الأمم المتحدة: السعودية تتبع نهجاً من التخويف والانتقام بحق أفراد لتعاونهم مع الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان

21 أكتوبر، 2020

قالت الأمم المتحدة أن المملكة العربية السعودية فشلت في الالتزام بتعهداتها الدولية فيما يتعلق بالتعاون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان.

وفي التقرير الذي صدر في إطار الدورة 45 لمجلس حقوق الإنسان والذي يستند إلى المعلومات التي تم جمعها في الفترة من 1 يونيو 2019 إلى 30 أبريل 2020، أعربت المفوضية السامية لمجلس حقوق الإنسان والأمانة العامة للأمم المتحدة عن القلق إزاء استمرار ورود تقارير عن أعمال التخويف والانتقام ضد الأفراد والجماعات التي تسعى إلى التعاون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان.

التقرير الذي عدد الانتهاكات في 21 دولة، أظهر نهجا متّبعا من الانتهاكات في السعودية بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وارتكابها أعمالا انتقامية بحقهم، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب والمضايقة. كما تضمن التقرير معلومات تتعلق بعشرة أفراد محتجزين.

الفشل في التعهدات الدولية:

في ديسمبر 2019، وجه الأمين العام المساعد لحقوق الإنسان خطياً، رسالة حول “أنماط التخويف والانتقام”. في 15 يوليو 2019، أعرب المكلفون بولايات في إطارالإجراءات الخاصة عن قلقهم البالغ إزاء إعدام 37 شخصاً في 23 أبريل 2019، بمن فيهم منير آل آدم الذي نُفِّذ إعدامه فيما كان احتجازه قيد نظر الفريق العامل المعني. وآل آدم هو من ذوي الإعاقة، وهو واحد من 14 شابا وجهت لهم تهم تتعلق بالمشاركة في المظاهرات المؤيدة للديمقراطية وواجهوا أحكام إعدام. في أغسطس 2018 طلب المقررون الخاصون أن تضمن الحكومة السعودية سلامته الجسدية والعقلية وأعربوا عن مخاوفهم من تعرضه لأعمال التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. بعد الإعدام، أشار الفريق العامل في رأيه الصادر في نوفمبر 2019، إلى أنهم اعتبروا احتجاز آل آدم تعسفي وأن قتله ضرر لا يمكن تعويضه. في 12 سبتمبر 2019 ردت الحكومة السعودية ونفت هذه المعلومات.

في نوفمبر 2019 أشار الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، إلى الحالات المتعلقة بالتعامل مع المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان وآليات حقوق الإنسان الأخرى التابعة للأمم المتحدة، وأوضح أن السعودية انتهكت التزاماتها الدولية في 60 حالة وأعرب عن قلقه من أن هذا يشير إلى مشكلة منهجية تتعلق بالاحتجاز التعسفي في السعودية والتي ترقى إلى مستوى انتهاك خطير للقانون الدولي.

أعمال إنتقامية بحق أفراد بسبب تعاونهم مع الأمم المتحدة:

التقرير أشار إلى أنه في يوليو 2019، كررت مجموعة من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان “مخاوفها الجادة بشأن جميع أعمال التخويف أو الانتقام ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين الاستقصائيين الذين يسعون إلى الانخراط أو التعامل مع الأمم المتحدة” في السعودية.

في نوفمبر 2019 أفاد الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، في رأي له أن السيد عبد العزيز يوسف محمد الشبيلي، من الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم)، محتجز تعسفياً، وأثار مخاوف خاصة بشأن الأعمال الانتقامية التي ارتكبتها الحكومة ضده لإبلاغه آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بمعلومات. ودعا الفريق العامل السلطات إلى ضمان الإفراج الفوري عنه وتعويضه.

في مارس 2018، أفادت الحكومة بأن السيد الشبيلي سُجن بموجب حكم نهائي في جرائم ارتكبت بموجب قانون الجرائم الإلكترونية، مما يشوه صراحة صورة هيئة كبار العلماء ويحتقر القضاء.

متابعة قضايا لأفراد تم ذكرهم في تقارير سابقة:

  • أشار التقرير إلى قضية المدافع عن حقوق الإنسان عبد الله الحامد، الذي أدى الإهمال المتعمد لموته في 24 أبريل 2020، بينما كان يقضي عقوبة السجن لمدة ست سنوات بسبب جملة أمور منها “نشر معلومات كاذبة إلى مجموعات أجنبية”. وكان الفريق العامل قد وجد احتجازه تعسفي وحث على إطلاق سراحه في أوقات سابقة.

ووفقاً للمعلومات التي أبلغت بها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، في 9 أبريل 2020، أصيب الحامد بجلطة دماغية في سجن الحائر، ودخل في غيبوبة، ونُقل إلى مدينة الملك سعود الطبية، حيث ظل في حالة حرجة. وبحسب ما ورد نتجت السكتة الدماغية عن ظروفه الاحتجاز السيئة والحرمان المنهجي من الرعاية الطبية الكافية من قبل سلطات السجن. وبحسب ما ورد حُرم السيد الحامد من المكالمات الهاتفية والزيارات عدة مرات، ورفضت سلطات السجن السماح له بإبلاغ أي شخص خارج السجن بتدهور صحته. في يناير 2020، نصح طبيب الحامد بإجراء عملية قسطرة قلبية، لكن إدارة السجن أخرت العملية لعدة أشهر، ولم يُسمح له بالبقاء في المستشفى في انتظار العملية.

  • قضية لجين الهذلول أدرجت في تقرير الأمين العام لعام 2019 حيث أفاد أنها اعتقلت بعد التعامل مع لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. في 27 سبتمبر 2019، حث المكلفون بولايات الإجراءات الخاصة السعودية على إطلاق سراح السيدة الهذلول، كما ذكروا أنه “من النفاق الصادم أن تظل السيدة الهذلول في السجن بسبب حملتها لتغيير القوانين التي تم تعديلها منذ ذلك الحين”. في 6 ديسمبر 2019 ، كتبت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد رسالة سرية إلى الحكومة، وفي فبراير 2020، حثت اللجنة السعودية علنًا على إطلاق سراحها من الاحتجاز المطول السابق للمحاكمة، وضمانها دون مزيد من التأخير الحق في محاكمة عادلة.

في 13 أغسطس 2019، أفادت وسائل الإعلام أن أمن الدولة السعودي زارها في السجن من أجل التفاوض على صفقة يتم بموجبها الإفراج عن السيدة الهذلول مقابل الإدلاء ببيان مصور ينفي تعرضها للتعذيب إلا أنها رفضت. انتقاما منها، وضعت الهذلول في السجن الانفرادي ولم يعد بإمكانها التواصل مع أسرتها.

  • أُدرجت قضية السيدة سمر بدوي في تقريري الأمين العام لعامي 2015 و 2019 بشأن مزاعم التهديد والاستجواب بعد بيانها في مجلس حقوق الإنسان في عام 2014. تم إبلاغ المفوضية السامية لحقوق الإنسان بأن بدوي مثلت أمام المحكمة الجنائية في الرياض في 27 يونيو 2019، دون تمثيل قانوني، لأول مرة منذ اعتقالها في يوليو 2018.
  • أُدرجت قضية السيد يحيى العسيري، من منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان، في تقرير الأمين العام لعام 2019 بشأن مزاعم التهديدات بالقتل والمضايقات عبر الإنترنت بسبب بيانه أثناء اعتماد الاستعراض الدوري الشامل في مارس 2019. ما ورد تم استجواب بعض المدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزات في عام 2018 حول معلومات أعطوها له واستخدمها في مجلس حقوق الإنسان.
  • أُدرجت قضية السيد محمد فهد القحطاني من جمعية حسم في تقارير الأمين العام للأعوام 2012 و 2013 و 2019. ويقضي القحطاني عقوبة بالسجن 10 سنوات والمنع من السفر 10 سنوات لتقديمه معلومات إلى مصادر خارجية، بما في ذلك آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
  • أُدرجت قضية السيد عيسى النخيفي، وهو مدافع عن حقوق الإنسان، في تقريري الأمين العام لعامي 2018 و 2019، بعد صدور حكم بالسجن لمدة ست سنوات، مع حظر السفر ووسائل التواصل الاجتماعي لمدة ست سنوات عند إطلاق سراحهم بسبب التعاون مع زيارة المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان للمملكة العربية السعودية في يناير 2017. أفاد الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي ، في رأيه الصادر في نوفمبر 2019 ، أن السيد النخيفي محتجز بشكل تعسفي.

في 8 أبريل 2019 ، طلب السيد النخيفي نقله من سجن مكة العام، حيث كان محتجزاً، إلى سجن جيزان ليتمكن من مقابلة أسرته، بما في ذلك والدته البالغة من العمر 80 عاماً، الأمر الذي رُفض. في أغسطس 2019 ، تم نقل السيد النخيفي بدلاً من ذلك إلى سجن الحائر في الرياض، لإعادة المحاكمة كما ورد.

  • أدرجت قضية السيد عيسى حامد الحامد، المدافع عن حقوق الإنسان وعضو الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم)، في تقريري الأمين العام لعامي 2018 و 2017 واعتبر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي أنه معتقل تعسفيا وطالب بالإفراج عنه.
  • أُدرجت قضية السيد فوزان محسن الحربي، المدافع عن حقوق الإنسان وعضو جمعية حسم، في تقريري الأمين العام لعامي 2014 و 2019 بشأن مزاعم الاعتقال والاحتجاز فيما يتعلق بتعاونه مع الأمم المتحدة. ذكرت قضية زوجة السيد الحربي، السيدة أمل الحربي، في تقرير الأمين العام لعام 2019 حيث أفادت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مايو 2020 أنه تم إطلاق سراحها من سجن ذهبان في مايو 2019، بعد أن تم اعتقالها في يوليو 2018 بسبب قيامها بحملة للإفراج عن زوجها.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن هذا التقرير يحمل جوابا كافيا عن أسباب محدودية نشاط المجتمع المدني من داخل السعودية في أعمال مجلس حقوق الإنسان. وتعتبر أن استهداف الحكومة السعودية للأفراد على خلفية نشاطهم الحقوقي الداخلي والخارجي، هو محاولة لفرض الصمت على الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة والتي ازدادت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة.

وتشير المنظمة إلى أن التعاطي الرسمي السعودي مع المدافعين والمدافعات الذين تعاونوا مع الأمم المتحدة يبرز حقيقة التعامل مع الآليات الأممية ككل، وهو ما يناقض ادعاءات الحكومة خاصة أمام مجلس حقوق الإنسان والتي تكرر فيه تعاطيها الإيجابي الكامل مع آليات حقوق الإنسان والتزامها بالتعهدات الدولية.

AR