نقاش واقع التعذيب في السعودية وسبل محاسبة المنتهكين خلال ندوة بمناسبة اليوم الدولي لمساندة الضحايا

1 يوليو، 2021

بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، نظمت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ندوة بعنوان: التعذيب في السعودية: أداة ملكية لترهيب الوطن.

الندوة التي بثت الكترونيا في 29 يونيو 2021، قدمتها الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، دعاء دهيني، وشارك فيها من منظمة مراسلون بلا حدود ليزا كريتشمر ، الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان لينا الهذلول، ومستشار المنظمة الأوروبية السعودية القانوني طه الحاجي.

دهيني افتتحت الندوة بالإشارة إلى إطلاق المنظمة تقريرا بعنوان: التعذيب في السعودية أداة ملكية لترهيب الوطن. وأوضحت أن التقرير سلط الضوء على البيئة الموجودة في دور التوقيف والسجون في السعودية والتي تتيح ممارسة التعذيب بشكل واسع من دون أن يتم مسائلة المعذبين أو محاسبتهم.

وبناء على قضايا وثقتها المنظمة، بين التقرير أن الأجهزة الرسمية السعودية، وبينها القضاء ورئاسة أمن الدولة التي تتبع مباشرة للملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان مسؤولة بشكل مباشر عن التعذيب.

ليزا كريتشمر من منظمة مراسلون بلا حدود، أشارت إلى أن المنظمة قدمت شكوى ضد ولي العهد محمد بن سلمان وضد مشتبهين بهم في جرائم ضد الإنسانية. وأوضحت أن ذلك متاح بموجب القضاء العالمي في ألمانيا بحيث يسمح القضاء بمحاسبة المسؤولين عن جرائم واسعة النطاق حتى لو تحصل في ألمانيا. وأشارت إلى أن جريمة التعذيب هي من ضمن الجرائم ضد الإنسانية التي يشمها هذا القضاء.

كريتشمر أشارت إلى  أن هناك عدة عوامل يجب أن تضمنها مثل هذه القضايا، ومن بين ذلك الحصول على إثباتات بحصولها، وأن تكون منتشرة على نطاق واسع في النظام وهذا ما ينطبق على السعودية.

وأوضحت أن الشكوى تستند على 300 حالة، ثبت تورط ولي العهد بها، وأنه تم رفعها في شهر مارس 2021 بعد صدور تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية الذي أكد تورط بن سلمان في قتل الصحفي جمال خاشقجي.

وأشارت كريتشمر أنه وبعد بدء تحليل القضية ومن ثم التحقيق فيها، فمن المتوقع الوصول إلى المحاسبة وبالتالي أن يكون المسؤولين السعوديين في موقع الدفاع عن النفس، مبينة أنه هناك  إمكانية رفع الحصانة عن المشتبه بهم وهذا هدف أساسي للشكوى.

من جهتها تحدثت الناشطة لينا الهذلول عن ما تعرضت له أختها المدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول خلال 3 أعوام من الاعتقال. وأشارت إلى أن لجين اعتقلت في سجن سري تم فيه تعذيبها بالكهرباء وتهديدها بالاغتصاب والقتل وخاصة من قبل المسؤولين في السلطات العليا، وليس فقط الحراس بل المساعدين لمحمد بن سلمان. وأكدت الهذلول أن المعذبين كانوا فخورين بما قاموا به لمدة أسابيع.

الهذلول رأت أن التعذيب داخل في النظام وخاصة بسبب انعدام مسائلة المعذبين، وأوضحت أن لجين قدمت شكاوى إلى إدارة السجن وهيئة حقوق الإنسان بأنه تم تعذيبها، إلا أنهم نفوا بشكل قاطع. وبعد عامين من الاعتقال عادت هيئة حقوق الإنسان لتفتح تحقيق حول التعذيب تنفي ذلك. واشارت الهذلول إلى أن تعذيب لجين استمر نفسيا في كل مراحل اعتقالها، حيث تم منعها من التواصل مع عائلتها وحرمت من أبسط الحقوق الأساسية وهذا كل تعذيبه.

وشددت الهذلول على أن الهدف الأساسي من عمليات التعذيب هو كسر نفسية المعتقلين ومن بعد ذلك منعهم من الحديث عن ما تعرضوا له. الهذلول انتهت إلى أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على المجتمع وعلى المنظمات وهي الدعم النفسي لضحايا التعذيب وتصديقهم وعدم التشكيك فيما تعرضوا له. وشددت على أهمية الاستمرار بالحديث عن الانتهاكات وعدم السكوت لأن هدف الحكومة السعودية هو إطباق الصمت وبالتالي منع محاسبة المجرمين.

المستشار القانوني في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان طه الحاجي أكد من جهته أن التعذيب في السعودية عمل ممنهج بتوجيه من قبل أعلى القيادات ولا يمكن تحميل مسؤولية لمحقق وعسكري فقط. وأشار إلى أن هذه المسؤولية منصوص عليها في القوانين السعودية التي تؤكد ارتباط الأجهزة المسؤولة عن التعذيب بالملك وولي العهد.

وأشار الحاجي إلى أن الجهات المتورطة في التعذيب متعددة، إما مباشرة للتعذيب أو جهات متسترة يكون دورها تبريره وشرعنته. وأوضح أنه أثناء التقاضي والمرافعات وقبل ذلك اثناء الاعتقال تحصل سلسلة من الانتهاكات ما يؤكد أنها منظومة متكاملة تمارس التعذيب.

الحاجي أوضح أنه عندما يتم اعتقال أي شخص وخاصة معتقل رأي أو ناشط فإنه يرمى في سجن انفرادي لمدة طويلة تمتد من 3 أشهر وقد تتجاوز السنة. في هذه الفترة يتم التعذيب ويمنع من التواصل مع العالم الخارجي ويمنع المحامي من حضور جلسات ، وهذه الفترة بالتحديد هي، بحسب الحاجي، فترة التعذيب لأن الجهات الأمنية تستفرد بالمعتقل.

وذكر الحاجي قضية الناشط فاضل المناسف، الذي بقيت آثار التعذيب على قدميه حتى بعد بدء المحاكمة، إلا أنه عندما بين بالدليل للقاضي الآثار، كان رد القاضي بأنه لا يمكن إثبات أنها آثار تعذيب، ذلك على الرغم من أن مسؤولية القاضي تحتم التحقيق في أي شكاوى تعذيب.

الحاجي أشار إلى أنه خلال معظم القضايا، يطلب المحامون في المرافعات بالتحقيق في تعرضهم للتعذيب وانتزاع اعترافات منهم ولكن القضاء لا يتفاعل مع هذه الطعون. وأشار إلى أن المطالب قد تكون تقارير طبية من مستشفيات تابعة للسجون، أو مواجهة مع المحققين أو تسجيلات الكاميرات، ولكن كل الطلبات ترفض.

الحاجي تحدث عن قضية الناشط محمد الزنادي الذي اعتقل بعد إصابته بالرصاص وأوضح أنه تم التحقيق معه وهو في وضع صحي سيء جدا. بقي مقيد لفترات طويلة وتركت الرصاصات في جسده، بحيث تم استغلال وضعه الصحي وآلامه الشديد وانتزعت أقوال منه في هذه الحالة.

الحاجي أكد أن هيئة حقوق الإنسان يختصر دورها في التبرير والتغطية على الانتهاكات، وبالتالي ومع ارتباط كافة الأجهزة بالملك سلمان بن عبد العزيز فإن المعذبين واثقين بعدم المسائلة. وانتهى الحاجي إلى أنه ولو بعد حين فإن المعذبين سوف يحاسبون.

AR