قضيتا الشيخ الحبيب والقاصر مرتجى قريريص: خبراء أمميون يرون أن ممارسات السعودية قد ترقى إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان

15 يوليو، 2020

في 11 مايو 2020، أرسل مقررون خاصون في الأمم المتحدة رسالة إلى المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالاعتقال وسوء المعاملة التي تعرض لها كل من الشيخ محمد حسن الحبيب ومرتجى قريرص.

الرسالة وقع عليها كل من المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد؛ الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير؛ المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية؛ المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان؛ المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات؛ والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.

الشيخ حسن الحبيب:

أوضح المقررون الخاصون أن الشيخ الحبيب (56 عاما) هو رجل دين يقيم في مدينة صفوى، وكان مدافعا شهيرا عن حقوق الإنسان. المقررون الخاصون أشاروا إلى أن الشيخ الحبيب اتهم بإهانة رجال الدين والدعوة إلى الطائفية بناء على خطبة كان قد ألقاها تستنكر التمييز ضد الشيعة. في 17 يوليو عام 2015، بعد سلسلة من الهجمات ضد مساجد الشيعة والحسينيات، ألقى الشيخ الحبيب خطبة انتقد فيها المناهج المدرسية في البلاد وقال أنها تتضمن عبارات تمييزية ضد الشيعة. في 8 يوليو 2016، أثناء سفره إلى الكويت، اعتقل دون إذن من قبل جمارك معبر الخفجي الحدودي، وفي 21 يوليو 2016، قام أفراد من المخابرات السعودية بتفتيش منزله بدون إذن وصادروا ممتلكاته الشخصية بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة.

اعتقل الشيخ الحبيب بمعزل عن العالم الخارجي وفي الحبس الانفرادي، وتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة لفترة أربعة أشهر. مُنع من الاتصال بأسرته ومحاميه، ولم يحصل على أي علاج طبي، على الرغم من تأثره بمشكلات صحية حادة نتيجة تعرضه للتعذيب. وفي 27 أكتوبر 2016، مثل أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض. في 10 يوليو 2017 ، تمت تبرئته على أساس عدم كفاية الأدلة ولكن في 4 يناير 2018، تم إلغاء قرار المحكمة الابتدائية في الاستئناف، وحكم عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة التحريض على الطائفية وعلى الفتنة، بموجب قانون مكافحة الإرهاب.

في 30 أبريل 2018، اتهم الشيخ الحبيب بدعم الاحتجاجات في محافظة القطيف، التي تزعم الحكومة السعودية أنه يهدد النسيج المجتمعي والوحدة الوطنية، واتهم بمحاولة مغادرة البلاد من السعودية إلى الكويت، وانتهاك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. وفي 26 أغسطس 2019، أدانته المحكمة الجزائية الخاصة بهذه التهم. ويذكر أنه على الرغم من التحديات التي واجهها في التواصل مع محاميه، فقد تقدم الأخير بطلب النقض في 19 سبتمبر 2019 واعتراضًا رسميًا أمام المحكمة العليا في 12 يناير 2020.

في مارس 2020، أيدت المحكمة الحكم الأولي الصادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة، ولا يزال رهن الاحتجاز في سجن المباحث بالدمام. وبحسب الرسالة، بسبب تفشي كوفيد 19، تم تعليق زيارات السجون حتى إشعار آخر، ولا يمكنه الوصول إلى رعاية طبية مناسبة لحالته الصحية.

مرتجى قريريص:

الرسالة أشارت إلى أن مرتجى بن عبد الله قريريص، هو طالب يبلغ من العمر 19 عامًا من القطيف. في سن العاشرة، شارك في الاحتجاجات التي جرت في القطيف عامي 2011 و 2012، في سياق “الربيع العربي” والتي طالبت بحقوق الإنسان. كانت قضيته موضوع رأي من قبل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في دورته السابعة والسبعين في نوفمبر 2016 حيث خلص إلى أن احتجازه تعسفي ودعى إلى الإفراج عنه وتعويضه على الفور.

في 20 سبتمبر 2014، تم القبض عليه بدون مذكرة من قبل شرطة الحدود على جسر الملك فهد أثناء سفره إلى البحرين مع عائلته. وضع رهن الاعتقال في دار الأحداث في مدينة الدمام، حيث زُعم أنه محتجز في الحبس الانفرادي لمدة شهر  وخضع لاستجوابات عديدة دون حضور محامٍ أو وصي قانوني. تعرض للتعذيب لإجباره على التوقيع على اعترافات. خلال فترة احتجازه الانفرادي، سُمح له بزيارة عائلية واحدة استغرقت بضع دقائق فقط وظل رهن الاعتقال لمدة أربع سنوات، دون مقابلة محام، حتى مثوله أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في سبتمبر 2018 ليحاكم على أساس المشاركة في منظمة إرهابية، إلقاء قنابل مولوتوف على مركز للشرطة، و إطلاق النار على قوات الأمن.

طلبت النيابة العامة عقوبة الإعدام بحق قريريص، إلا أنه في 16 يونيو 2019، حكم عليه بالسجن 12 عاما. تم تعليق الاستئناف بسبب تفشي فيروس كوفيد 19، وهو معتقل حاليا في سجن المباحث بمدينة الدمام حيث يسمح له بزيارات عائلية شهرية.

الخبراء الأمميون، أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء الاضطهاد واستمرار اعتقال الشيخ محمد الحبيب ومرتجى قريريص، بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان ونشاطهم، كما أبدوا قلقهم إزاء ماقامت به السعودية من إستخدام قانون مكافحة الإرهاب ضدهم.

الرسالة أشارت إلى أن الحبيب وقريرص، تعرضوا للتجريم بسبب ممارستهم الحق في التعبير عن الرأي وانتقادهم سياسات الحكومة، إلى جانب استخدام التعذيب وسوء المعاملة ضدهم بهدف انتزاع اعترافات منهم. واعتبر المقررون الخاصون أنه إذا ثبت صحة هذه المعلومات فهذا يثير عددا من الاتجاهات المقلقة في سلوك السلطات الأمنية والقضائية التي ترقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

الرسالة طلبت من الحكومة السعودية تقديم أي معلومات إضافية حول الأساس القانوني لاعتقال وإدانة واحتجاز كل من الحبيب وقريرص، وكيف تتوافق مع المبادئ والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما فيما يتعلق بحرية التعبير، وحرية التجمع السلمي والتجمع، وحرية الدين أو المعتقد، وكذلك حقوق الأطفال.

إضافة إلى ذلك طلب المقررون الخاصون تقديم معلومات عما إذا كانت ادعاءات التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة بما في ذلك الإجبار على التوقيع على اعترافات، تم التحقيق فيها على النحو المطلوب بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، التي إنضمت لها السعودية.

وطلب المقررون الخاصون تقديم تفاصيل عن الوضع الراهن للسلامة البدنية والعقلية لكل من الشيخ الحبيب والسيد قريريص والتدابير المتخذة لضمان حصولهم على الرعاية الطبية المناسبة إلى جانب توضيح كيف تضمن تشريعات وسياسات الحكومة لمكافحة الإرهاب الحماية لجميع حقوق الإنسان. كما طالبوا بالكشف عن الأسباب التي أدت إلى فشل حكومة السعودية حتى الآن في تنفيذ رأي الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي الذي وجد أن احتجاز قريريص تعسفي.

تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن القلق على سلامة المعتقلين في السعودية تزايد مع مخاطر جائحة كوفيد 19، وعدم اتخاذ الحكومة السعودية أي إجراءات جدية للتخفيف من اكتظاظ السجون مثل إطلاق سراح الأطفال ومعتقلي الرأي.

وتؤكد المنظمة الأوروبية السعودية، أن عدم تجاوب الحكومة السعودية مع رأي الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في قضية مرتجى قريريص، يعبر عن توجهها العام في التعامل مع الآليات الأممية. وبانتظار نشر رد الحكومة السعودية على الرسالة الذي وصل في 8 يوليو 2020، وبالنظر إلى سياق الردود السابقة على الرسائل، لا تتأمل المنظمة أن يحتوي الرد على معلومات دقيقة بل على محاولات تضليل وتزييف للواقع. كما تشير إلى أن تعامل الحكومة السعودية مع القضايا التي تطرحها الهيئات الأممية لا يظهر جدية في التعاطي مع الانتهاكات من خلال فتح الملفات أو التحقيق مع المسؤولين عن الانتهاكات.

AR