السعودية تعدم الجنبي تعزيرا ولازال هناك طوابير من المهددين

3 أغسطس، 2021

في 3 أغسطس 2021، نفذت الحكومة السعودية حكماً بالقتل تعزيراً بحق الشاب أحمد بن سعيد الجنبي. وبحسب البيان الرسمي الذي أصدرته وزارة الداخلية حول الحكم، لم يواجه الجنبي تهما تتضمن القتل أو إراقة الدماء، بل إن عددا من تهمه كانت لها علاقة بالتظاهر.

التعزير هي عقوبة يقدرها القاضي، وأغلب الآراء الإسلامية ترى أن التعزير لايصل لحد القتل، لكن السعودية تتبع منهجا يعد واحدا من أكثر الأنظمة القضائية تطرفاً في الدول التي تقول أنها تتبع الشريعة الإسلامية.

الحكم بالقتل تعزيرا بحق الجنبي، صدر بناء على تهم بينها ما يتعلق بالمشاركة في المظاهرات والتعبير عن الرأي والمخدرات وإطلاق نار. ينقض ذلك وعود السعودية حول عدم استخدام عقوبة القتل بجرائم ليست من الأشد خطورة، والتصريحات حول تعديل القوانين ووقف أحكام القتل التعزيرية. كما صدر الحكم في ظل استمرار توثيق انتهاكات عديدة لشروط المحاكمات العادلة بما في ذلك انتزاع الاعترفات تحت التعذيب.
وكانت هيئة حقوق الإنسان الرسمية قد روجت في بيان لها لوقف أحكام إعدام القتل بجرائم مخدرات، وذلك على خلاف ما حصل في قضية الجنبي، بحسب البيان الرسمي. كما كان الإعلام الرسمي قد روج لتوجه يعمل على إعادة صياغة القوانين بما يوقف أحكام القتل تعزيرا، إلا أن قتل الجنبي، وآخرين بينهم مصطفى درويش مؤخرا، يؤكد زيف هذه الوعود.

تحيط السعودية قضايا المعتقلين بتكتم شديد، وترهيب للمجتمع والأهالي، يحد كثيراً من معرفة ما يجري في السجون والمحاكم، ولكن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تتابع وفق مايمكن رصده من قضايا المهددين بالإعدام. لم تتمكن المنظمة من رصد اسم الجنبي في قوائم المهددين بالإعدام أو المعتقلين، في أي وقت سابق، وأحيط اعتقاله بالكتمان، ولم تجر محاكمته بشكل علني، وذلك كسائر المحاكمات التي تجري في محكمة الإرهاب. يضاعف ذلك المخاوف على حياة أفراد آخرين لم يتم توثيق قضاياهم بسبب سياسة الحكومة السعودية في ترهيب الأهالي وفرض الصمت على المجتمع المدني، إلى جانب المخاوف على حياة 42 معتقل على الأقل تمكنت المنظمة من رصد قضاياهم.

مع تنفيذ الحكم، يصبح عدد الأحكام المنفذة منذ بداية 2021 حتى 3 أغسطس، 42 حكما، في زيادة بنسبة 68% من مجمل الإعدامات المنفذة خلال 2020.

ترى المنظمة أن إعدام الجنبي، بعد شهر ونصف تقريبا على إعدام القاصر مصطفى آل دوريش، يؤكد المخاوف التي كانت قد أثارتها المنظمة سابقا، والتي تتعلق بمؤشرات مقلقة وجادة تظهر إصرار السعودية على تنفيذ أحكام إعدام تعزيرية وتعسفية. كما تشير إلى أن الحكم تزامن مع مصادقة محكمة الاستئناف المتخصصة على حكم إعدام بحق الشاب محمد الشاخوري، بعد محاكمة بعيدة كل البعد عن شروط العدالة. يظهر ذلك أن الحكومة السعودية ماضية في تنفيذ موجة إعدامات جديدة.
قتل السعودية للجنبي إمعان في تجاهل الآراء الدولية والانتقادات، حيث كانت السعودية قد واجهت عدة انتقادات حادة على خلفية إعدام الدرويش أبرزها من البرلمان الأوروبي.

روجت السعودية بإستمرار لمسألة إعادة تأهيل المعتقلين، وذلك عبر عدة برامج أبرزها مركز محمد بن نايف للمناصحة، التي تقدمه على أنه مكان لإعادة تأهيل المعتقلين سواء من تطلق عليهم الإرهابيين أو معتقلي الرأي، وتقدمه على أنه مظهر من حسن التعامل مع السجناء، لإعادة تأهيلهم، ودمجهم من جديد في المجتمع.  في المقابل، فإن إعدامات الأشخاص اللذين حتى يواجهون مجرد تهمة قتل، أو حتى جرح أحد، يؤكد إنحياز السعودية للقسوة المفرطة والبطش والعنف وإراقة الدماء، في وقت يمكنها التعامل مع قضية الجنبي، وقضايا مثل مصطفى درويش، بهذا المنهج أو غيره، بعيدا عن القتل الذي من الواضح أنها تتخذه واحداً من أول وأسهل الخيارات.

تؤكد المنظمة أن مضي السعودية في تنفيذ الإعدامات التعزيرية وإستمرار تهديد حياة العشرات، هو نقض واضح للوعود الزائفة، ويظهر حقيقة التعامل الرسمي الشديد القسوة مع المواطنين، والذي هو ترجمة حقيقية لتوجهات الملك وابنه في التعامل مع الشعب.

AR