السعودية تؤيد إعدام ضحية التعذيب القاصر عبدالله الدرازي

24 أغسطس، 2022

في 9 أغسطس 2022، أيدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في المملكة العربية السعودية حكما بقتل القاصر عبدالله الدرازي (8 أكتوبر 1995م) تعزيرا، بعد محاكمة هزلية افتقرت لأبسط شروط العدالة.

مكث الدرازي لمدة ثلاث سنوات في السجن الاحتياطي قبل بدء محاكمته في أواخر أغسطس 2017. على الرغم من أخباره للقضاة – أثناء سير المحاكمة – أن الاعترافات التي قدمتها النيابة العامة كدليل ضده اُنتزِعت منه تحت وطأة التعذيب في فترة التحقيق التي حُرِم فيها من الاستعانة القانونية، أصدروا حكما بقتله تعزيرا بعد عدة جلسات استغرقت قرابة 6 أشهر (فبراير 2018). لم تقدم النيابة العامة أي دليل مادي على ارتكابه الجرائم المزعوم ما عدا الاعترافات التي طعن في صحتها.

في 27 أغسطس 2014م، اعتقلت عناصر من مركز شرطة جزيرة تاروت عبدالله الدرازي من وسط الشارع بعد الانهيال عليه بالضرب الشديد. كان عمره حينها ثمانية عشر عاما وعشرة أشهر. خلال مكوثه في مركز الشرطة تعرض للضرب وشتى أنواع التعذيب، بغية إرغامه على الإقرار باعترافات محددة له من قبل المحقق. عندما رفض ذلك، تحايل عليه أحد الضباط وهو مغمض العينين من أجل إقناعه بضرورة التبصيم على أوراق إطلاق سراحه بعد إيهامه بثبوت براءته لهم.

تفاجأ الدرازي بتحويله إلى سجن المباحث العامة في الدمام، وفيما بعد أكتشف أن الأوراق التي تم تبصيمه عليها هي اعترافات كتبها المحقق بيده. طوال فترة الحبس الاحتياطي التي بلغت ثلاث سنوات لم يمكن الدرازي من حقه الاساسي في الاستعانة القانونية، ما يشكل انتهاكا صارخا للأنظمة المحلية والقوانين الدولية. عُزِل الدرازي في زنزانة انفرادية لمدة ستة أشهر، وخلالها مورس بحقه التعذيب الجسدي والنفسي بغية إجباره على التوقيع على الاعترافات. خلال الثلاثة الأشهر الأولى لاعتقاله، كانت عائلته تجهل مصيره بسبب إخفاء الاجهزة الامنية السعودية مكان تواجده وعدم إبلاغهم عن ذلك.

تسبب التعذيب الذي مارسته عناصر من المباحث العامة بحق الدرازي بحروق حول العين وتكسر في الأسنان، بالإضافة إلى آلام في الركبة وفي الأذن، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى أكثر من مرة.

وجهت النيابة العامة للدرازي عدة تهم بعضها كانت في فترة الطفولة، ليس منها ما يصنف كجرائم جسيمة. من بينها: الاشتراك في تكوين خلية إرهابية تهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي في البلاد واستهداف رجال الأمن، المشاركة في المظاهرات والمسيرات، الاعتداء على الممتلكات العامة وإتلافها والقيام بأعمال التخريب والفوضى وإعاقة الطريق والسعي لإحداث الفتنة والفرقة والانقسام في البلاد، الاعتداء على رجال الأمن عبر رميهم بالزجاجات الحارقة (الملتوف)، تعطيل الطريق على المارة بحرق الإطارات، ترديد الهتافات المناوئة للدولة، المشاركة في تشييع أحمد المطر وتوزيع الماء أثناء ذلك، تنظيم التشييع. تقوم النيابة العامة بتضخيم واختلاق تهم لم ترد في دفاتر التحقيق والاقرارات المنتزعة تحت التعذيب، فلم يُذكر في إقرارات الدرازي أي ذكر لتكوين خلية إرهابية.  

قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة أجراها مع مجلة ذا اتلانتك الامريكية في 3 مارس 2022، أن السعودية “تخلّصت” من عقوبة الإعدام ما عدا فئة واحدة مذكورة في القرآن، وهي المتعلقة بجرائم القتل. شهدت السعودية في النصف الأول من العام الجاري تصاعدا مروعا غير مسبوق في تاريخها، حيث بلغت الحالات المنفذة مع نهاية يونيو 120 حكم إعدام. 81 حكم من بينها نفذتها السعودية في 12 مارس 2022، في مجزرة جماعية تعد الأكبر منذ تأسيسها. أكثر من نصف الضحايا لم توجه لهم تهما بالقتل، ما يوضح أن تصريحات محمد بن سلمان قبل 9 أيام من المجزرة كاذبة ومظللة، ولا يمكن الاعتماد عليها.

 تنعدم الشفافية في تعامل الحكومة السعودية مع ملف الإعدام. على الرغم من ذلك تمكنت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان من رصد 33 حالة لمعتقلين يواجهون مطالب وأحكام بالقتل في السعودية، أغلبهم لم توجه لهم اتهامات بارتكاب جرائم جسيمة.  سبعة من بينهم وجهت لهم تهما في فترة الطفولة، هم عبد الله الحويطي، جلال اللباد، يوسف المناسف، سجاد آل ياسين، حسن زكي الفرج، مهدي المحسن. ثلاثة من العدد الكلي (33) قد تقتلهم السعودية في أية لحظة بعد مصادقة المحكمة العليا على أحكامهم، واثنان آخران أيدت محكمة الاستئناف أحكام قتلهم، علاوة على القاصر عبدالله الدرازي.

تعتقد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن محاكمة القاصر عبدالله الدرازي تعسفية وتفتقر للمبررات القانونية، لكونها جاءت بعد انتهاكات صارخة لمعايير المحاكمات العادلة. كما ترى أن تأييد حكم القتل من محكمة الاستئناف يُعد تكذيب سعودي رسمي لتصريحات محمد بن سلمان التي زعم فيها التخلّص من عقوبة الاعدام. بالإضافة الى ذلك، تؤكد المنظمة أن هذا الحكم انتهاك واضح لاتفاقية حقوق الطفل ونظام الأحداث المحلي (2018) الذي يحظر إعدام الأطفال، كما يعد بمثابة استحقار للأمر الملكي الصادر في 2020 بوجوب تطبيق النظام.    

AR