خبراء الأمم المتحدة يسائلون السعودية عن أحكام قتل بحق قاصرين وعن سياستها في احتجاز الجثامين

أكد خبراء في الأمم المتحدة أن أي إعدام قد تنفذه المملكة العربية السعودية بما يخالف القوانين الدولية بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل، هو إعدام تعسفي وغير قانوني، ودعوها إلى وقف كافة أحكام الإعدام بحق أفراد يواجهون تهما حصلت قبل أن يبلغوا سن 18 عاما.

الرسالة التي أرسلت في 16 فبراير 2023، وقع عليها كل من المقرر الخاص المعني بالإعدام، موريس تيدبال بينز، نائبة رئيس الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي مومبا ماليلا، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين مارجريت ساترثويت، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان الأساسية في مواجهة الإرهاب فيونوالا ني أولين.

المعلومات التي تضمنتها الرسالة، ذكرت قضايا 7 قاصرين من دون الكشف عن أسمائهم وهي:

–        القاصر الأول: في 8 مايو 2017 ، تم اعتقاله، حين كان عمره أربعة عشر عامًا وبحسب ما ورد اتُهم بإطلاق النار على ضابط شرطة أثناء سرقة محل مجوهرات. تعرض للتعذيب وأجبر على الاعتراف تحته، وحكم عليه بالإعدام في 30 أكتوبر 2019. في 10 نوفمبر 2021، ألغت المحكمة العليا الحكم، وأعادت القضية إلى المحكمة الابتدائية، حيث حكمت عليه مرة أخرى في 2 مارس 2022 بالإعدام.

–        قاصر الثاني: في 27 أغسطس 2014، ألقي القبض عليه في الشارع بدون مذكرة توقيف. اقتيد إلى مركز شرطة تاروت ثم إلى الدمام قسم التحقيقات. أُبلغت الأسرة بمكان وجوده بعد ثلاثة أشهر من اعتقاله، وهي الفترة التي كان خلالها غير قادر على التواصل مع أي شخص. تمكنت الأسرة من زيارته في يناير 2015، بعد أن احتجز في الحبس الانفرادي لمدة ستة أشهر تقريبًا حيث تعرض للضرب والتعذيب النفسي. تسبب التعذيب في حروق حول العين وكسر في السن وإصابة في الركبة ما أدى إلى نقله المتكرر إلى المستشفى. في أغسطس 2017 وجهت له عدة تهم بينها المشاركة في مظاهرات ومسيرات وجنازات وتوزيع المياه فيها، وتشكيل خلية ارهابية والاعتداء على الممتلكات العامة. عديد من هذه التهم الموجهة إليه تتعلق بجرائم يزعم أنه ارتكبها عندما كان تحت 18 عاما.

لم يتمكن من الاتصال بمحام إلا بعد بدء المحاكمة. أبلغ المحكمة أنه تعرض للتعذيب وأجبر على توقيع اعترافات، كما طلب تقريرًا طبيًا. على الرغم من ذلك لم يجر أي تحقيق في مزاعم التعذيب، وفي أغسطس 2018 ، حُكم عليه بالإعدام.

–        قاصر الثالث: في 23 فبراير 2017، تم القبض عليه دون مذكرة إثر مداهمة قوات الأمن لمنزل عائلته في بلدة العوامية. احتُجز في الحبس الانفرادي لما يقارب التسعة أشهر ونصف. تعرض للتعذيب ولسوء المعاملة وأجبر على الاعتراف وحُرم من الاتصال بمحام. تم نقله إلى المستشفى في أوقات مختلفة بسبب الإغماء، وأدى التعذيب إلى معاناة مستمرة من انخفاض ضغط الدم وضعف ضربات القلب وانتفاخ شديد في فخذه الأيمن. في يوليو 2019، بعد عامين وخمسة أشهر من الاعتقال، عرض أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض بتهم مختلفة، بما في ذلك المشاركة في المظاهرات عندما كان عمره 15 سنة، وفي 4 أكتوبر 2022 ، حُكم عليه بالإعدام.

–        قاصر الرابع: في 28 نوفمبر 2017 تم القبض عليه مع شقيقيه من منزلهم حيث تعرض للضرب وإطلاق النار عليه. احتُجز في الحبس الانفرادي قرابة 3 أشهر، حيث تعرض للضرب والصعق بالصدمات الكهربائية ما أدى إلى نقله إلى المستشفى عدة مرات. أُجبر على التوقيع على اعترافات وفي 2020 حكم عليه بالإعدام.

–        قاصر الخامس: في 6 أبريل 2017، ألقي القبض عليه بالقرب من المحكمة في القطيف دون أمر قضائي. احتُجز في الحبس الانفرادي ولم يتمكن من تلقي زيارات من عائلته لمدة خمسة أشهر. وقع على اعترافات بالإكراه استخدمت فيما بعد المحكمة كدليل ضده. أثناء الاعتقال تعرض إلى تعذيب نفسي. واجه تهما تتعلق بجرائم يُزعم أنه ارتكب عندما كان عمره أقل من ثمانية عشر عامًا، بما في ذلك المشاركة في تشييع جنازات أفراد قتلوا برصاص القوات الامنية، ترديد ورفع الشعارات المناهضة للدولة، السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي والتلاحم الوطني، والمشاركة والتحريض على الاعتصامات والتظاهرات والتجمعات، والانضمام إلى خلية إرهابية ومراقبة و إطلاق النار على رجال الأمن وبيع الحبوب المخدرة، والتستر على المطلوبين، وتمويل الإرهاب. أثناء المحاكمة، أكد للقاضي أنه أُجبر على التوقيع الاعترافات، ومع ذلك ، وبناءً على هذه الاعترافات، حُكم عليه بالإعدام في 16 أكتوبر 2022.

–        قاصر السادس: في 1 يناير 2021، تم اعتقاله من منزله بعد أن داهمته قوات الأمن. احتُجز 270 يومًا في الحبس الانفرادي حيث تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي و أُجبر على الاعتراف بالجرائم المنسوبة إليه. حُرم من الاتصال بمحام ومن الزيارات العائلية. في مايو 2022 ، قدم للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بتهم مختلفة بينها متابعة صفحات الفيسبوك، والتواصل مع مطلوب أمني، والتدرب على استخدام السلاح وإطلاق النار وحرق خطوط الأنابيب. كان عمره أقل من 18 وقت حصول العديد من التهم المزعومة. أثناء المحاكمة، مُنع محاميه من الاطلاع على جميع الأدلة ضده. أبلغ المحكمة أنه تعرض للتعذيب وأجبر على الاعتراف، وعلى الرغم من ذلك، في 13 أكتوبر 2022، حكمت عليه المحكمة الجزائية المتخصصة بالإعدام.

–        قاصر السابع: في 23 أكتوبر 2017، تم القبض عليه ووضع في الحبس الانفرادي قرابة تسعة أشهر. قدم للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بتهم بينها: الانضمام إلى منظمة إرهابية، وإطلاق النار، مراقبة قوات الأمن، والمشاركة في الاحتجاجات، والسعي لزعزعة استقرار النسيج الاجتماعي من خلال المشاركة في الاعتصامات والمظاهرات والتستر على بيع الأسلحة، والمشاركة في نقل المواد المحظورة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع المطلوبين. بعض التهم التي يُزعم أنه ارتكبها حصلت حين كان دون سن الثامنة عشر. في أكتوبر 2022 ، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة بالإعدام.

الجثامين بعد الإعدام:

أشار المقررون الخاصون إلى أن المعلومات أكدت أن السعودية تحتجز حاليا 132 جثمانا لأفراد تم قتلهم، بما في ذلك جثث تعود لقاصرين.

المقررون الخاصون أبدوا قلقهم البالغ إزاء فرض عقوبة الإعدام على الحالات المذكورة:

–        أشاروا إلى أن القانون الدولي يحظر عقوبة الإعدام على الجرائم التي ارتكبها أشخاص دون سن الثامنة عشرة، من بين ذلك اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها السعودية عام 1996، ودعوها إلى إعادة محاكمتهم بما يضمن الامتثال الكامل للقانون بما في ذلك ضمان الحق في الوصول الفوري إلى المساعدة القانونية والحق في محاكمة عادلة.

–        ذكّروا بالحظر المطلق لاستخدام التعذيب بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت إليها السعودية عام 1997.

–        أبدوا قلقهم بشأن تعريف الإرهاب الواسع للغاية الوارد في قانون مكافحة الإرهاب، إلى جانب استخدام عقوبة الإعدام بشكل غامض، وحثوا الحكومة السعودية على مراجعة القانون لضمان توافقه مع قوانين حقوق الإنسان الدولية.

–        شدد المقررون على أن أي حكم بالإعدام بما يخالف التزامات الدولة بموجب القانون الدولي هو بمثابة الإعدام التعسفي وبالتالي غير قانوني.

–        أوصوا بمراجعة جميع الحالات الحالية التي يواجه فيها المعتقلون الإعدام من أجل ضمان تلبية المعايير الدولية الدنيا في كل حالة.

–        فيما يتعلق بالادعاءات المتعلقة بمعاملة الجثث بعد الإعدام، بما في ذلك جثث الأشخاص دون سن 18 عامًا، شددوا على أن الكرب الذي لا يوصف والضيق العقلي الحاد الذي تؤدي له ظروف الإعدام، لا يجب أن يضاف له نقص المعلومات عن مكان جثة المحكوم، واعتبروا أن إلحاق الأذى غير العادل بأسر الذين تم إعدامهم هو ألم غير مبرر وعديم الفائدة.

–        دعوا السعودية إلى ضمان إعادة جميع جثث الأشخاص الذين تعرضوا لعقوبة الإعدام لعائلاتهم دون تأخير، وأن يتم تزويده الأقارب بالمعلومات الرسمية الشاملة والوافية عن عمليات الإعدام.

المقررون الخاصون طالبوا السعودية بالإجابة على بعض التساؤلات وتزويدهم بالمعلومات حول الوضع القانوني للمعتقلين، وتطبيقها للالتزامات الدولية، وشددوا على أنه في انتظار الرد، على السعودية اتخاذ جميع التدابير المؤقتة اللازمة لوقف الانتهاكات المزعومة ومنع تكرارها، ودعم التحقيقات اللازمة لمحاسبة كل المسؤولين عن الانتهاكات.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه بحسب رصدها لحالات الإعدام، يواجه 9 قاصرين على الأقل عقوبة الإعدام بعد محاكمات افتقدت إلى شروط العدالة، وهم عبد الله الحويطي، عبد الله الدرازي، جلال الباد،  يوسف المناسف، علي المبييوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريرص، ومهدي المحسن.

وتشير المنظمة أنه على الرغم من أن السعودية ردت على الرسالة، ولا زال الرد في الترجمة، فإن من المتوقع أن يكرر الرد ما دأبت الحكومة السعودية على ذكره في السابق، حيث صادقت المحاكم في السعودية على عشرات أحكام الإعدام، بما فيها أحكام تطال قاصرين في مارس 2023، وبالتالي فإن المصادقة تمت بعد وصول الشكوى لها. وترى المنظمة أن ذلك يزيد من المخاوف على حياة المعتقلين في ظل استخفاف تام بالالتزامات الدولية بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب، إلى جانب آراء ومطالب المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة.

كما تشير المنظمة إلى أن السعودية تعمد إلى تضليل المجتمع الدولي وآلياته الخاصة بحقوق الإنسان، فعلى الرغم من زعمها تعاونها مع هذه الآليات فإنها تكرر استخفافها بها بشكل صارخ:

–        في 12 مارس 2023 أعدمت السعودية المعتقل الأردني حسين أبو الخير، على الرغم من أن الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي أكد أن اعتقاله غير قانوني وطالب بإطلاق سراحه.

–        وفي 16 يونيو 2021 أعدمت السعودية القاصر مصطفى الدرويش، بعد أيام من إرسال المقررين الخاصين رسالة قبل أيام تطالبها بوقف عملية الإعدام بانتظار التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها بما في ذلك التعذيب.

–        في 12 مارس 2022، أعدمت السعودية ضمن الإعدام الجماعي، الشابين محمد الشاخوري وأسعد شبر على الرغم من أنها كانت قد تلقت رسالة في أغسطس 2021 طالب فيها مقررون خاصون من السعودية وقف إعدامهما بسبب الانتهاكات التي تعرضا لها.

–        في 23 أبريل 2019، وضمن إعدام جماعي طال 37 مواطناً، نفذت الحكومة السعودية عقوبة الإعدام ضد حيدر آل ليف، رغم تأكيدها السابق لمقرري الأمم المتحدة الخاصين في ديسمبر 2017، أن حكم الإعدام قد ألغي، وأن العقوبة النهائية الصادرة بحقه هي السجن لمدة ثماني سنوات.

–        إضافة إلى ذلك، تجاهلت السعودية العديد من البيانات العلنية والرسائل الخاصة فيما يتعلق بالإعدامات، بما في ذلك بيان في 15 مارس 2018 دعا إلى وقف أحكام الإعدام بحق المعتقل عباس الحسن وآخرين متهمين بالتجسس لصالح إيران، ورسائل خاصة من المقررين الخاصين تتعلق بمتظاهرين وقاصرين.

بانتظار ترجمة الرد الرسمي ، فإن مسار تعامل الحكومة السعودية مع الآليات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان لا ينبؤ بأي تغير في قضايا القاصرين السبعة الذين ذكرتهم الرسالة الأخيرة، وهذا ما يثير القلق الشديد على حياتهم.

AR