بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحاياه: السعودية ودول المنطقة تستخدم التعذيب كأداة قمع عابرة للحدود

بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، والتي يتزامن مع دخول اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حيز التنفيذ، دعت 8 منظمات حقوقية، دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى
الوفاء بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقية، من خلال اتخاذ خطوات جادة لإنهاء ممارسة التعذيب ومحاسبة الجناة. 

البيان الذي وقعت عليه المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أوضح أن  التعذيب يعرّف في المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه “أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما”. يحظر التعذيب حظراً مطلقاً في القانون الدولي، مما يعني أنه لا يوجد استثناء يمكن أن يبرر مثل هذه الممارسات. كما تم الاعتراف بحظر التعذيب كجزء من القانون الدولي العرفي، وبالتالي فهو ملزم لجميع الدول، بغض النظر عما إذا كانت أو لم تكن طرفاً في اتفاقية مناهضة التعذيب.

وأشارت المنظمات إلى أن كل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الاتفاقية، وبالتالي فهي ملزمة بالحظر المطلق للتعذيب. ومع ذلك، وكما يتضح من أعمال المراقبة التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني، فإن التعذيب – مثل العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى – لا يزال ممارسة منتشرة في جميع أنحاء المنطقة. واعتبر البيان أن ذلك يرجع جزئياً إلى عدم محاسبة الجناة وإساءة استخدام مكافحة الإرهاب المفترضة كذريعة للتعذيب.

المنظمات أكدت أن التعذيب انتهاك جسيم لكرامة الإنسان ومحظور تماماً بموجب القانون الدولي. ومع ذلك، فإن السجون ومراكز الاحتجاز في البلدان في جميع أنحاء المنطقة تستخدم التعذيب بشكل منهجي. السجناء والمعتقلون هم الأكثر عرضة لمثل هذه الممارسات ويحرمون باستمرار من حقهم في المعاملة الكريمة.

وشدد البيان على أن هذه البلدان تستخدم أساليب مختلفة للتعذيب تتراوح من إلحاق أذى بدني شديد، إلى تعريض الضحايا لمعاناة عقلية ونفسية تتطور غالباً إلى اضطراب معقد ما بعد الصدمة. لا شك أن التعذيب له آثار مدى الحياة ليس فقط على رفاهية الضحية الجسدية والعقلية، ولكن أيضاً على المجتمع ككل. 

وأشارت إلى أنه عادة ما يتم تسهيل ممارسة التعذيب من خلال سياق الإفلات من العقاب الذي يسمح باستخدام العنف. ومن الأمثلة على ذلك البلدان التي دمرتها الحروب مع مؤسسات حكومية منقسمة و/أو غير مستقرة، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، والأنظمة الاستبدادية القمعية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والدول التي تدمرها الفساد كما لبنان. 

المنظمات اعتبرت أن دول مثل السعودية والإمارات تسيء إستخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لدمج المعارضة السياسية بالإرهاب. وهذا يمكّنهم من اعتقال واحتجاز الأفراد، غالباً في أماكن سرية و بمعزل عن العالم الخارجي، وبالتالي خلق بيئة مواتية لارتكاب التعذيب. يمكن تبرير أي انتقاد للحكومة على أنه “تهديد للوحدة الوطنية” ويتم التعامل معه على أنه جريمة إرهابية، مما يعطي مساحة كافية للمسؤولين لاستخدام التعذيب.

وأوضحت أنه في المملكة العربية السعودية، يستخدم المسؤولون العنف بانتظام منذ لحظة الاعتقال وحتى الإدانة. تلقت منظمات المجتمع المدني تقارير عن قيام مسؤولين سعوديين باستخدام أساليب تعذيب وحشية ومروعة، بما في ذلك الجلد والضرب بعصا كهربائي وتقييد وتعليق الأفراد من المعصمين من السقف، والصعق بالكهرباء، والحرمان من الطعام والنوم، والحبس الانفرادي المطول، والإيهام بالغرق، والحرمان من الرعاية الطبية، والتحرش والاعتداء الجنسيين، والتهديد بالاغتصاب والإعدام، من بين أفعال أخرى.

غالباً ما يستخدم التعذيب في السعودية للإكراه على اعتراف كاذب يتم تقديمه بعد ذلك في المحكمة كدليل على إدانة الأفراد. في قضية حديثة تتعلق بالعديد من الشباب الذين يواجهون الإعدام، أدين جميع المتهمين بسبب أفعالهم عندما كانوا قصر وتعرضوا للتعذيب والاعتقال. 

في الإمارات العربية المتحدة، يُستخدم التعذيب أيضاً كأداة لانتزاع الاعترافات وإدانة الأفراد بناءً على تهم ملفقة. وغالباً ما يُحتجز بعض المعتقلين بعد انتهاء مدة عقوبتهم بذريعة “إعادة التأهيل”، ويتعرضون لفترات احتجاز مطولة أو غير محددة والتي ترقى أيضاً إلى شكل من أشكال التعذيب.

في لبنان، قام المسؤولون بقمع اللاجئين السوريين، وترحيل العديد منهم إلى سوريا، حيث قد يواجهون التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان لمعارضتهم نظام الأسد. مع تقديم هولندا وكندا شكوى إلى محكمة العدل الدولية ضد سوريا بشأن التعذيب الذي ارتكبته الحكومة، يبدو أن الطريق إلى المساءلة ممكن. 

في اليمن، سمحت الحرب لمختلف الجهات الفاعلة بارتكاب التعذيب. على سبيل المثال، تعرض رجلان للتعذيب على أيدي القوات الإماراتية في مركز اعتقال سري يقع في مصنع الغاز توتال إنرجي في بلحاف. وبالمثل، فإن التعذيب ممارسة منتشرة تعصف بالعراق الغير مستقر والذي دمرته الحرب. في مصر، وجدت الأمم المتحدة أنه في سياق الإفلات من العقاب، “إنتشر التعذيب وأصبح منهجياً”. لقي أكثر من 1000 مصري مصرعهم في المعتقلات والسجون المصرية منذ عام 2013، وكثير منهم ماتوا بسبب التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. 

المنظمات أكد أنه يستمر التعذيب في لعب دور في القمع العابر للحدود، حيث تقوم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتسليم المعارضين والناشطين بغض النظر عن الخطر الوشيك بالتعرض للتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان. وأشار البيان إلى أن المغرب رحل مؤخراً المواطن السعودي حسن آل ربيع، ما أدى إلى إخفائه قسرياً لعدة أشهر، في ظل مخاوف من تعرضه للتعذيب وانتهاكات عديدة. وبالمثل، سلم الأردن المعارض خلف الرميثي إلى الإمارات رغم مخاوف من تعرضه للتعذيب.

مع استمرار المسؤولين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في استخدام التعذيب مع الإفلات من العقاب، دعت المنظمات الدول إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، التي هم أطراف فيها. كما دعو دول العالم إلى التمسك بمبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي ينص على عدم تسليم أو ترحيل الأفراد إلى دول يتعرضون فيها لخطر التعذيب. 

الموقعون:

الديمقراطية الآن للعالم العربي

القسط لحقوق الإنسان

الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان

المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان

مؤسسة حقوق الإنسان

مبادرة الحرية

مركز مناصرة معتقلي الإمارات

منّا لحقوق الإنسان

AR