امكانيات التقاضي خارج البلد الذي تحدث فيه الانتهاكات

21 يونيو، 2021

رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، ناشط في مجال حقوق الإنسان وصاحب أول قضية ترفع على ضابط متهم بالتورط في قضايا قتل وتعذيب والقضية منظورة الآن أمام المحاكم الألمانية

ما هي الإمكانات للتقاضي خارج البلد الذي تحدث فيه الانتهاكات. على الرغم من أنها محدودة إلا أن لها في بعض الأحيان نتائج فاعلة.

هناك حالتان يمكن فيها الاقتصاص من منتهك في بلد لا يعاني من أزمات أمنية ويعيش استقراراً بموجب القانون الدولي، الحالتان هما: الحالة الأولى: إما التعذيب أو العنف الجنسي لأن هذه الانتهاكات لديها اتفاقيات خاصة. ينطبق ذلك في حال كان المجرم في البلد الذي رفعت فيه الدعوى. يعني في حال كان المنتهك سعودياً ووجد في أوروبا والضحايا في أوروبا يمكن لهم أن يقاضوه على ارتكاب جريمة التعذيب.

الحالة الثانية: هناك جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والتي تخضع للصلاحية العالمية. هذا النوع من الجرائم حديث البنية القانونية والذي بدأ بعد إنشاء محكمة الجنايات الدولية في عام 2002. هذه الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، يمكن الاقتصاص فيها من خلال اتفاقيات جنيف، وهي اختصاص محكمة الجنايات الدولية, إذا كانت الدولة موقعة على الاتفاقية أو اتفاقية روما أو إذا تم إحالة القضية من قبل مجلس الأمن.

في الحالة السعودية، هناك جرائم حرب ارتكبت في اليمن، ولهذا يمكن لهذا النوع من الجرائم أن تنظر فيه الدول الاوروبية التي لديها صلاحية عالمية. لبدء تحقيق أو تحضير ملفات نحتاج إلى المنظمات التي توثق الجرائم واسماء المجرمين؛ لأنه لا يمكن محاسبة نظام بل أفراد. الأفراد إما أنهم ارتكبوا الجرائم او أمروا بالجرائم أو عرفوا بالجرائم ولم يقوموا بعمل أي شيء لوقف هذه الجرائم أو محاسبة مرتكبيها.

هذه المسائل لا يمكن أن تكون افتراضية بل مؤكدة بالأدلة على أن هناك من أعطى الأمر أو علم بالأمر ولم يتخذ أي موقف تجاهه. ومن ثَمَّ يجب العمل على موضوع التوثيق للجرائم والمجرمين والأدلة. وبالنسبة للجرائم التي تحصل في اليمن، من قنابل أو قصف عشوائي، القاضي لا يمكن له أن يذهب إلى اليمن للتحقق، ومن ثَمَّ ليس من السهل أو البسيط إثبات هذه الجرائم. لذلك يجب تقديم المعلومات والتوثيق كافة والأدلة أمام القاضي، كما يتوجب وجود الضحايا أمام القاضي.

هذه الصلاحية العالمية فتحت أفق للعدالة أمام العالم، رغم أنها حديثة، مثلاً في ألمانيا ضمتها في العام 2002، فيما ضمتها السويد والنرويج عام 2014.

الأساس الآن أن تتمسك المنظمات الحقوقية التي توثق بأن تبذل جهدها في التوثيق المهني ذي المعايير العالية الذي يمكن أن يستخدم دليلاً أمام المحاكم أو القضاء الأوروبي.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك تعاون بين المنظمات المحلية والدولية ذات الاختصاص العالي والخبرة في الملفات والجرائم ذات الصلاحية العالمية.

والأهم من كل ذلك، أن يكون هناك ضحايا لديهم الشجاعة الكافية، القادرين على مواجهة وكشف الحقائق وإعطاء الشهادة.

وعلى الرغم من الصعوبات فإن هناك أملاً للوصول إلى جزء من العدالة.

▪️ كلمة المحامي الدولي أنور البني في المؤتمر السنوي الأول لضحايا الانتهاكات في المملكة العربية السعودية الذي عقد بتاريخ 10 ديسمبر 2020.

AR