السعودية تمنح الجنسية بمزاجية وتحرم المستحقّين

16 نوفمبر، 2021

في 11 نوفمبر 2021، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز قرارا يقضي بمنح الجنسية السعودية لأفراد اعتبر أنهم كفاءات تعيش في المملكة العربية السعودية وتتمتع بكافة “الشروط الواجبة”، وذلك في ظل استمرار حرمان الآلاف ممن لا يمتلكون جنسية أخرى من حقهم بها في ظل قصور القوانين وغياب المعايير. .وحدد التعديل القانوني قطاعات مثل الطب والصناعة والطاقة والزراعة والجيولوجيا والفضاء والطيران والذكاء الاصطناعي وإنترنت من التخصصات المطلوب استقطاب كفاءاتها للحصول على الجنسية السعودية باعتبار أن هذه المجالات ستضيف المزيد من الكفاءات إلى البلاد.

ويعاني مئات الآلاف في السعودية من الحرمان من الجنسية، على الرغم من الترويج لتعديلات على نظام الجنسية في السعودية، لا زال أبناء المرأة السعودية محرومين من حقهم في الجنسية، إلا بشروط محدد. فبحسب المادة 7 من النظام “يكون سعوديا من ولد داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها لأب سعودي أو لأم سعودية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له”.

إضافة إلى أبناء السعوديات، يعاني مئات الآلاف من انعدام الجنسية داخل السعودية. لا يوجد بيانات رسمية لأعدادهم في السعودية، وذلك بسبب تغييب المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، إلى جانب انعدام الشفافية في التعامل الرسمي مع الملف. ينتمي معظم البدون إلى القبائل النازحة التي كان أهلها من البدو الرحل الذين يتنقلون عبر البلاد، ولم يقدموا على جنسية لأسباب مختلفة، يضاف إليهم الآلاف من الأفراد مواليد السعودية من عوائل المهاجرين وليس لديهم أي جنسية أخرى. وبحسب التقديرات التي نشرتها الصحف الرسمية منذ ستة أعوام يبلغ عدد عديمي الجنسية من أبناء القبائل النازحة ربع مليون شخص، يضاف إليهم مئات الآلاف من المحرومين من الجنسية لأسباب أخرى.

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 15 منه أن لكل فرد حق في “التمتع بجنسية ما”. على الرغم من ذلك تحرم السعودية مئات الآلاف من هذا الحق. يترتب على ذلك حرمانهم من حقوق أخرى، من بينها الحق في التملك والعمل والتنقل والتعلم والطبابة والزواج. مؤخرا، برزت مشكلات أخرى أمام هذه الفئة، حيث أن عدم حصولهم على رقم هوية أو جواز سفر يمنعهم من الحصول خدمات أساسية. ففي فبراير 2021، فعّلت الحكومة السعودية تطبيق توكلنا وجعلته إلزاميًا في الرياض لدخول المنشآت الحكومية وزيارة الأماكن العامة، إلا أن الأفراد الذين لا يحملون رقم هوية لا يمكنهم التسجيل به ما حرم عديمي الجنسية من الحق في التنقل. كذلك الأمر في تطبيق أبشر، وهو بوابة إلكترونية أسستها وزارة الداخلية السعودية كإحدى أهداف رؤية 2030 لرقمنة الخدمات الحكومية، لتسهيل الإجراءات على المواطنين والمقيمين بدلًا من مراجعتهم للدوائر الحكومية، وتشمل الخدمات معاملات وزارة الداخلية والجوازات، وغيرها.

قالت الحكومة السعودية مرارا أنها تعمل على إنهاء هذه المأساة وقدمت العديد من الوعود. في العام 2012 قال وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية اللواء عبدالرحمن بن عبدالعزيز الفدا عن قرب إصدار نظام لتجنيس “البدون”. بعد عقد على ذلك، لم تترجم هذه الوعود على الأرض، ولا زالت المعاناة مستمرة.

في نوفمبر 2018 أكد ولي العهد محمد بن سلمان اهتمامه بدراسة ملف البدون وقال أنه سيتم حله قريباً بعد الانتهاء من دراسته.

إضافة إلى ذلك، اتخذت الحكومة السعودية إجراءات متعددة على مدارالسنوات ولكنها كانت قاصرة عن حل جذور القضية. من بين ذلك في فبراير 2020 قالت الحكومة السعودية أنها اتخذت خطوات لتوثيق زواج وطلاق ووفاة الأفراد الذين لا يملكون هوية من خلال  البطاقات التي كانت قد أعطيت لعدد منهم. هذه الخطوات لم تتمكن من حل المشكل بشكل جذري وشكلت مسكنات بسبب الحملات الشعبية الكبيرة التي أطلقت.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن توزيع الجنسية في ظل حرمان الآلاف من حقهم بها، هو انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية. وترى المنظمة أن التعديل الجديد يعطي الملك الحق في التجنيس من دون إعطاء الأولوية لحقوق الأفراد. وتعتبر المنظمة أن الحلول المؤقتة والإجراءات التي لا تساهم في حل المشكلة من أساسها هي خطوات دعائية وليست إصلاحية وبالتالي لا يمكن التعويل عليها.

AR