أمام الجمعية العمومية للتحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام: الأوروبية السعودية تفصّل تحديات التوثيق عن بعد

قدّمت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان مداخلة ضمن حدث جانبي لأعمال الجمعية العمومية للتحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، في ندوة حملت عنوان “تعزيز العدالة من خلال البيانات: أفضل الممارسات في رصد استخدام عقوبة الإعدام”، وذلك ضمن فقرة بعنوان “التوثيق عن بُعد: التحديات والاستراتيجيات في جمع البيانات داخل الدول الإعدامية من قِبل منظمات في المنفى”.

الباحثة في المنظمة دعاء دهيني، سلطت الضوء على تجربة المنظمة في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المتصلة بعقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية، في ظل تغييب المجتمع المدني وقمع أي نشاط مستقل.  بدأت المداخلة بتعريف المنظمة، وهي منظمة غير ربحية مقرها في برلين، تهدف إلى رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان داخل السعودية، خاصة الانتهاكات الجسيمة مثل الإعدام والاعتقال التعسفي وقمع حرية الرأي والتعبير.

تناولت المداخلة واقع عقوبة الإعدام في السعودية، مشيرة إلى أنها من بين الدول الأكثر تنفيذًا للأحكام، حيث شملت الإعدامات في السنوات الأخيرة قاصرين ونشطاء ومتظاهرين، وغالبًا ما صدرت الأحكام بعد محاكمات تفتقر لأبسط معايير العدالة. وأكدت المنظمة أن السعودية لا توفر معلومات كافية أو شفافة حول المعتقلين أو سير المحاكمات، ولا تعلن عن مواعيد تنفيذ الأحكام، ما يجعل من عملية التوثيق تحديًا متواصلًا.

دهيني كشفت أن الحكومة السعودية تعتمد في الإعلان عن الإعدامات على بيانات مقتضبة تصدرها وزارة الداخلية عبر وكالة الأنباء الرسمية. وقد رصدت المنظمة وجود تناقضات بين البيانات المعلنة وأرقام أخرى تم الإشارة إليها في تصريحات رسمية، مثل ما ورد عن هيئة حقوق الإنسان في 2020 حين قدّمت رقمًا مختلفًا لمنظمة العفو الدولية، إضافة إلى حالات تم تنفيذ الإعدام فيها دون أي إعلان رسمي، ما يعزز الشكوك بشأن غياب الشفافية.

وأوضحت المداخلة التحديات التي تواجه التوثيق من المنفى، وفي مقدمتها شح المعلومات الرسمية وانعدام الشفافية في ما يُنشر، إلى جانب تعرض عائلات المحكومين بالإعدام لضغوط أمنية واجتماعية كبيرة، وامتناع القنصليات عن التدخل أو متابعة قضايا الرعايا الأجانب، فضلًا عن غياب أي بيئة مدنية أو إعلامية مستقلة داخل البلاد يمكن أن تسهم في المراقبة والمساءلة.

ورغم هذه التحديات، بيّنت دهيني أن المنظمة طورت عددًا من الاستراتيجيات التي تمكّنها من الاستمرار في عملها، أبرزها بناء شبكة ثقة من العائلات والناشطين الذين يزودونها بمعلومات مباشرة، والتعاون مع سفارات الدول التي ينتمي إليها بعض الضحايا، والانخراط في تحالفات دولية تساعد على تعزيز التوثيق والضغط، مثل تحالف SAME الذي يجمع منظمات من جنوب آسيا والشرق الأوسط. كما أشارت إلى اعتمادها على تحليل البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة السعودية، رغم محدوديتها، ومقارنتها مع معلومات مستقلة تكشف في كثير من الأحيان عن تباينات كبيرة، إلى جانب متابعة حالات التنفيذ بشكل يومي من خلال شهادات العائلات ومصادر خاصة.

المداخلة انتهت إلى أن التوثيق من المنفى ليس خيارًا، بل ضرورة فرضها واقع المنع والقمع داخل السعودية. كما شددت على أن هذا النوع من العمل الحقوقي يُظهر الشجاعة والصمود لدى العائلات والأفراد الذين يواصلون نقل الحقيقة رغم المخاطر. وأعادت التأكيد على أهمية التضامن الدولي وبناء الشبكات وتحليل البيانات بدقة، من أجل كشف الحقيقة ومحاسبة المنتهكين والعمل على إنقاذ من يمكن إنقاذه من ضحايا عقوبة الإعدام.

AR