عام من الرعب: السعودية تمعن في معاقبة المصريين المحكومين بالقتل في تبوك

يقبع 28 سجين من الجنسية المصرية حاليا، في سجن تبوك في شمال المملكة العربية السعودية، ينتظرون تنفيذ أحكام بقتلهم في أي لحظة. ومع وصول عدد الأفراد الذين تم إعدامهم من نفس السجن إلى 6 منذ بداية 2025، كلهم واجهوا تهما تتعلق بالمخدرات، يصبح الخطر على حياة المتبقين في العنبر أشد.  

 في مايو 2024، عادت السعودية إلى تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، بعد تسعة أشهر من التوقف. العودة إلى التنفيذ بعد انقطاعات متكررة أحدها استمر لمدة سنتين تقريبا من يناير 2020 الى نوفمبر 2021، شكّل نوعا من التعذيب النفسي الشديد. وإلى جانب وقف التنفيذ، كان المحكومون قد تلقوا وعودا متعددة من قبل السجانين تارة وبشكل رسمي تارة أخرى بتغيير أحكامهم، من بين ذلك إعلان هيئة حقوق الإنسان الرسمية في يناير 2021 وقف تنفيذ أحكام القتل في قضايا المخدرات واعتبار ذلك إعطاء فرصة أخرى للمحكومين في جرائم غير عنيفة.

منذ عودة الإعدامات بأرقام مرتفعة وغير مسبوقة، عم الرعب والخوف عنابر السجون التي تضم المعتقلين المحكومين في قضايا مخدرات وبينهم سجن تبوك الذي يضم العشرات من جنسيات مختلفة وبينها السعودية، الأردنية، السورية، المصرية، السودانية.

تمكنت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان من تتبع بعض قضايا المحكومين في سجن تبوك، على الرغم من الترهيب والتخويف وانعدام الشفافية الرسمية، ورصدت تتابع الأحداث الذي وسّع من الرعب الذي يعيشه المحكومون بالقتل خلال عام:

أغسطس 2024:

وثقت المنظمة عددا من قضايا المحكومين المصريين، حيث كشفت عن انتهاكات جسيمة منذ لحظة اعتقالهم، شملت التعذيب الجسدي، وسوء المعاملة، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، إضافة إلى ضغوط نفسية متكررة عبر الوعود المتكررة بتخفيف الأحكام، وخصوصًا في ظل تجميد سابق لتنفيذ الإعدامات، إضافة إلى تخويف المعتقلين من النشر والحديث عن القضايا.

سبتمبر 2024:

أبدت 30 منظمة غير حكومية مخاوفها الشديدة على حياة المئات من السجناء المهددين بالقتل إعداما في السعودية بتهم مخدرات، بينهم 33 مصريا في عنبر واحد في سجن تبوك.

نوفمبر 2024:

في السابع والعشرين من نوفمبر 2024، قامت إدارة السجن بنقل جميع المحكومين بالإعدام إلى غرفة واحدة مكتظة، وُضعوا. فيها ضمن ظروف احتجاز بالغة القسوة، أبرزها عدم توفر أسرّة كافية. وقد استمر هذا الوضع لأكثر من شهرين، دون أي تحرك لمعالجة معاناة المحتجزين أو مراعاة الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.

ديسمبر 2024:

 في الثالث من ديسمبر، وبعد إعدام ثلاثة مواطنين مصريين، أدان مقرران خاصان بالأمم المتحدة ممارسات السعودية، أكدا أن تهم المخدرات لا تدخل ضمن الجرائم الأشد خطورة وفق القانون الدولي، وبالتالي فإن إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بحق هؤلاء المعتقلين يشكل انتهاكًا للمعايير الدولية، ودعوَا الحكومة إلى الوقف الفوري للإعدام الوشيك لأشخاص آخرين من مصر والأردن.

لاحقًا، وتحديدًا في أواخر ديسمبر، شهد الوضع مزيدًا من التضييق، حيث تم استدعاء شقيق أحد المعتقلين المصريين داخل السعودية، كما سُجّلت حالات اعتقال واستدعاء في مصر لأقارب معتقلين طالبوا السفارة المصرية بالتدخل لحماية أبنائهم، ما يعكس محاولات ترهيب واسعة لردع أي مطالبات بالعدالة أو الكشف عن الانتهاكات.

حتى نهاية عام 2024، بلغ عدد الإعدامات في سجن تبوك بسبب قضايا مخدرات فقط أربعة وعشرين حالة، توزعت على الجنسيات التالية: عشرة من مصر، خمسة من سوريا، ستة سعوديين، وثلاثة أردنيين.

فبراير 2025:

في الثامن عشر من فبراير 2025، بدأ عدد من المعتقلين إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على حرمانهم من التواصل الطبيعي مع عائلاتهم، وفرض قيود صارمة على أرقام الاتصال المتاحة. كما تعرض المعتقلون لمعاملة مهينة أثناء نقلهم إلى العيادة الطبية داخل السجن، حيث كانوا يُجبرون على الذهاب حفاة الأقدام ومكبلي الأيدي، وهو ما دفع عددًا منهم إلى التراجع عن طلب المعاينة الطبية رغم معاناتهم من أمراض مختلفة خوفًا من تلك المعاملة.

أبريل 2025:

وفي الرابع عشر من أبريل 2025، وبعد توقف الإعدامات خلال شهر رمضان وعيد الفطر، عادت السلطات مجددًا لتنفيذ الأحكام، حيث أُعدم معتقل سوداني في صباح يوم السابع عشر من الشهر، بعدما تم إيقاظه من نومه وسحبه إلى ساحة التنفيذ. هذا الحدث أثار ذعرًا بالغًا داخل السجن، وعمّق مخاوف المعتقلين الآخرين من أن يكونوا في الدور القادم دون سابق إنذار.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن المعاناة المستمرة التي يعيشها السجناء المحكومون بالإعدام في سجن تبوك، تمثل حالة من التعذيب لهم ولعائلاتهم وانتهاكا للمعايير والقوانين الدولية التي تشدد على أن تتم عقوبة الإعدام في البلدان التي لا زالت تطبقها مع مراعاة الحد الأدنى من المعاناة.

فإلى جانب الشوائب الجسيمة في المحاكمات والتي تفقدها صفة العدالة، تشير المنظمة إلى تقرير مقرر الإعدام لعام 2017 الذي يؤكد أنه ينبغي للدول أن تعترف بأسر المحكومين بالإعدام كضحايا وأن توفر لهم الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي، بما في ذلك الحق في الحصول على معلومات كاملة عن مصير أقاربهم. وإلى تقريره لعام 2019 الذي يعتبر أن الإعدام الذي يُنفذ دون إخطار مسبق للعائلة، أو مع منعهم من الزيارة، هو شكل من أشكال التعذيب النفسي. ولهذا فإن حقوق العائلة يجب أن تُصان، ويجب توفير آلية لإبلاغهم وتوديع المحكومين.”

تعتبر المنظمة أن السعودية في تجاهلها لحقوق المحكومين بالإعدام وتعريضهم للتعذيب النفسي الشديد إلى جانب عائلاتهم ولسنوات طويلة، تزيد من دموية عقوبة الإعدام، وتجهل منها عقوبة أكثر تعسفا وبطشا.

AR