جلسة أولى من محاكمة 32 متهما بالتجسس لإيران طالب فيها الإدعاء بإعدام 25 وسط إفتقار لأسس المحاكمات العادلة

12 مارس، 2016

تقلصت إلى حد كبير جدوائية محاكمة 32 معتقلا تتهمهم الحكومة السعودية بالتجسس لصالح إيران، بعد حملة إعلامية قامت بها الصحافة السعودية مع بدء الجلسة الأولى من محاكمتهم التي بدأت 21 فبراير 2016، التي طالب فيها المدعي العام بإعدام 25 منهم وهم:

سالم عبد الله العمري – الشيخ محمد عبد الغني عطيه – محمد حسين العاشور – الشيخ بدر هلال آل طالب – حسين علي الحميدي – حسين قاسم العبود – طاهر مسلم الحربي – علي حسين العاشور – علي حسين المهناء – البروفيسور د. علي عبدالله الحاجي – الشيخ عبدالجليل علي العيثان – احمد علي الناصر – عبدالله إبراهيم الخميس – د. عباس عبدالله العباد – إبراهيم علي الحميدي – طالب مسلم الحربي – ياسين صالح الحربي – يوسف عبدالله الحربي – سمير هليل الحربي – عبدالغفور دوس محمد هزارا (أفغاني) – عباس حجي الحسن – أحمد عبدالعزيز النخلي – علوي موسى الحسين – أحمد غرامة الغامدي – علي ضيف الله العواجي.

بينما طالب الإدعاء في السبعة الآخرين، (بعقوبة تعزيرية شديدة): محمد زمان زماني (إيراني) – ناصر عبد الله اللويم – حسين سعيد ال ابراهيم – خضر علي المرهون – سهيل عبد العزيز المولد – الشيخ علي أحمد الكبيش – محمد حسين العلاسي.

حيث تصدرت الصفحات الأولى تقارير قدمت أحكاماً مسبقة بالتجسس، وتبعتها مقالات لكتاب رأي أظهرت المتهمين على أنهم مدانين قبل ثبوت التهم، دون إعتبار للحيثيات القانونية التي تقرر افتراض براءة المتهم. إن القلق الناتج من هذه التغطيات الصحفية، يأتي من إن هذه الصحف غير مستقلة، وواقعة تحت سيطرة الجهاز الأمني في وزراة الداخلية، ما يعني إن هذه الآراء وثيق الصلة بوجهة نظر الدولة الرسمية:

1.      نشروا برقيات سرية تمس الأمن وسعوا للتخريب وإثارة الفتنة، بدء محاكمة 32 متهما بالتجسس لصالح الاستخبارات الإيرانية http://www.al-madina.com/node/661456

2.      تفاصيل مثيرة في أولى جلسات محاكمة خلية الـ32، تورُّط المرشد الإيراني في التجسس ضد المملكة http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160222/Con20160222825638.htm

3.      ينتمون لخلية تضم 32 متهماً.. بعضهم قابل خامنئي، محاكمة ثمانية مواطنين بتهمة التجسس لصالح إيران، تورطوا بتسريب معلومات سرية تخص المجال العسكري http://www.alriyadh.com/1130820

4.      (الخيانة العظمى) لـ 30 سعودياً أفشوا أسراراً http://www.alhayat.com/Articles/14097471

5.      الإعدام يطوق خلية التجسس، الخيانة العظمى لبلدهم ومليكهم وأمانتهم http://www.alwatan.com.sa/Local/News_Detail.aspx?ArticleID=253894&CategoryID=5

6.      محاكمة الـ 32.. تورط أستاذ جامعي وموظف تعليمي بالتجسس http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160223/Con20160223825785.htm

7.      متهمو التجسس لإيران قابلوا خامنئي ومرروا معلومات عسكرية سرية http://makkahnewspaper.com/article/132438

8.      «الادعاء» يطلب قتل 28 جاسوسا، قائمة الخونة تضم محللا اقتصاديا شهيرا وطبيبا ومدربا تقنيا، إيران تجند مالك حملة حج وجنديا للتأثير على أمن الحج http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160225/Con20160225826134.htm

تأتي تلك التغطيات جميعها، بعد جلسة استفتاحية أولى أقيمت في المحكمة الجزائية المتخصصة، توزع فيها المتهمين على 4 أيام، في إستباق واضح لنتائج المحاكمة.

قانونيا، يعد ما قامت به الصحافة من إطلاق الأحكام غير قانوني، الأمر الذي يجوز معه للمتهمين رفع دعاوى على الصحافة، غير أنه لاتوجد في السعودية بيئة قانونية عادلة قادرة على إنصافهم، وذلك لتبعية الجهاز الإعلامي للدولة التي تتحكم بشكل مطلق في المحتوى الإعلامي، وعدم وجود فصل للسلطات بشكل عملي.

وفيما يتعلق بما دار في الجلسة الأولى، فإنها أقتصرت على توكيل المحامين، فيما كان من المفترض أن يتم التوكيل منذ لحظات القبض التي تمت لأغلبهم قبل حوالي 3 سنوات، في تجاوز لركن أساس من أركان المحاكمة العادلة. عادة تتم في الجلسة الأولى في المحكمة الجزائية المتخصصة قراءة التهم من قبل الإدعاء العام، إلا أن هذا لم يحدث وتم الإكتفاء بتسليم المدعى عليهم ورقاً يتضمن التهم، وبهذا انقضت الجلسة الأولى، ولم تستغرق سوى بضع دقائق لكل متهم.

ورغم أن الإدعاء العام يقول أن المتهمين بالتجسس يشكلون خلية منظمة، إلا أنه لم يتم عرضهم كمجموعة على القاضي، وعوضا عن ذلك تم إدخال كل شخص على حدة، في سلوك غير معتاد في القضايا التي يتم إعتبارها (خلايا) في السعودية.

تقول الحكومة السعودية دوما أن القضايا التي يكون فيها إعدام تُنظر من قبل 13 قاضيا يتوزعون على مراحل التقاضي، ويكون نصيب المرحلة الأولى من المحاكمة 3 قضاة، إلا أنه لم يكن في الجلسة سوى قاضٍ واحد.

كما أخل القضاء في الجلسة الأولى بمبدأ (الحق في النظر المنصف للقضايا)، ولو تم التجاوز عن مدى استقلالية المحكمة الجزائية المتخصصة التي تستخدم في نظرها للقضايا (نظام مكافحة الإرهاب وتمويله) والذي يعطي لوزير الداخلية صلاحيات مهيمنة على صلاحيات القضاء، لو تجاوزنا عن ذلك فإنه لايمكن التجاوز عن ضرورة أن يحظى المتهمين بمساحة زمنية مريحة وتسهيلات كافية لإعداد الدفاع، إلا أن ذلك ما تم الإخلال به بشكل يثير الشكوك حول مدى رغبة القضاء في توفير فرصة كافية لإعداد الدفاع، وذلك من خلال التالي:

1.      منح القاضي المتهمين قرابة 3 أسابيع فقط لتسليم ردود الدفاع، في الوقت الذي كانت هناك مدة 3 سنوات قبل المحاكمة قضى فيها الإدعاء وقتا كافياً لإعداد التهم.

2.      لاتوجد مساحة زمنية كافية للمحامين الذين تم توكيلهم من قبل المتهمين، خصوصاً إذا ما وضع بعين الإعتبار أن أغلب المتهمين قاموا بتوكيل 3 محامين فقط (صادق الجبران – طه الحاجي – محمد الشخص)، ونظرا لطبيعة الخطوات التي يحتاج المحامي للقيام بها، فإن هذا الوقت الممنوح يبدو تعجيزياً. على سبيل المثال: فإن الدفعة الأولى من المتهمين اللذين تم عرضت على المحكمة في 21/02/2016 ، تم تحديد تاريخ 14/03/2016 موعدا للجلسة الثانية لبعضهم، مايعني أن أمامهم 22 يوما فقط، أي أنه لو قام المحامين بتخصيص يوم لكل معتقل، فإن ذلك لن يكون كافيا. القضاء لم يستجب للمطالب الذي قدمها بعض المتهمين في الجلسة الأولى حول إعطاء مهلة أوسع لرد الدفاع. وعلى الرغم من ضيق الوقت، إلا أن الجلسة الثانية بدأت دون أن يتمكن أي من المحامين بلقاء موكليهم.

3.      قام القاضي وبشكل مستغرب، بسؤال المتهمين عما إذا كانوا يرغبون في تقديم دفاعهم في ذات الجلسة، وذلك فور إستلامهم للتهم وقبل معرفتهم بمحتواها، إلا أن أحدا لم يقبل بتقديم دفاعه في ذات الجلسة.

4.      قلص القضاء وبشكل ملحوظ حضور أقارب المتهمين للمحاكمة، حيث لم يسمح بحضور أكثر من شخصين إلى جانب المتهم ومحاميه، لكن على الجانب الآخر وسع من حضور الإعلاميين اللذين يعتبرون حضورا منحازا للدولة. إن هذا القدر من الحضور لايمتثل للحق الكامل في علانية المحاكمة، إذا أن العلانية تعني فيما تعنيه أن تكون الجلسات مفتوحة أمام الجمهور، ومفتوحة للإعلام الحر، لأنه بذلك يمكن (معرفة ومراقبة كيف تدار العدالة وتجري حمايتها)[1].

الجلسة الثانية ستكون في الفترة من 14 مارس 2016، وستستمر حتى 6 إبريل 2016، حيث سيتم عرضهم على المحكمة في 16 دفعة، بواقع شخصين في اليوم الواحد.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن عدم إلتزام القضاء بشروط المحاكمات العادلة، سيفضي إلى أحكام غير قانونية، وسيقدم أدلة ملموسة على عدم عدالة وإستقلالية القضاء في السعودية.

[1] دليل المحاكمات العادلة، ص 121.

AR