السعودية تريد صلب الطفل مرتجى قريريص على خلفية اتهامات سياسية وجهت له بعمر 11 عاما

7 يونيو، 2019

في تطور بالغ الرعب، وضمن سياق استخدام السعودية لعقوبة القتل لتصفية أصحاب الرأي والمعارضين والمحتجين والاطفال، عبر الاستناد لنصوص دينية وأفهام متطرفة، طالبت النيابة العامة السعودية المرتبطة مباشرة بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في أغسطس 2018 بصلب الطفل مرتجى القريريص، أصغر سجين سياسي في البلاد، استناداً لاتهامات وجهت له حينما كان عمره 11 عاماً.

مرتجى (24 أكتوبر 2000)، اعتقل حين كان يبلغ من العمر 14 عاماً، وأودع في دار الملاحظة المخصصة لسجن الأحداث. وكان قد اعتقل في 20 سبتمبر 2014 من قبل موظفي جوازات جسر الملك فهد، حينما كان في طريقه لوداع والده المسافر مع أفراد من أسرته، دون أن يكن هناك استدعاء في وقت سابق، واكتفى موظف الجوازات بالإشارة إلى أنه مطلوب من قبل المباحث، دون توضيح المسوغات القانونية أو عرض مذكرة توقيف.

خلال فترة التحقيق تعرض مرتجى للإكراه والخداع من قبل المحققين، وبقي في الحبس الإنفرادي لمدة شهر، تعرض خلالها للتعذيب بالضرب، كما وعد مراراً بأنه سيتم الإفراج عنه في حال التعاون مع التحقيق والقبول بالتهم المنسوبة إليه. لاتعتبر دور الملاحظة مكاناً آمناً للاطفال، إذ تقع فيها ممارسات تعذيب ومعاملة مهينة وحاطة بالكرامة، كما أن هناك دعاوى حول قيام موظفيها بإرتكاب جرائم جنسية ضد الأطفال، وقد إشارت المنظمة في تقرير سابق لهذه الممارسات، ودعت للتحقيق فيها.

في مايو 2017، وبعد وعود السعودية بالإفراج عنه، تم نقله إلى سجن المباحث سيء السمعة، والمخصص للبالغين، على الرغم من كونه أنذاك يبلغ من العمر 16 سنة. تعرف سجون المباحث في السعودية بممارسة التعذيب والمعاملة السيئة، بشكل ممنهج.

شكّل قتل السعودية لأحداث في عمليتي الإعدام الجماعي في يناير 2016 وأبريل 2019، بداية تصاعد استهتارها الصارخ لحق الأطفال في الحياة، على خلفية اعتقالات أغلبها متعلقة بمظاهرات بدأت منذ مطلع 2011، وتهم أكثرها لاتصنف ضمن الجرائم الأشد خطورة، واستناداً في إصدار أحكام قتلهم لنهج متطرف ومتشدد يستخدمه القضاء، متجاوزة بذلك كل التصريحات الرسمية التي لطالما نفت إصدار الحكومة وتنفيذها أحكام إعدام بحق قاصرين.

وبحسب الإحصائيات المتوافرة، فإن القاصرين المهددين بالإعدام يبلغوا حالياً أربعة. فإلى جانب مرتجى، يوجد أيضاً المعتقلين علي آل نمر وداوود المرهون وعبدالله الزاهر، المهددين في أي وقت بقطع رؤوسهم، في ظل أحكام نهائية بالإعدام صدرت بحقهم منذ قرابة الأربع سنوات، بعد محاكمات هزلية افتقدت لأبسط معايير العدالة.

حُرِم مرتجى من أغلب حقوقه الأساسية، وأبرزها حرمانه الكامل من الحصول على أي مساندة قانونية أو محام، لما يقرب من أربع سنوات منذ اعتقاله. ولم يسمح له بذلك إلا بعد بدء محاكمته، حيث وجهت له النيابة العامة خلال أول جلسة عقدت له في المحكمة في 16 سبتمبر 2018، خليطاً من التهم، بعضها يتعلق بمشاركته في المظاهرات وبعض أشكال الإحتجاجات كالهتافات المطالبة بالحقوق أو المعبرة عن آراء سياسية، وبعضها تهم فضفاضة مثل إثارة الفتنة الطائفية، والإرهاب، وإثارة الشغب. كذلك أتهم بحمل مكبر الصوت أثناء سير المظاهرات، وإطلاق النار على سيارة دبلوماسية والعربات المدرعة، وورمي الحجارة وزجاجات المولوتوف على مركز للشرطة، ومراقبة سيارات الشرطة والعربات المدرعة، وإمتلاك مسدس، وإغلاق الشوارع بالإطارات وإحراقها، وعصيان ولي الأمر.

لم تقدم النيابة العامة في دعواها، أدلية مادية، موضحة إن التهم عبارة عن إعترافات، وشهادات ضد مرتجى من قبل سجناء آخرين، بعضهم رصدت المنظمة في أوقات سابقة، ما تعرضوا له من تعذيب وترهيب وإكراه.

تردد السعودية بشكل مستمر، إنها لاتطبق عقوبة الإعدام إلا على الجرائم الأشد خطورة، والتي يقصد بها القتل المتعمد، غير إن نسبة كبيرة من الإعدامات المنفذة، لاينطبق عليها ذلك، وهذا ما ينطبق على مرتجى، حيث لاتتضمن أي من التهم الموجة إليه تهمة بالقتل.

وكانت النيابة العامة ومن أجل تبرير المطالبة بقتله وصلبه، قامت بحشر العديد من النصوص الدينية التي تتحدث عن حرمة القتل المتعمد، بالرغم أنها لم توجه لمرتجى تهمة بالقتل أو حتى جرح شخص، ولم تقدم دليلاً ملموساً بحيازته لسلاح ناري، وهذا يوضح -بحسب رأي المنظمة- ليس فقط استخدام السعودية للأفهام المتطرفة للنصوص الدينية لتصفية المتظاهرين وأصحاب الرأي، بل يظهر علاوة على ذلك، استخدامها المعيب جداً للنصوص الدينية، وحشرها في موارد غير ذات صلة بشكل واضح، من أجل إضفاء شرعية دينية على أحكامها الجائرة.

إلى جانب ذلك، يشكل تهديد حياة مرتجى بالقتل صلباً، تجاهلا صارخا لقرار الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي الذي صدر في يناير 2017، حيث نشر الفريق رأيه بقضية قاصر من مواليد العام 2000، معتقل في السعودية، وطالب بالإفراج الفوري عنه مستعرضاً ما تعرض له من إنتهاكات.

وفيما كانت السعودية قد تغنت بتحديثات على نظام الأحداث في نوفمبر 2018 تنص على عدم إصدار أحكام إعدام بحق أي طفل، وتبديل حكم الإعدام إلى السجن 10 سنوات، فإن قضية مرتجى تضاف إلى إعدام 6 أطفال على الأقل في أبريل 2019، لتؤكد عدم جدوى القوانين السعودية، وأن الجهات الرسمية هي من تتجاهل الأنظمة المحلية.

ترى المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان أن طلب الإعدام بحق الطفل مرتجى قريرص إنتهاكاً واضحاً وصارخاً لكافة القوانين المحلية، والمعاهدات الدولية التي انضمت لها. وتشير المنظمة إلى أن تهديد حياة مرتجى يشكل العبء النفسي الأكبر على أسرته، حيث أن أخاه الأكبر الناشط علي قريريص قتل جراء استهداف قوات الأمن السعودية المتظاهرين السلميين في 23 ديسمبر 2011 بالرصاص بقصد القتل، كما أن أبيه عبدالله، معتقل بسبب نشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان، رغماً عن حالته الصحية المتدهورة، كذلك أخاه الناشط رضا موقوف في سجن مباحث الدمام منذ الأول من يونيو 2014، مايشكل نموذجاً لعشرات الأسر المضطهدة في السعودية، والتي عبرها توصل الحكومة رسائل الترهيب للأهالي والنشطاء.

يُبْطِلُ الإستمرار بقتل وتهديد حياة الأطفال، ما تروجه السعودية من وجود إصلاحات وتغييرات في مجال حقوق الإنسان، كما أنه يؤكد ضرورة محاسبتها على الإنتهاكات المتكررة وخاصة بصفتها دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان للمرة الرابعة وإلتزاماتها بموجب إتفاقية حقوق الطفل وإتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية.

AR