نيو كاسل مع تشلسي، وفي ذكرى إعدام واحد وثمانين شخصًا، قمنا بالمظاهرات في محاولة لتسليط الضّوء عليهم..

أكثر ما يثير الدّهشة أنّ الإعلام المحلّي لم يقم بتغطية تحرّكاتنا في الوقت الذّي قامت وسائل إعلام عالميّة بتغطيتها، ورغم عدم تأكّدنا من حجم الضّغط الذّي يمارسه النّظام السّعودي أو إدارة النّادي، إلا نستطيع أن ننفي وجود هذا الضّغط. وفي حين نرى أنّ التّفاعل العريض مع هذه القضيّة في المجتمع البريطاني لا يزال محدودًا، تبشّر الحركة التّي تقوم بها روابط التّشجيع في ألمانيا ضد الأنظمة الدّيكتاتوريّة. وتدعو هذه الحركة للتّفاؤل بقدرتنا على تغيير هذا الواقع والإنتقال إلى مستوى أعلى، في الوقت الذّي سلطة المال التّحكّم بالنّوادي الرّياضيّة عبر ضخّ الأموال.

لَفْت أنظار مشجعي نادي نيوكاسل إلى ممارسات وطبيعة النّظام الذّي يملك ناديهم، أمر واجب وبديهي، فالتّواصل مع الضّحايا، أو إرسال قصصهم وتحدّي قدرة الدّيكتاتوريين السّعوديّين على التحّكم بطريقة سردها أو ضرورة لتخفيف من وطأة آلة الخداع والتّضليل. يجب على الضّحايا وعائلاتهم البدء بإرسال قصصهم إلى رئيس نادي نيو كاسل، لأنّه يدّعي عدم إمتلاكه أيّة معلومات تدين السّعوديّة في ملفّ حقوق الإنسان..

اليوم، يؤسّس نيو كاسل يونايتد نادٍ للنّسائي، في حين أنّ النّظام الذّي يمتلكه ينتهك حقوق النّساء بشكل ممنهج ودائم، نحاول كرابطة الإضاءة على النّاشطات النّسويات أمثال سلمى الشّهاب ونورة القحطاني. لكنّ ما يثير الأسف أنّ بعض المشجّعين باتوا يردّدون النّظام السّعودي وأكاذيبه ويعتبرون هؤلاء النّساء إرهابيّات، وهذه نتيجة مباشرة لنجاح دعاية هذا النّظام، الذّي يستخدم النّادي لتحويل أنظار المجتمع عن القضايا الأساسيّة.

مسؤوليتنا اليوم التّضامن مع حقوق الإنسان، وواجبنا الأخلاقي يستوجب تحديد موقف فاعل من أشخاص يبدو أنّهم متعطّشون للدّماء يديرون هذا النّادي.هذه هي الرّوحيّة الحقيقيّة والدّور الحقيقي الذذي يجب أن لا تتخلى عن كرة القدم.

حان الوقت الذّي يستمع فيه الرأي العام لصوت المضّطهدين والمطالبين بحقوق الإنسان بعد إستماعه لصوت الدّيكتاتور لوقت طويل. المعركة كبيرة، ولا نملك العتاد اللازم، تنقصنا الأموال والسّلطة لكنّنا متأكّدون أنّنا سنتنتصر.

*كلمة جون هيرد في المؤتمر السنوي الثالث لضحايا الانتهاكات في المملكة العربية السعودية الذي عقد بتاريخ 9و 10 ديسمبر 2022.

AR