بمناسبة الذكرى الثالثة لإعدام أبريل: نشطاء يناقشون توحش السعودية في الإعدامات الجماعية

تحت عنوان: الإعدامات الجماعية في السعودية، أقامت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في 21 أبريل 2022، ندوة عبر مساحة تويتر، بمناسبة الذكرى الثالثة لإعدام أبريل 2019.

نائب مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد، أدار الندوة، فيما شارك كل من الرئيس التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان خالد إبراهيم، والناشط السياسي وعضو الهيئة القيادة لحركة خلاص السيد حمزة الشاخوري، والناشط السياسي معن الشريف.

السعيد افتتح الندوة بالإشارة إلى أن الإعدام الجماعي الذي نفذته الحكومة السعودية في أبريل 2019 كان ثاني إعدام جماعي تنفذه في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز. وأوضح أنه منذ بداية 2015 حتى نهاية مارس 2022، نفذت السعودية 1002 إعدام. كما أشار إلى أن أكثر من 50 بالمئة من مجمل الإعدامات التي نفذت منذ العام 2015 كانت بناءً على رأي وتقدير القاضي والتي لا تعتمد على نص شرعي أو قانوني وهي التي تسمى بأحكام التعزير. 

وأوضح السعيد أن أول إعدام جماعي نفذته الحكومة السعودية كان في 2 يناير 2016. طال الإعدام 47 شخصا بينهم 4 قاصرون على الأقل كما طال الإعدام المدافع عن العدالة الاجتماعية الشيخ نمر النمر وشبان واجهوا تهما تتعلق بالمشاركة في مظاهرات. فيما نفذت الإعدام الجماعي الثاني في 23 أبريل 2019، وطال 37 شخصا بينهم 6 قاصرين على الأقل هم سعيد السكافي، سلمان أمين آل قريش، مجتبى نادر السويكت، عبد الله سلمان آل سريح، عبد العزيز حسين سهوي، وعبدالكريم محمد الحواج، إلى جانب متهمين بالمشاركة في مظاهرات. أعدم 35 من المحكومين تعزيرا فيما أعدم إثنان بحد الحرابة.  وأشار السعيد إلى الإعدام الجماعي الذي نفذته السعودية في مارس 2022 وهو الإعدام الجماعي الأكبر حيث طال 81 شخصا. لم تعلن وزارة الداخلية نوع أحكام الإعدام المنفذة.

السعيد أشار إلى أن الإعدامات الجماعية بينت بشكل شديد الوضوح، أن الإعدام في السعودية عقوبة تستخدم بشكل انتقامي وتسعفي وغير عادل.

من جهته قال المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان خالد إبراهيم، أن عمليات الإعدام التي تحصل في السعودية جزء من النمط الوحشي الذي تفاقم منذ أن أصبح محمد بن سلمان ولي العهد. وأشار إبراهيم إلى أن  القضاء استخدم كأداة سياسية وأن الإعدامات جزء من نمط. كما أكد إبراهيم أن هناك خشية حقيقية على سجناء الرأي، لأن السعودية أعدمت سابقا متظاهرين سلميين ونشطاء. وأوضح إبراهيم أنه لا وجود لآليات حقيقية لحماية المواطنين في السعودية، مشيرا إلى قضية الناشط خالد العمير الذي اعتقل حين ذهب ليقدم شكوى بسبب الانتهاكات التي تعرض لها.

وفي ظل انعدام أي آليات مسائلة ومحاسبة في الداخل، لم يتبقى للنشطاء والمدافعين سوى الآليات الدولية المتاحة والفضاء الدولي، بحسب إبراهيم الذي أشار إلى أنه يجب عدم تجاهل بعض ما أنجزه هذا الفضاء. وقال إبراهيم أن المقررة الخاصة المعنية بالإعدام أغنيس كالامارد أدانت الحكومة السعودية في التحقيق الذي فتحته حول قضية جمال خاشقجي حين حملتها المسؤولية الكاملة عن القتل خارج نطاق القضاء.

إبراهيم أكد أن التغيير قد يكون صعبا وقد يحتاج إلى وقت ولكن هذه هي الرسالة التي يجب أن تأديتها، وبالتالي يجب تكييف الآليات المتاحة بهدف ذلك.

الناشط السياسي وعضو الهيئة القيادة لحركة خلاص حمزة الشاخوري اعتبر ان النظام في السعودية اعتاد توسيع معاناة الضحايا وخاصة من خلال احتجاز الجثامين. وأوضح أن الإعدام في السعودية ليس ممارسة حديثة، ومنذ تأسيس البلاد أعدم المواطنون من مختلف المناطق والقبائل وتم إخفاء الجثامين منذ ذلك الوقت. الشاخوري تحدث عن معاناة العائلات حين تعرف بتنفيذ حكم الإعدام بشكل مفاجئ عبر وسائل الإعلام. واعتبر أن هناك عدة أسباب تدفع الحكومة السعودية إلى إخفاء الجثامين، من بينها عدم تحويل الضحية ومكان دفنه إلى مزار للتضامن وبالتالي إغلاق القضايا مع تنفيذ الحكم. إضافة إلى ذلك، اعتبر الشاخوري أن الحضور الجماهيري لتشييع الجثامين الذي كان واضحا في بداية الحراك الشعبي أظهر زيف ادعاءات الحكومة السعودية حول التهم التي يواجهها مثل القتل والتخريب وغيرها، وبالتالي فإن الخشية من هذه الجماهير دفعت الحكومة إلى التوقف عن تسليم الجثامين. كما أوضح الشاخوري أن السعودية تحاول إرهاب الأسر وبقية المجتمع من الاستمرار في النشاط أو الدفاع عن حقوق الإنسان أو رفع الصوت، وتحاول أن تقول أن العقاب على هذه النشاطات ليس السجن فقط ولا الإعدام بل المصيرالمجهول.

الشاخوري أكد أن العائلات تعيش حالة من انعدام اليقين، حيث تتساءل حول ما تعرض له الضحايا. ففي حين لا تصدق بعض العائلات أن الفرد قد أعدم تتسائل أخرى عن كيفية القتل، وماذا حل بالجثمان وإمكانية بيع الأعضاء منه، وكيفية الدفن وغيرها.

من جهته، اعتبر الناشط السياسي معن الشريف أنه في المجزرة الأخيرة في مارس 2022 كان هناك رد فعل شعبي قوي، في الخارج ووقفات للنشطاء وغيرها من النشاطات بسبب تعميم المعلومات والحقائق، فيما كان هناك محاولة تعمية على الإعدام الجماعي السابق. الشريف اعتبر أن الإعدام هو أهم ملف يجب التعاون من أجل رفع الوعي فيه وزيادة الضغط لأنها العقوبة التي لا عودة فيها. واعتبر أنه يجب أن يكون هناك تنظيم للعمل الحقوقي ولعمل النشطاء لأن الهدف الأساسي اليوم هو السعي لحماية بقية المهددين، من خلال التعريف بقضاياهم والانتهاكات التي يتعرضون لها.

مع انتهاء القسم الأول من الندوة شارك عدد من الحضور بطرح الأسئلة إلى جانب بعض المداخلات. التي أشارت إلى أن الأحداث الأخيرة وبينها توقيف القضاة السبعة المشاركون في عدد من أحكام الإعدام يؤكد أن ليس قضاء عادل بل إملاءات وتسييس. ودعت المداخلات إلى ترتيب الجهود من أجل الدفاع عن الضحايا.

القسم الثاني

القسم الثاني من الندوة تركز على قضايا الأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام حاليا.  نائب مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد أشار إلى أنه تنعدم الشفافية في تعامل السعودية الرسمي في ملف الإعدام. وأوضح أن المنظمة رصدت عددا من القضايا التي يواجه فيها المعتقلون حكما بالإعدام. بحسب هذه الاحصاءات يواجه 30 معتقلا أحكاما بالإعدام. بينهم من يواجه تهما تتعلق بالتعبير عن الرأي والتظاهر كما أن بينهم 5 قاصرين.

لا تضم هذه القائمة المتهمين بقضايا جنائية بسبب انعدام الشفافية وصعوبة الوصول إلى القضايا، كما لم تتمكن المنظمة من الوصول إلى كافة القضايا التي يواجه فيها الأفراد تهم تتعلق بممارسة سياسية. في الإعدام الجماعي الذي نفذته السعودية في مارس 2022 لم تكن المنظمة قد رصدت سوى 13 قضية من أصل 81 حكم تم تنفيذه. إضافة إلى ذلك، وبحسب رصد المنظمة يواجه العديد من العمال الأجانب أحكاما بالإعدام ولكن لم تتمكن المنظمة من توثيقها، وفيما أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية وقف أحكام الإعدام في جرائم المخدرات، لم يتم تعديل القوانين السارية، كما لم يتم إعادة محاكمة أي من الأفراد الذين يواجهون أحكام  إعدام نهائية، وهم بالتالي يواجهون مصيرا مجهولا. 

الرئيس التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان خالد إبراهيم اعتبر أنه يجب تكثيف الجهود بالآليات المتاحة، من بين ذلك دورة مجلس حقوق الإنسان قادمة والعمل مع الدول للضغط على السعودية، والسعي لوقف دعم الدول لهذه الأنظمة ودعمها، والفعاليات أمام السفارات السعودية.

إبراهيم اعتبر أن الحكومات القمعية تكره الدعاية السيئة بالتالي يجب استخدام الإعلام كوسيلة إلى جانب كافة الوسائل الدبلوماسية وغيرها.

الناشط حمزة الشاخوري أكد من جهته على أهمية التعاون والاستمرار في العمل الحقوقي، ولكن تسائل حول إمكانية أن تمنع الإدانات والفعاليات الحكومة السعودية من الاستمرار في الإعدامات القادمة. واعتبر الشاخوري أن على المعارضين والمنظمات الحقوقية والنشطاء السعي للتوحد من أجل التباحث في وسائل أكثر قدرة على وقف حفلات الإعدام.

معن الشريف استذكر كلمة للمحامي وليد أبو الخير: إذا لم توحدنا المصلحة سوف يوحدنا الظلم، وقال أن الإعدامات تمثل الظلم كله، مشيرا إلى أن الأهم اليوم هو الحديث بشكل مكثف عن المظلومية والانتهاكات بكافة الطرق المتاحة لأان كل خطوة قد تؤثر.

AR