السعودية: “جائحة القمع بلا لقاح”

14 يناير، 2021

المقدمة:

شكل 2020 تحديا لكل دول العالم، بعد أن سيطرت جائحة كوفيد 19 على السياسات والأولويات. وفي سياق الجائحة تعالت دولياً الأصوات الداعية إلى إعتماد تدابير قوية لحماية حقوق الإنسان، ومنح المزيد من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لكن ذلك لم يدفع حكومة المملكة العربية السعودية إلى استجابة إيجابية في ملف حقوق الإنسان، بل إن الجائحة فتحت لها باباً جديداً وإضافيا للقمع والإضطهاد، واختلاق مبررات جديدة للمزيد من الحرمان أو التنكيل.

وعلى مدار 2020، لم تستحدث أي تعديلات أو تغييرات في أجهزة الدولة، يمكن أن يُفهم منها أنها ستسهم في إيقاف بعض الانتهاكات والجرائم الرسمية، أو الحد منها، كالتعذيب الذي يمارسه بيد مطلقة جهاز رئاسة أمن الدولة، الذي يرجع للملك مباشرة، ويرأسه عبدالعزيز الهويريني، المتورط بتنفيذ الرغبات القمعية للملك سلمان وابنه محمد. كما استمر الاعتقال التعسفي والأحكام الجائرة وبينها الإعدام، وصولا إلى التهجير القسري واستمرار الممارسات الجائرة بحق الفئات الضعيفة مثل العمال الأجانب والنساء وعديمي الجنسية. يوفر إنعدام الاستقلال القضائي بيئة خصبة لاستمرار الانتهاكات، ويؤدي تورط أعلى المسؤولين في الدولة بالانتهاكات والجرائم الرسمية لتعميق أزمة إنعدام سبل المحاسبة، الأمر الذي يشجع الضحايا والمتضررين على فكرة البحث عن سبل الانتصاف القانوني في خارج البلاد.

محاولات تضليل المجتمع المحلي والدولي، السلوك السعودي المكشوف والمستمر في تغطية الإنتهاكات، لم يتوارى خلال هذا العام بالطبع، فقد استمرت خطاباتها المزيفة، ومهاجمتها للمنتقدين، وبات إنعدام الثقة في خطاب السعودية الحقوقي واضحا أكثر من أي وقت مضى، وقد أفرز -ليس على سبيل الحصر- فشل السعودية في الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان، وحصولها على أقل الأصوات من بين دول العالم التي شاركت في آخر الإنتخابات. إن التعنت الرسمي والإصرار على المضي في الانتهاكات، سمة للحكومة السعودية في سنواتها الأخيرة، ولم تغب -بالطبع- في 2020.

وعلى الرغم من التضليل وانعدام الشفافية في تناول الحكومة السعودية لمختلف ملفات الانتهاكات، وتغييب أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان في السجون، والعملية الممنهجة لترهيب المجتمع المدني، تمكنت المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان من توثيق جانب من انتهاكات الحكومة السعودية خلال 2020، نستعرض لمحات منها خلال هذا التقرير، مع بعض التفاعلات والمواقف الدولية إزاء حالة حقوق الإنسان المتردية في السعودية.

جائحة كورونا:

فاقمت جائحة كورونا، انتهاكات الحكومة السعودية لعدد من الحقوق الأساسية. وعلى الرغم من أن مقررين خاصين في الأمم المتحدة، أوصوا الدول بعدم استخدام الإجراءات الخاصة بالجائحة لزيادة القمع، إلا أن السعودية شنت سلسلة من الاعتقالات التعسفية المرتبطة بتفاعلات الجائحة.

فإلى جانب الاعتقالات التعسفية المعتادة التي تنفذها بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، اعتقلت عددا من الأشخاص بسبب التعبير عن رأيهم فيما يتعلق بمجريات وإفرازات الجائحة، وكان من بين المعتقلين أحد مشاهير وسائل التواصل الإجتماعي علي العيسى “أبو الفدا، على أثر ملاحظة أبداها في مقطع فيديو، عن فراغ رفوف بيع الخبز في أحد المتاجر نتيجة لكثرة الشراء.

إضافة إلى ذلك، وبينما حذرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت من أن كوفيد 19 بدأ “باجتياح السجون ومراكز توقيف المهاجرين، ودور الرعاية السكنية، ومستشفيات الصحة النفسية، ويهدد بالانتشار بين سكان هذه المؤسسات الأكثر ضعفا”، داعية إلى إطلاق سراح الموقوفين على أسس غير قانونية، إلا أن الحكومة السعودية لم تكتفي فقط بعد التجاوب مع هذه الدعوة، بل رُصدت انتهاكات تعاكسها تماما، ومنها ماجرى بحق آلاف المهاجرين من الجنسية الأثيوبية المحتجزين في السعودية، بعد أن اعتقلوا لتجاوزهم الحدود قادمين من اليمن، وتركوا في ظروف مروعة، حيث تم تكديسهم في السجون بأعداد كبيرة، دون مراعاة لأي احترازات، وانتشر بينهم فيروس كوفيد 19، من دون أن يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة، ما أدى إلى وفاة 3 أطفال على الأقل.

وعلى صعيد السجون في الداخل، فقد تأكد للمنظمة الأوروبية السعودية من مصادرها، وجود حالة داخل أحد السجون السياسية، مايحتمل معه أن الحالات أكثر. إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة السعودية لم تتخذ أي خطوات للحد من الآثار السلبية للإجراءات المتخذة بسبب الجائحة، ففيما أوقفت الزيارات إلى السجون لأشهر، لم تعمد إلى تأمين سبل تواصل بديلة للعائلات، بل إنها منعت بعض المعتقلين من التواصل مع عائلاتهم لشهور، الأمر الذي ترك الأهالي أنذاك، في مخاوف وقلق على سلامتهم وحياتهم.

الإعدام:

في أبريل 2020، نفذت الحكومة السعودية الإعدام رقم 800 منذ 2015، السنة التي تسلم في بدايتها الملك سلمان حكم البلاد. وقد شهدت هذه السنوات تنفيذ مايقارب ضعف الإعدامات التي نفذت في السنوات التي سبقتها، ما يظهر مدى دموية عهد الملك سلمان.

من بين الأفراد الذين أعدموا خلال 2020، الطفل عبد المحسن الغامدي، الذي اعتقل حينما كان يبلغ من العمر 15 عاما. حكم الإعدام نفذ على الرغم من المناشدات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي، بأن يتم تخفيف الحكم، أو تأجيله على الأقل إلى ما بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا.

وكان من بين أحكام الإعدام التي نفذت، إعدام المواطن المصري معمر القذافي، الذي واجه تهما تتعلق بالمخدرات. انتهاكات عديدة رافقت قضيته، من بينها التعذيب، والحرمان من الحق في الدفاع عن النفس، إلا أن الحكم نفذ رغما عن ذلك، ولم تسلم السعودية جثمانه لأسرته، رغما عن مطالبتها بحقها في تسلم الجثمان ودفنه في بلاده.

الحكومة السعودية عمدت خلال 2020، إلى إطلاق عدد من التصريحات فيما يتعلق بأحكام الإعدام، حيث نشرت هيئة حقوق الإنسان الرسمية بيانا في أبريل 2020 يحكي عن أمر ملكي قالت أنه يوقف أحكام الإعدام بحق قاصرين. بعد ذلك بأربعة أشهر، أعلنت السعودية بحملة دعائية كبيرة البدء بإعادة محاكمة 3 قاصرين وهم علي النمر، داوود المرهون، عبد الله الزاهر. ولكن لم تتزامن مع الإعلان خطوات فعلية، وبعد مدة بدأت بمحاكمة المرهون والزاهر فقط، فيما لا زال مصير بعض القاصرين الآخرين غير معروف وسط مخاوف من تلاعب قد تمارسه الحكومة.

إضافة إلى ذلك، وفي يونيو 2020، أثير نقاش عن إلغاء أحكام القتل التعزيري، بعد أن رفع عضو في مجلس الشورى -الذي تختار الحكومة أعضاءه- توصية بذلك. إلا أنه من غير المعروف كيف ستسير النقاشات وإلى ماستفضي. وكان من الأجدر أن تصدر الحكومة إشعاراً علنيا بتعليق كل أحكام لاعدام التعزيرية الصادرة، حتى تنتهي من هذه المناقشة في مجلس الوزراء، بناء على قاعدة الأصلح للمتهم.

ووسط هذه التصريحات، لايزال قرابة 40 معتقلا، أغلبهم معتقلين سياسيين، مهددين بالإعدام في مختلف درجات التقاضي، مع ترجيح المنظمة أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير، خصوصاً إذا ما أُخذ في عين الإعتبار المعتقلين في السجون الجنائية. ومن بين المعتقلين السياسيين المهددين بالإعدام، الشيخ سلمان العودة والباحث حسن المالكي والمتظاهر علي آل ربيع، اللذين يواجهون الإعدام بخليط من التهم أغلبها تتعلق بالتعبير عن الرأي.

أحكام الإعدام التعسفية، تستند في عدد من القضايا إلى ممارسات انتقامية وتعسفية، فبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية يواجه عدد من الشبان خطر الإعدام باتهام يرجع إلى حادثة واحدة. فمنذ ديسمبر 2016، قامت السعودية بإجراءات طالت 22 شخصاً، بين إعتقال ومحاكمة وقتل، على خلفية قضية مقتل الشيخ محمد الجيراني، وذلك على الرغم من التساؤلات التي انطوت عليها القضية، وقد لاحظت المنظمة في تقرير أصدرته، أن الحكومة السعودية تتذرع بهذه القضية من أجل تبرير تصفية مطلوبين وتسويغ قتل معتقلين، ويتجلى ذلك في التوسع في اتهام العديد بارتكاب ذات الجريمة دونما شرح لأدوارهم، باستثناء بعضهم، ولايمكن الوثوق في إجراءاتها دون وجود قضاء مستقل.

وفيما يستمر الخطر على حياة الكثيرين، ومع وجود مؤشرات عدة أن السعودية ماضية في “الإعدامات السياسية” أحكاما وتنفيذا، فإنها لا تزال ترفض تسليم جثامين الأفراد الذين عمدت إلى إعدامهم أو قتلهم خارج نطاق القضاء، على الرغم من مطالبة العديد من العائلات بها. وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية، فإنها لم تسلم 86 جثمانا من ضحايا الإعدامات أو القتل خارج نطاق القضاء، من بينهم قاصرين في وقت اعتقالهم أو التهم الموجهة لهم.

الأوضاع داخل السجون والتعذيب:

خلال 2020، رصدت المنظمة الأوروبية السعودية استمرار الانتهاكات داخل السجون من التعذيب إلى الإهمال وصولا إلى الموت في ظروف غامضة.

في أبريل 2020 مات المدافع عن حقوق الإنسان عبد الله الحامد، بعد سلسلة من الإهمال الطبي المتعمد الذي تعرض له. المعلومات أشارت إلى أن الحامد (12 يوليو 1950) كان قد نقل من سجن الحائر في الرياض، الذي كان يعتقل فيه منذ 2013، إلى قسم العناية المركزة في مستشفى خارج السجن في 9 أبريل 2020، وذلك بعد تعرضه لجلطة في المخ ودخوله غيبوبة. وكان الحامد يعاني من وضع صحي متدهور، نقل على إثره للمستشفى قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وأخبره الطبيب حينها بحاجته العاجلة لإجراء عملية قسطرة في القلب بشكل عاجل. على الرغم من ذلك قامت الحكومة السعودية بإعادته للسجن في ظروف صحية صعبة وعرضته لضغوط نفسية كبيرة، حيث منعته من الاتصال والزيارة لعدة مرات، ولم يسمح للحامد إخبار أسرته أو أي أحد في خارج السجن بحالته الصحية. وفي رسالة أممية طالب مقررون خاصون السعودية بالتحقيق في ملابسات موت الحامد، وردت السعودية على الرسالة بمعلومات مضللة، ولاتوجد في السعودية بنية قضائية مستقلة يمكن معها التحقيق في ملابسات موته.

في يوليو 2020، مات الكاتب الصحفي صالح الشيحي، بعد الإفراج عنه بشكل مفاجئ رغم عدم انتهاء مدة حكمه الجائر. وقد تم تداول أنباء بأنه خرج من السجن بحالة صحية سيئة، وأثار موته تساؤلات حول ما تعرض له داخل السجن، في وقت ينعدم فيه القضاء المستقل، وتخشى الأسر من الحديث.

كانت المنظمة الأوروبية السعودية قد وثقت 21 من حالات الموت المتصلة بالسجون، سواء الموت في داخله لأسباب متنوعة بينها إحتمالية التعذيب حيث شوهدت آثار على أجساد بعضهم، أو الموت بعد الإفراج المصحوب بالتدهور الصحي الذي خلفه السجن، ما يؤكد على سوء المعاملة التي تمارس في داخل السجون. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية قد وثقت سبل التعذيب التي تمارس في السجون، عبر تناول 110 من قضايا الاعتقال التعسفي، وبيّن التوثيق منهجية ممارسة التعذيب وعدم التحقيق فيه، إلى جانب صدور أحكام تعسفية بناء على اعترافات منتزعة بالتعذيب، من بين ذلك قضية القاصر جلال اللباد الذي حكم عليه بالإعدام.

الإخفاء القسري:

خلال 2020، استمرت الحكومة السعودية بممارسة الإخفاء القسري بحق عدد من المعتقلين تعسفيا. فبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية يمارس الإخفاء القسري بتفاوت، فقد يكون خلال فترة التحقيق أو لأيام أو أشهر، وفي بعض الحالات قد تطول مدة الإخفاء بحيث تنكر الحكومة أن الشخص لديها. وبحسب توثيق المنظمة الأوروبية السعودية، لا يزال 5 أشخاص على الأقل، في حالة إخفاء قسري، والمرجح إن العدد أكبر.

من بين المخفيين قسريا في السعودية، الذين رصدت المنظمة قضاياهم، أحمد المغسل، سليمان الدويش، محمد آل عمار، محمد الإمام، عبد الرحمن السدحان. وهناك أسباب كثيرة تقود للترجيح بأن العدد أكبر من هذه الحالات.

يتخلل الإخفاء إنتهاكات وجرائم عديدة، فقد أكدت عائلة السدحان معرفتها عبر مصادر خاصة، تعرض ابنها للتعذيب. إن الإخفاء ليس فقط يهيء للتعذيب، بل يمهد لانتهاكات أخرى من بينها المحاكمات غير العادلة، التي قد تصل للإعدام.

وكانت المنظمة قد وثقت قضية الشيخ سمير الهلال الذي تعرض للإخفاء القسري لسنوات، وهو حاليا، وبعد مرور أربع سنوات على اعتقاله، لازال محروما من الحصول على حقه في الزيارة أو توكيل محام، فيما تفيد معلومات ببدء محاكمة سريا.

حقوق المرأة:

خلال 2020، استمرت الحكومة السعودية، على غرار السنوات التي تسلم فيها محمد بن سلمان ولاية العهد، في إطلاق الوعود فيما يتعلق بحقوق المرأة، واستخدام هذا الملف في الترويج للإصلاحات، في وقت لم تعهد السعودية طوال تاريخها إضطهاداً للمرأة كما حصل في السنوات الأخيرة، من تعذيب واعتقال تعسفي.

على صعيد القوانين، وبسبب ضغوط متنوعة، ورغبة السعودية في التلميع الإعلامي، قامت بتصحيح بعضها، من بين ذلك إعطائهن الحق في تسجيل ولادة أطفالهن في الأحوال المدنية حيث لم يكن ذلك متاحاً للمرأة من قبل، والحق في التنقل والسفر من دون رجل، إلى جانب تعيين بعض النساء في مناصب عليا.

هذه التغييرات لم تثني السعودية عن ممارسات معاكسة تماما، مثل اعتقال أبرز النساء المدافعات عن حقوق المرأة، ولاتزال السعودية تتوسع في إعتقال النساء، وبحسب إحصاءات المنظمة الاوروبية السعودية، فقد اعتقلت السعودية خلال السنوات الأخيرة، 101 إمرأة على الأقل، لا زالت 53 منهن في السجن حتى الآن، فيما لا زالت محاكمة 8 نساء مستمرة بعد الإفراج المؤقت عنهن. وبحسب إحصائيات المنظمة فقد قامت السعودية بإعتقال 11 سيدة تعسفياً خلال 2020.

تجاهل السعودية لشكاوى التعذيب وسوء المعاملة، والتنصل منه، تؤكد أنه يتم بأوامر عليا. فقد قدمت لجين الهذلول شكوى رسمية حول تعرضها للتعذيب، تنصلت منها الجهات الرسمية بنفي تعرضها له. إضافة إلى ذلك، تستمر السعودية بإساءة معاملة المعتقلات داخل السجن، الأمر الذي أدى لإعلان الهذلول إضرابا عن الطعام بسبب منعها من التواصل مع أسرتها.

الحكومة السعودية لا زالت كذلك تماطل في قضايا النشاطات والمدافعات عن حقوق الإنسان على الرغم من مرور سنوات على اعتقالهن. فبعد مرور أكثر من عامين على الاعتقال، تم تحويل لجين الهذلول، إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب، بعد أن كانت حولت إلى المحكمة الجزائية في أول جلسة من محاكمتها لتحول مجددا إلى محكمة الإرهاب بعد الجلسة الثانية، وهذا ما يبين التخبط والحيرة في التعامل مع الهذلول، نظير إصرارها على الإفصاح عن الجرائم والانتهاكات التي تتعرض لها. وفي 28 ديسمبر 2020 نالت حكما ابتدائياً جائراً، يقضي بسجنها 5 سنوات و8 أشهر مع وقف تنفيذ عامين و10 أشهر. كما نالت المدافعة عن حقوق الإنسان مياء الزهراني حكما مماثلا. كما صدرت أحكام أخرى لم يتم التأكد من مصادرها بشكل نهائي. التهم الموجهة الناشطات ليس لها علاقة بالجرائم، ومن بينها كتابة تقارير حقوقية والتواصل مع منظمات ونشطاء حقوقيين، والتي لاتصنف كجرائم.

إلى جانب الانتهاكات الرسمية بحق الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان في السجون والمحاكم، لا تزال حماية النساء من العنف في السعودية غير فعالة. فعلى الرغم من ترويج الحكومة لقوانين لحماية النساء والأطفال من العنف، فإن النساء لا تزال تتعرض له، ما يقود في بعض الحالات إلى الوفاة، ذلك إلى جانب ضعف الثقة في الجهات الرسمية في توفير الحماية للمعنفات، لعدة أسباب بينها خوف الضحايا من الاحتجاز في دور الرعاية، وضعف الثقة في جدية الأجهزة الرسمية على محاسبة المعنفين، وتعقيد إجراءات التبليغ، واصطفاف المسؤولين مع المعنف، إلا في الحالات التي تحظى باهتمام اعلامي وانتشار قضايا المعنفات في وسائل التواصل الاجتماعي.

المنظمة الأوروبية السعودية وثقت قضية 4 شقيقات يمنيات، اتضح فيها تجاهل الأجهزة الرسمية السعودية لدعاوى العنف وعدم التعامل بشكل جدي معها، حيث أنها عمدت إلى ترحيل الشقيقات الأربع على الرغم من المخاوف على حياتهن من تعنيف والدهن، وذلك بعد أن عمدت إلى اعتقالهن في دور الرعاية.

العمال الأجانب:

وضعت الحكومة السعودية آلاف المهاجرين من الجنسية الأثيوبية في مراكز احتجاز غير إنسانية، وعاملتهم بطريقة مهينة وحاطة بالكرامة، ما أدى إلى تفشي عدد من الأوبئة والأمراض بينها فيروس كوفيد 19. أدى ذلك إلى وفاة عدد منهم بينهم 3 أطفال على الأقل. دفع ذلك البرلمان الأوروبي إلى إصدار قرار دعا فيه السعودية إلى وقف الاضطهاد وإلى السماح بدخول مراقبين دوليين.

كما أثار مقررون أمميون في الأمم المتحدة، مخاوف تتعلق بتسهيل الحكومة السعودية ممارسة الاتجار بالبشر، من خلال تطبيقات هاتفية تُمَكن المستخدمين من المشاركة في بيع وشراء عاملات المنازل. المقررون الخاصون أشاروا إلى أن السعودية لاتزال تخلق بيئة مؤاتية لانتهاكات حقوق الإنسان ومعايير العمل، والتي قد ترقى إلى مستوى أشكال الرق المعاصرة، وأعربوا عن قلقهم العام بشأن ظروف عمل ومعيشة العمال، وأبدوا قلقهم الخاص بشأن تسهيل تطبيقات عبر الانترنت لانتهاكات حقوق الإنسان.

وفيما كانت تقارير حقوقية في السابق قد اعتبرت أن نظام الكفالة قد يكون شكلا من أشكال الرق المعاصر، ومع تلقي السعودية عددا من الانتقادات، فقد أعلنت في نوفمبر 2020 عن تعديلات في نظام الكفالة ستدخل حيز التنفيذ في الربع الثاني من 2021. الحكومة السعودية روجت إلى أن التعديلات تسمح للعمال الأجانب بالسفر، والإنتقال من وظيفة لأخرى دون إذن الكفيل، وأن هذه الإصلاحات مقدمة لإنهاء نظام الكفالة. ولكن الصورة الحقيقة ليست وفق الترويج الرسمي، الذي اتسم بالغموض، ما يثير مخاوف من قدرة هذه التعديلات على حماية العمال الأجانب وتحسين وضعهم، بشكل فعلي، حيث أنها قيدت مغادرة السعودية بأن يلتزم العامل بإجراءات معينة، كما ربطت تغيير صاحب العمل بموافقة السلطات، وهذا ما يقيد إلى حد بعيد قدرة هذه التعديلات على تحسين وضع العمال الأجانب، كما أنها استثنت العمال الأشد حاجة للحماية والأكثر عرضة للإضطهاد، من بينهم العمالة المنزلية وعمال المزارع.

التهجير القسري:

استمرت الحكومة السعودية خلال 2020 في ممارسة التهجير القسري، الذي يصنف كانتهاك جسيم لحقوق الإنسان، وفق القوانين الدولية. فبعد 3 أعوام على تهجير سكان حي المسورة في بلدة العوامية، تستمر سلسلة عمليات التهجير القسري في أماكن متفرقة، منها تهجير أهالي بلدة خريبات في شمال غرب السعودية، بحجة إقامة مشروع نيوم، الذي أدى لتهجير الآلاف من السكان الأصليين من قبيلة الحويطات. انتهكت السعودية عددا من القوانين التي تحكم عمليات الإخلاء، ومن بينها استخدام القوة والأسلحة ضد المعترضين، حيث قتلت المواطن عبد الرحيم الحويطي على إثر إعتراضه على عملية التهجير القسري، كما اعتقلت العديد من أبناء القبيلة بينهم السيدة حليمة الحويطي.

الانتهاكات دفعت 11 منظمة غير حكومية، بينها المنظمة الأوروبية السعودية، إلى إرسال رسالة مفتوحة إلى شركات الاستشارات الإدارية الغربية، تطلب منهم إنهاء مشاركتها في مشروع نيوم “NEOM” بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

إلى جانب تهجير أهالي بلدة خريبات، طالت عمليات التهجير القسري السكان في قرية ثربه في محافظة العلا، حيث عمدت الحكومة إلى تهديم عدد من المنازل السكنية. نشطاء تداولوا عبر مواقع التواصل الإجتماعي مقاطع مصورة أظهرت رفض وغضب الأهالي من عمليات الهدم، وأوضحوا أن أصحاب المنازل التي يتم هدمها، لا يملك معظمهم مأوى آخر، وطالبوا بوقف قرارات الهدم. إضافة إلى ذلك بحسب رصد المنظمة فإن الفئات الأكثر تضررا من عمليات الإزالة، يسكنون القرى والهجر في مناطق نائية في تبوك يمتهنون الرعي والزراعة أو من صغار الموظفين الحكوميين، وهو ما يفاقم الأزمة. إن المتأثرين -في الغالب- من عمليات التهجير القسري، هم الفئات الأكثر فقرا، والأشد حاجة، وخاصة من أبناء الأفراد المحرومين من الجنسية.

الأمم المتحدة والآليات الخاصة بحقوق الإنسان:

في 2020، وعلى الرغم من أن التقسيم الجغرافي لعضوية مجلس حقوق الإنسان يوفر للسعودية منافسة محدودة، حيث تنافست 5 دول فقط على أربعة مقاعد، وعلى الرغم من الدعم السياسي الذي تحصل عليه عادة جراء المصالح الإقتصادية، إلا أن السعودية فشلت في الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان للأعوام 2021 – 2023.

عدم تصويت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لصالح السعودية، يؤكد مدى الإستياء من ممارساتها وخاصة الحرب على اليمن. ويمكن ملاحظة هذا الإستياء أيضاً في الانتقادات التي تزايدت خلال السنوات السابقة، على إثر الإعدام السياسي للبالغين والأطفال، واستمرار اعتقال المدافعات عن حقوق الإنسان وتعذيبهن، وسياسة الإفلات من العقاب وخاصة في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي.

إلى جانب فشلها في الحصول على عضوية المجلس، تعرضت لعدد من الانتقادات من قبل الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان خلال الجلسات الثلاث العادية للمجلس خلال 2020. وقد هاجمت السعودية الدول المنتقدة من دون تقديم حجج مقبولة.

وللمرة الثالثة خلال عامين، يصدر بياناً يدين ممارسات السعودية، حيث اشتركت 29 دولة على بيان خلال الدورة 45 لمجلس حقوق الإنسان، دعوها فيه إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

الآليات الخاصة بحقوق الإنسان، انتقدت السعودية أيضا خلال 2020، من خلال عدد من البيانات والتقارير والقرارات.

فقد وجه المقررون الخاصون بالأمم المتحدة عددا من الرسائل إلى الحكومة السعودية. ففي 22 يناير 2020، أبدى مقررون خاصون قلقهم البالغ من المعلومات التي تلقوها فيما يتعلق بانتهاك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، من خلال نشر برامج رقمية بهدف مراقبة مالك صحيفة الواشنطن بوست والرئيس التنفيذي لشركة أمازون، جيف بيزوس.

في 25 فبراير 2020 جدد المقررون الخاصون في الأمم المتحدة في مطالبتهم الحكومة السعودية الإفراج عن وليد أبو الخير، مشيرين في رسالتهم إلى تعرضه لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المتعلقة بحقه في محاكمة عادلة، وعدم الاعتقال التعسفي، والحماية من التعذيب.

في 28 فبراير 2020 أصدرت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في الأمم المتحدة، بياناً أبدت فيه قلقها حيال وضع المدافعات عن حقوق الإنسان. حثت اللجنة، الحكومة على إطلاق سراح المدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول من الاحتجاز المطوّل قبل المحاكمة، وضمان حقها في محاكمة عادلة بلا مزيد من التأخير.

في 14 فبراير 2020 أصدر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي رأيا، اعتبر فيه أن اعتقال كل من عيسى النخيفي وعبدالعزيز الشبيلي وعيسى الحامد، هو اعتقال غير قانوني، وطلب من السعودية اتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضعهم دون تأخير وموائمته مع المعايير الدولية ذات الصلة.

في 6 أبريل 2020، أرسل المقررون الخاصون في الأمم المتحدة رسالة إلى السعودية تتعلق بانتهاكات محتملة لحقوق الإنسان، تتعرض لها الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز وابنتها سهود الشريف.

في 2 مايو 2020، أبدى مقررون خاصون في الأمم المتحدة قلقهم من أن التدابير التي اتخذتها السعودية للحد من انتشار فيروس كوفيد 19، ليست واسعة النطاق بما يكفي لحماية المعتقلين، وأنها قد تكون محدودة للغاية وليست فاعلة، وأنها إلى جانب الظروف السيئة في السجون، يمكن أن تعرض حياة المعتقلين للخطر، بما فيهم أولئك المعتقلين بسبب ممارسة حقوق وحريات مشروعة. وطالبت الرسالة بشرح حيثيات وفاة الدكتور عبدالله الحامد، والإفراج عن المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات.

في 11 مايو 2020، أرسل مقررون خاصون في الأمم المتحدة رسالة إلى السعودية فيما يتعلق بالاعتقال وسوء المعاملة التي تعرض لها كل من الشيخ محمد حسن الحبيب ومرتجى قريرص.

في 22 مايو 2020، أثار مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة مخاوفهم من عدم نشر السعودية نص الأمر الملكي الذي قالت هيئة حقوق الإنسان أنه يحمي القاصرين من عقوبة الإعدام، وأكدوا أن ذلك يؤدي إلى إنعدام اليقين بشأن مدى جدية القرار وإذا ما كان هناك أي استثناءات فيه.

دعت المقررة المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور، في بيان لها السعودية إلى إطلاق سراح المدافعات عن حقوق الإنسان بشكل فوري ومن دون شروط، معتبرة أنه كلما طال أمد الاعتقال كان الأمر أسوأ بالنسبة للحكومة السعودية. وقالت بيانها الصادر في 2 يونيو 2020، بالتزامن مع المعلومات عن انقطاع المعلومات حول مكان وجود الناشطة لجين الهذلول، أن المدافعات عن حقوق الإنسان هن شخصيات ملهمة لكافة المدافعين عن حقوق الإنسان في كل مكان، وأنهن يعطين القوة حتى وهن داخل السجن.

في 19 يونيو 2020 أثار مقررون خاصون في الأمم المتحدة قضية تيسير السعودية لاستعباد البشر والاتجار بهم، من خلال تطبيقات تستخدم في الأجهزة الذكية. المقررون الخاصون أشاروا إلى أن السعودية لاتزال تخلق بيئة مواتية لانتهاكات حقوق الإنسان ومعايير العمل، والتي قد ترقى إلى مستوى أشكال الرق المعاصرة.

في 25 يونيو 2020، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة رأياً رسمياً، يفيد بأن اعتقال السعودية، للمدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول غير قانوني وتعسفي وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. الفريق العامل دعى السعودية لإطلاق سراحها بشكل فوري والتعويض عن اعتقالها غير القانوني.

في 14 سبتمبر 2020، وخلال كلمة حول تطورات حقوق الإنسان في العالم، تحت البند الثاني من الدورة 45 لمجلس حقوق الإنسان، أبدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة ميشيل باشليت قلقها “العميق” بشأن استمرار الاعتقال التعسفي للمدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية، ودعت إلى إطلاق سراحهن دون تأخير.

وفي بيان لها في 5 نوفمبر 2020 دعت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، إلى الإفراج الفوري عن المدافعات عن حقوق الإنسان والمعتقلات في السعودية، وأبدت قلقها من تدهور صحة لجين الهذلول التي كانت مضربة عن الطعام منذ 26 أكتوبر 2020 احتجاجا على سوء المعاملة.

التغطية الرسمية على الإنتهاكات:

خلال 2020، فعّلت الحكومة السعودية دور الهيئات الحقوقية الرسمية بهدف التغطية على انتهاكاتها وجرائمها.

أمام مجلس حقوق الإنسان، استمرت بعثة السعودية في محاولة التضليل، من خلال تقارير لا تمت إلى الواقع، تحدثت فيها عن إنجازات وهمية في أكثر من ملف، من بينها ملف حقوق المرأة، وقضية كبار السن، والإسكان وغيرها. إضافة إلى مهاجمتها الدول والمقررين الخاصين الذين انتقدوا انتهاكاتها.

على الصعيد الداخلي، عمدت هيئة حقوق الإنسان الرسمية التي ترجع إلى الملك سلمان مباشرة، إلى الترويج إلى تغييرات على صعد مختلفة، كان أبرزها ملف الإعدام. ففي أبريل 2020 نشرت الهيئة بشكل مباشر، أمرا ملكيا يقضي بوقف أحكام الإعدام بحق القاصرين. النسخة التي نشرتها الهيئة بينت استثناءات عدة، ولم يتم نشر نسخة رسمية أخرى. أدى ذلك إلى اتسام هذه الخطوة بالغموض ما دفع الهيئة إلى توضيح القرار بالقول أنه يشمل كافة القاصرين من دون أي استثناء، وهذا ما كرره مندوبيها أمام عدة جهات، إلا أن المخاوف من التلاعب والاستثناءات بقي مع عدم نشر نص الأمر الملكي بشكل رسمي، وفي ظل الممارسات السابقة التي لم تحترم القوانين الصادرة أو الوعود، من بين ذلك إعدام الشاب حيدر آل ليف بعد إبلاغ المقررين الخاصين في الأمم المتحدة أنه تم الحكم عليه بالسجن.

رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، عواد العواد، روج أيضا لتغييرات في ملف حقوق المرأة، حيث تحدث عن (20 إصلاحا نوعياً في مجال حقوق المرأة وتمكينها، تحققت خلال السنوات القليلة الماضية، بتوجيهات الملك وإشراف ولي العهد). قفز العواد على الشكاوى الرسمية التي وصلت إلى الهيئة من قبل الناشطات المعتقلات اللواتي تعرضن للتعذيب، وكذلك على أوجه معاناة متعددة تعيشها المرأة في السعودية، يشكل الحديث عنها في داخل البلاد خطرا على المتحدث من الإعتقال، سواء كان المتحدث امرأة أم رجل.

سبل الانتصاف لمحاسبة المنتهكين:

لم يتضح خلال 2020 أي تحسن في مايتعلق باستقلال القضاء، بما يضمن وصول ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان إلى سبل انتصاف، وبقي القضاء تحت سيطرة أصحاب القرار المتمثلين في الملك سلمان وولي العهد محمد ومن يرتبط بهم، وهذا ما ينفي عنه صفة الاستقلالية التي يرددها الخطاب الحكومي بإستمرار.

ففي قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي، حاولت السعودية إغلاق القضية والإيهام بوجود قضاء موضوعي ومستقل، من خلال إصدار أحكام وصفها المقررون الخاصون بالأمم المتحدة بغير الشرعية، خاصة أنها لم تطل المسؤولين الفعليين عن الجريمة، كما لاوجود لأي إمكانية داخل البلد للتحقيق مع ولي العهد محمد بن سلمان المتحكم مع أبيه بشكل كامل بكل مؤسسات الدولة، وهذا ما يبين انعدام البيئة التي توفر سبل المحاسبة.

إلى جانب ذلك، فإن الترهيب الذي تمارسه الحكومة السعودية، وقصص الإنتقام التي تنتشر محليا لمن يطالبون بإنصافهم مما يقع عليهم من إنتهاكات، قد تمنع العائلات لحد كبير من المطالبة بالعدالة. ومن بين الشواهد على ذلك قيام الحكومة السعودية بقتل 8 شبان خارج نطاق القضاء، وعدم تمكن عوائلهم حتى من المطالبة بالتحقيق، وكذلك خشيتهم من المطالبة بجثامينهم، رغم مرور عام على قتلهم.

استمرار الانتهاكات في السجون، إلى جانب عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والأحكام القاسية وغير العادلة، والقتل التعسفي، والعديد من الانتهاكات الأخرى، دفع الضحايا إلى البحث عن سبل أخرى للانتصاف.

وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، عقدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان مؤتمرا، شارك فيه عدد من الضحايا أو ذويهم أو من يعبر عن معاناتهم، إلى جانب محامين دوليين متخصصين. المؤتمر ناقش الانتهاكات التي مارستها الحكومة السعودية، وسبل محاسبة المنتهكين بالقانون الدولي وفي دول العالم. المحامون الذين عرضوا تجاربهم وخلاصة دراساتهم ومتابعتهم، أكدوا أن العالم يتجه إلى إيجاد سبل قانونية للانتصاف، من خلال قوانين للعقوبات باتت تقر في عدد من الدول، كالدول الأوروبية وكندا. وبين المحامون أنه يمكن ملاحقة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين في قضايا كالتعذيب والحرمان من الحياة والاستعباد، في حال تم توثيقها بالشكل اللازم.

خاتمة:

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن جائحة كورونا، لم تدفع الحكومة السعودية إلى التخفيف من وطأة القمع، بل استخدمتها في تبرير المزيد من الانتهاكات. بالتالي فإن العام 2021، لن يكون مختلفا عن الأعوام التي سبقته وخاصة سنوات حكم الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد، التي شهدت دموية في عمليات القتل، و تعسفا في الاعتقالات والأحكام، وانتقاما في التعذيب واستخدام القوة وإمعانا في سياسة الإفلات من العقاب.

وتعتبر المنظمة، أن فشل السعودية في الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان، وارتفاع أصوات المنتقدين على مستوى العالم، هو خطوة أولى نحو محاسبة فعلية للمنتهكين، ما يضمن وقف الانتهاكات وحماية الضحايا وعائلاتهم، وخاصة مع ارتفاع حدة القمع والاكتفاء بالإصلاحات كشعارات دعائية.

AR