النيابة العامة تطالب بصلب جلال لباد بتهم بعضها حينما كان قاصرا بعد تعذيب مُريع

8 يونيو، 2020

في 24 يونيو 2019، طالبت النيابة العامة في المملكة العربية السعودية بإيقاع حد الحرابة بحق جلال حسن لباد (3 أبريل 1995)، على خلفية خليط من التهم اشتملت على التظاهر، وبعضها تعود لفترة كان فيها قاصرا. تأتي هذه المطالبة في سياق تصعيد غير مسبوق بمطالبات مماثلة.

اُعتقِل جلال لباد في 23 فبراير 2017، بعد أن داهمت القوات الأمنية منزل أسرته الواقع في مدينة العوامية. لم تبرز الفرقة التي نفذت المداهمة مذكرة اعتقال، كما لم يُسْتَدْعَ قبل ذلك.

تعرض جلال لباد لظروف اعتقال مروعة منذ اليوم الأول، من بينها عزله عن العالم الخارجي في زنزانة انفرادية لمدة تسعة شهور ونصف، توزعت على فترتين، وحرمانه من حقه في الاستعانة بمحامٍ، كما أنه اُخضِع لتعذيب شديد وضروب أخرى من المعاملة السيئة الحاطة بالكرامة الإنسانية، وذلك في فترة التحقيق الواقعة بين فبراير وديسمبر 2017، بغرض إرغامه على الإدلاء بأقوال محددة.

ومن أبرز أصناف التعذيب التي تعرض لها:

  • ضربه من قبل ما يقارب 4 إلى 6 أشخاص في الوقت ذاته، باستخدام قضبان بلاستيكية وأسلاك معدنية.
  • صعقه بالكهرباء في جميع أنحاء جسمه بما فيها المناطق الحساسة (العضو الذكري).
  • ركله بالأرجل بواسطة الأحذية العسكرية التي تحتوي على مقدمة صلبة، من قبل مايقارب من 4 إلى 6 أشخاص في الوقت ذاته في كافة أنحاء جسمه بما فيها العضو الذكري.
  • الدوس على رقبته بالحذاء العسكري حتى الاختناق.
  • الإغراق، عبر إدخال رأسه لعدة دقائق في حوض مليء بالماء حتى الاختناق.
  • تكثيف الضرب على عظمة فخذه الأيمن، بعد معرفة المحقق بوجود أسياخ حديدية في تلك المنطقة.
  • إرغامه الجلوس على كرسي وتقييد يديه وقدميه فيه، والقيام بتعذيبه.
  • ضربه حتى الإغماء، وحتى خروج زبد من فمه وأنفه.

علاوة على أساليب التعذيب القاتلة التي مورست بحقه، تعرض جلال لأنواع متعددة من التعذيب النفسي، كعزله لأيام متواصلة في غرفة ضيقة جداً تقدر أبعادها “متر × مترين” ذات برودة عالية وظلام دامس، أو وضعه في أحيان أخرى في غرفة ذات إضاءة عالية طوال الوقت حتى وقت النوم، مزودة بماء شديد البرودة، يصعب استخدامه. إضافة إلى ذلك عمد المحقق إلى توجيه الكلام البذيء له وتوجيه شتائم طائفية ضده، من قبيل: ابن المتعة – يا رافضي – كلكم الشيعة مجوس وكفار. بالإضافة إلى ذلك، قام المحقق بإهانة أخواته ووصفهن بالفاحشة وتهديده بإحضارهن واغتصابهن، وتهديده بشكل مستمر بالقتل، لإجباره على المصادقة على الاعترافات التي كتبها المحقق بنفسه.

اُدخِل جلال على أثر التعذيب أكثر من مرة إلى المستشفى، وذلك جراء الإغماء المتكرر وهبوط ضغطه وضعف نبض قلبه وانتفاخ شديد في فخذه الأيمن بسبب الضرب المركز عليه.

لا تزال مضاعفات التعذيب الذي استمر قرابة عشرة أشهر، تنخر في جسده، وتتسبب له بآلام طوال الوقت تمنعه من النوم سوى بحبوب منومة، كما أن الضرب المركز على منطقة الخصيتين نتج عنه إصابته بمرض دوالي الخصية الذي سبب له آلاماً شديدة وتجمع للدم بشكل مفرط، مما يجعله يتبول دماً. بالإضافة إلى ذلك، يعاني من تورم مستمر في فخذه الأيمن الذي يوجد به أسياخ حديدية نتيجة للتعذيب المركز عليه، وفقدان التركيز والنسيان المستمر، بحيث أنه يعيد الكلام ذاته عدة مرات.

عُرِض جلال على المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض بعد عامين وخمسة أشهر على اعتقاله. وجهت له النيابة العامة مجموعة من التهم، من بينها، المشاركة في المظاهرات حينما كان عمره 15 عاما وتشييع الضحايا الذين قتلتهم القوات الحكومية بنيرانها.

بالإضافة إلى ذلك، وجهت له تهم بالمساعدة في معالجة مطلوبين مصابين، تستره على مطلوبين، المشاركة مع عدد من المطلوبين أمنياً في قضية القاضي في محكمة المواريث والأنكحة بالقطيف الشيخ محمد الجيراني الذي تم خطفه وقتله، من دون الإشارة إلى دوره في هذه القضية، كما اتهم بإطلاق النار ورمي زجاجات المولوتوف على العساكر.

منذ اختطاف الجيراني في ديسمبر 2016 حتى يناير 2018 (قبل استلام جلال لائحته بعام ونصف تقريباً) قتلت السعودية تسعة أشخاص خارج إطار القانون بذريعة المشاركة بهذه الجريمة، وعلى الرغم  من عدم ذكر المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اسم جلال ضمن قائمة المتهمين في المؤتمرين اللذين اجراهما لتوضيح المستجدات في هذه القضية، وجهت النيابة العامة له تهمة المشاركة مع عدد من المطلوبين أمنياً في هذه الجريمة.

استخدام قضية الجيراني ضد اللباد ليست حالة استثنائية،  فقد وثقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، بلوغ من اتهموا في هذه القضية من خلال المتحدث الأمني والنيابة العامة والصحف الرسمية إلى 22 شخصاً (قد يكون هناك متهمين آخرين)، 9 منهم قتلوا خارج إطار القانون، و11 يقبعون في السجن (بينهم 4 يواجهون مطالب بالإعدام)، و2 لا يزالان مطاردان. جميع التسعة الذين قتلوا خارج إطار القانون لم توجه لهم الحكومة السعودية تهمة التورط بهذه الجريمة إلا بعد قتلهم. مصادر خاصة ذكرت للمنظمة تعرض عددا من المعتقلين الذين يواجهون تهماً بالتورط في هذه القضية لتعذيب وحشي، كما أن أحد المعتقلين (محمد آل عمار) مخفي قسرياً عن العالم الخارجي منذ 149 يوماً، مما يرفع من إحتمالية تعرضه لتعذيب منهجي وسوء المعاملة اللا إنسانية.

اشتهرت السعودية منذ حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز، بانتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان لم تحصل من قبل، ومنها وصولها لأرقام قياسية غير مسبوقة في تنفيذ أحكام الإعدامات السياسية. فمنذ وصول الملك الحالي للحكم في يناير 2015 نفذت السعودية 789 حكم إعدام، 185 حالة منها في 2019.

يوجد حالياً 47 سجينا مهددين بالإعدام على مختلف درجات التقاضي، بينهم 13 قاصرا. أغلبهم تعرضوا للتعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة اللا إنسانية. في 24 مارس 2020، صدر أمر ملكي بإيقاف تنفيذ كافة أحكام الإعدام “تعزيراً”، بحق الأشخاص الذين لم يتموا 18 عاما، وتعديل كافة الأحكام بما يتوافق مع نظام الأحداث، على أن تكون أقصى عقوبة السجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات. وفيما لم تقدم الحكومة السعودية على أي خطوات فعلية لضمان تنفيذ هذا الأمر الملكي حتى الآن، لاحظت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه أيضا يتضمن ثغرات خطيرة، حيث يستثني الأطفال الذين يندرجون تحت فئة الأحكام قصاصا أو بحد لحرابة، وهذا ما يخالف القوانين الدولية كما أنه يبقي خطر الإعدام على عدد من القاصرين، بينهم جلال اللباد الذي تطالب النيابة العامة بقتله بحد الحرابة.

إضافة إلى ذلك، ومن خلال مراقبتها لسير المحاكمات وطبيعة الإجراءات المعمولة بها في فترة التحقيق، تعتقد المنظمة الأوروبية السعودية أن الملك سلمان وابنه ولي العهد هما اللذان دفعا بهذا التعذيب غير المسبوق، وبسلطتهما المطلقة، يؤمنان الحماية لمنفذي جرائم التعذيب ويقودان عملية الإفلات من العقاب. فعلى الرغم من أن كثير من الضحايا قالوا أمام المحكمة أنهم تعرضوا للتعذيب، وأن إعترافاتهم انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب، إلا أن النيابة العامة -التي ترجع للملك سلمان مباشرة- استمرت في دعاويها ودافعت عن صحة الإجراءات، ونفت التعذيب بدون اجراء تحقيقات، في ظل قضاء غير مستقل لا يحرك ساكنا ويصدر أحكامه بالإعدام بناء على أقوال منتزعة تحت التعذيب.

AR