السعودية تقتل مواطنا مصريّا بتهم غير جسيمة بعد محاكمة غير عادلة، وتتجاهل طلب العائلة بإعادة الجثمان

19 فبراير، 2020

أعدمت حكومة المملكة العربية السعودية المواطن المصري (معمر القذافي محمد ناجي محمد القناوي) تعزيراً بتهمة تهريب حبوب الإمفيتامين المحظورة، وذلك في 14 يناير 2020 في مدينة تبوك.

الإعدام أعلن عنه في بيان صادر عن وزارة الداخلية نشرته وكالة الأنباء السعودية، ليكون رابع حكم إعدام بتهم مخدرات من أصل 10 أحكام نفذت حتى 15 فبراير 2020.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان انطواء محاكمة الفناوي على العديد من الانتهاكات للقوانين الدولية. فإضافة إلى أن أصل حكم الإعدام بتهم مخدرات هو انتهاك للقانون الدولي على اعتبار أن هذه التهمة ليست من الأشد خطورة، انعدمت شروط العدالة خلال مرحلة الاعتقال والمحاكمة.

فبحسب المصادر المقربة، عمل القذافي كسائق آليات ثقيلة، وكان يؤدي مهمة نقل شاحنة محملة بالبصل من مصر إلى السعودية، حين اعتقلته القوات الأمنية من جمرك ميناء ضباء في 10 أغسطس 2017 بعد اكتشاف وجود حبوب مخدرة في الشاحنة التي كان يقودها.

القوات الأمنية عمدت إلى ضرب القذافي على جسده ووجهه، ثم اقتادته إلى مركز الشرطة ومن ثم إلى سجن تبوك، حيث تم تعذيبه جسديا ونفسيا. فإضافة إلى الضرب بالأيدي والأرجل، عمد أحد رجال الأمن إلى وضع رجله على رأس القذافي والضغط عليها، إضافة إلى شتمه وعائلته. وبحسب المعلومات لم يتمكن القذافي من حضور جلستين من محاكمته بسبب الإصابات التي تعرض لها خلال التعذيب.

لم تعرف عائلة القذافي باعتقاله، ولم يتم إبلاغ السفارة المصرية هناك، ولم تتمكن من التواصل معه. بعد شهر تقريبا على الاعتقال، وفي سبتمبر 2017، اتصل القذافي من خلال هاتف أحد السجناء بعائلته حيث أخبرهم باعتقاله وبالتعذيب والمعاملة السيئة التي خضع لها.

القذافي قال لعائلته أنه لا يعرف أن الشاحنة كانت تحمل مواد مخدرة، كما أكد أنه سمع ضباطاً على ميناء ضباء يهمسون بأنه سيحمل وزر هذه التهمة مهما كانت الظروف. وقال القذافي أنه أجبر على التبصيم على ورقة أقرار لم يكن يعرف محتواها، حيث أخبره المحقق بأن هذه الورقة تضمن إعادته إلى مصر من أجل محاكمته هناك، إلا أنه تبين لاحقا أنها ورقة إقرار على اعترافات.

لم يحصل القذافي على حقه في الدفاع عن نفسه، حيث لم يتم تعيين محام له، كما لم تتمكن العائلة من تعيين محام بعد تواصلها مع أحد المحامين في السعودية بسبب التكاليف المرتفعة. حاولت العائلة التواصل مع السفارة المصرية في السعودية ووزارة الخارجية وعدد من الجهات المعنية بشؤون المصريين في السعودية، إلا أنها لم تتمكن من تأمين محام له، وأشارت هذه الجهات إلى أنه اعترف بالتهم المنسوبة له من خلال الورقة التي بصم عليها، وبالتالي لا يمكن مساعدته.

خلال جلسات المحاكمة، أكد القذافي أمام القاضي أنه أجبر تحت الإكراه على التبصيم على ورقة لم يعرف محتواها، ونفى التهم التي وجهت له، إلا أن القاضي لم يعمد إلى التحقق من ذلك، واعتمد على الإقرارات في الحكم عليه بالإعدام تعزيرا في يونيو 2018.

في 14 يناير 2020، تلقى أخو القذافي مكالمة من أحد النزلاء في سجن تبوك، حيث أخبره بأنهم لم يجدوا القذافي الزنزانة صباحا وأن هناك أخبار في داخل السجن تفيد بتنفيذ الحكم بحقه. حاولت العائلة التحقق من المعلومة، ولم تتمكن من ذلك إلى أن وجدت الخبر في أحد الصحف الرسمية السعودية.

بعد نشر خبر تنفيذ الحكم، ذهبت عائلة القذافي إلى وزارة الخارجية المصرية من أجل المطالبة بأوراق تثبت تنفيذ الحكم، وشهادة وفاة إلى جانب المطالبة بالجثمان من أجل دفنه. لم تحصل العائلة على أي إثباتات، وبعد مرور أسبوعين على تنفيذ الحكم عاودت العائلة مرة أخرى مطالبة وزارة الخارجية بالتدخل للحصول على شهادة وفاة والجثمان من دون نتيجة.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن استمرار إصدار أحكام الإعدام بناء على تهم مخدرات هو انتهاك صارخ للقانون الدولي، كما ترى أن الحكم بحق المواطن المصري معمر القذافي محمد ناجي الفناوي تضمن تجاوزاً قانونياً صارخاً، نظير صدوره بناء على اعترافات منتزعة تحت التعذيب وبعد محاكمة افتقدت لشروط العدالة كافة، وخاصة الحق بالدفاع عن النفس.

تشدد المنظمة على أنه مع تنفيذ الحكم رغم الانتهاكات فإن سبيل الانتصاف الوحيد، هو التحقيق في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها من قبل رجال الأمن في ميناء ضباء وفي سجن تبوك، ومحاسبة المسؤولين عنها، وعن تجاهل هذه المزاعم. إضافة إلى ذلك تؤكد المنظمة على ضرورة تسليم جثمان الضحية إلى العائلة لضمان حقهم في دفنه.

وترى المنظمة أن ارتفاع تنفيذ أحكام الإعدام في السعودية بناء على تهم مخدرات وخاصة بحق الأجانب، هو دليل صارخ على عدم جدوى هذه الأحكام لوقف الجرائم بحسب زعم الحكومة، حيث قتل خلال 2019، بحسب إحصاءات المنظمة، 84 شخصا بتهم مخدرات، 6 منهم من الجنسية المصرية.
إن على سفارات ووزارات خارجية الدول تفعيل دورهم في حماية رعاياهم الذين يعملون في السعودية، في ظل غياب العدالة عن النظام القضائي السعودي.

AR