السعودية تصعد: أول إعدام موثق لصحفي

في تصعيد خطير وغير مسبوق، أعلنت وزارة الداخلية السعودية في 14 يونيو 2025 تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي تركي الجاسر.

بحسب البيان واجه الجاسر تهمة الخيانة وهي تهمة غامضة تصاعد استخدام السعودية لها خلال العامين الآخرين، حيث قالت الوزارة أنه اتهم “بالخيانة العظمى من خلال التخابر والتآمر على أمن المملكة مع أشخاص خارجها، إضافة إلى تلقيه مبالغ مالية منهم بغرض تمويل الأنشطة الإرهابية، وتعريض الأمن الداخلي والوحدة الوطنية للخطر وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة”.

 ويعد إعدامه أول حالة موثقة لصحفي، ما يثير قلقًا بالغًا على مصير عشرات المخفيين قسريًا والمعتقلين في السجون الانفرادية من معتقلي الرأي والصحفيين وغيرهم.

كان الجاسر قد اعتُقل في 15 مارس 2018، بعد مداهمة منزله في الرياض على أيدي ضباط من جهاز المباحث بملابس مدنية. صادرت القوات أجهزته الإلكترونية ومحفظته، وتم اقتياده إلى مكان مجهول. وبحسب المعلومات اعتقل الجاسر بعد اكتشاف إدارته لحساب باسم وهمي عبر موقع تويتر (x)، وهو موقع كشكول الذي كان ينشر تغريدات تتعلق بالاعتقالات وانتقاد السياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المواقف المعارضة.

 منذ لحظة اعتقاله، تعرض الجاسر للإخفاء القسري ومنع من التواصل مع عائلته والعالم الخارجي إلا لمرات معدودة، حتى انتشرت إشاعات عن وفاته تحت التعذيب خلال الاعتقال. إضافة إلى ذلك، لم تعلن السلطات السعودية عن أي تفاصيل قانونية تخص محاكمته، ولم يصدر أي حكم علني بحقه، في انتهاك جسيم لمبادئ العدالة والشفافية.

بإعدام الجاسر، وحتى 16 يونيو، ارتفع عدد حالات الإعدام التي نُفذت في السعودية منذ بداية عام 2025 إلى 150 ، ما يجعل هذا العام من أكثر الأعوام دموية، في ظل  توسيع التهم التي نفذت الأحكام بناء عليها، بينها إعدام 17 مواطن صومالي بتهم الحشيش.

تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن إعدام الصحفي تركي الجاسر، يأتي فيما تحتل السعودية المرتبة 166 من أصل 180 وفق مؤشر حرية الصحافة لمراسلون بلا حدود، وفي ظل اعتقال 19 صحفي على الأقل. بالتالي يعتبر قتله تدهورا إضافيا في حرية الصحافة والحق في التعبير.

وفيما يعد إعدام الجاسر أول حكم قتل موثق بحق صحفي، فإن الانتهاكات بحق الصحفيين تصاعدت خلال السنوات الأخيرة. من بين ذلك القتل خارج نطاق القضاء، حيث قُتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وقُتل المصوران حسين الفرج (2014) وزهير السعيد (2012) برصاص القوات السعودية خلال تغطيتهم لمظاهرات في العوامية. إضافة إلى ذلك سجلت وفيات لصحفيين ومدونين داخل السجن في ظروف غامضة، حيث برزت حالة صالح الشيحي، الذي أُفرج عنه بعد اعتقاله بظروف قاسية وتوفي بعد فترة قصيرة وسط شكوك قوية بحدوث انتهاكات أثناء احتجازه.

إضافة إلى ذلك،  يؤكد توثيق المنظمة الأوروبية السعودية أن 62 شخصا على الأقل، يواجهون حاليًا خطر الإعدام بتهم سياسية أو تتعلق بالتعبير عن الرأي، بينهم 8 قاصرين.

ترى المنظمة أن إعدام تركي الجاسر يشكل انتهاكًا غير مسبوق، ورسالة قاتمة حول مستقبل حرية التعبير والحريات الأساسية، كما أنه ينذر بمستقبل أكثر سوادًا، سواء من حيث عدد الإعدامات أو نوعية المستهدفين بها.

EN