مجزرة أبريل: شاهد على أذن سعودية لاتسمع وتطبيق أعوج للقوانين

1 مايو، 2020

تدعي المملكة العربية السعودية أنها تلتزم بالقوانين الدولية، والمعاهدات والأنظمة التي صادقت عليها، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، واتفاقية حقوق الطفل، كما تكرر في المناسبات الدولية أنها تحترم مجلس حقوق الإنسان وتتعاون مع كافة آلياته.

في 23 أبريل 2020، أعدمت الحكومة السعودية 37 مواطنا في إعدام جماعي، طال أطفالا وأفرادا اتهموا بجرائم تتعلق بممارسة حقوق مشروعة. عدد من الأفراد الذين أعدموا كانوا مادة لبيانات ورسائل تلقتها الحكومة السعودية حول قضاياهم، من قبل المقررين الخاصين في الأمم المتحدة، حيث طالب المقررون بحماية الأطفال من العقوبة القاسية، أو التحقيق بمزاعم التعذيب والتأكد من الوصول إلى الحق في محاكمات عادلة.

المواقف الأمميّة قبل تنفيذ الحكم:

عبدالكريم الحواج، مجتبى السويكت، وسلمان آل قريش

في 11 أكتوبر 2018، أرسل المقررون الخاصون بالأمم المتحدة، رسالة إلى الحكومة السعودية، أشاروا فيها إلى قضية  6 أفراد كانوا قاصرين وقت ارتكاب التهم، يواجهون عقوبة الإعدام في السعودية. من بين هؤلاء عبدالكريم الحواج، مجتبى السويكت، وسلمان آل قريش الذين تم إعدامهم لاحقا ضمن الإعدام الجماعي.

المتهمون بالتجسس                                                         

في 8 فبراير 2018، أرسل المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسالة حول 32 معتقلا يواجهون أنواعاً مختلفة من الانتهاكات. من بينهم عباس الحسن و14 معتقلا في نفس القضية. الرسالة أثارت مخاوف من الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون. على الرغم من المخاوف التي أشارت لها الرسالة، اكتفت السعودية برد مضلل وأقدمت على تنفيذ الأحكام بحق المعتقلين.

عباس الحسن

في 15 مارس 2018، أعرب خبراء في الأمم المتحدة في بيان علني عن قلقهم إزاء خطر الإعدام الوشيك الذي يواجه المعتقل عباس الحسن وآخرين بعد اتهامه بالتجسس لصالح إيران وتمويل الإرهاب ونشر العقيدة الشيعيّة في المملكة العربية السعودية، داعين الحكومة إلى إلغاء العقوبة.

مجموعة ال14

في 28 يوليو 2017، أرسل المقررون الخاصون رسالة إلى الحكومة السعودية، فيما يتعلق بالإعدام الوشيك لـ 17 شخصًا أُدينوا بتهم بينها مايتعلق بالاحتجاج وعلى أساس المحاكمات التي لم تستوف معايير المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة بما في ذلك مزاعم الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، فضلاً عن ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان فيما يتعلق العديد من قضايا عقوبة الإعدام الأخرى في مراحل مختلفة من الإجراءات أمام المحكمة الجزائية المتخصصة. من بين الأسماء، منير آل آدم، مجتبى السويكت، حسين آل ربيع، عبد الله آل طريف، مصطفى الدرويش، سعيد السكافي، فاضل اللباد، عبد العزيز سهوي، أحمد آل ربيع، حيدر آل ليف الذين تم إعدامهم في الإعدام الجماعي.

مجتبى السويكت

في 21 نوفمبر 2016 أرسل المقررون الخاصون رسالة إلى الحكومة السعودية حول قضية الشاب مجتبى السويكت، الذي حكم بالإعدام على تهم حصلت حين كان طفلا بتهم تتعلق بممارسة حقوق مشروعة. أعدم السويكت في الإعدام الجماعي.

منير آل آدم ومجتبى السويكت

في سبتمبر 2016، أرسل المقررون الخاصون رسالة إلى الحكومة السعودية، حول 6 قضايا لأفراد أشارت المعلومات إلى تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وعدم التحقيق والملاحقة القضائية، من بين القضايا كل من منير آل آدم، ومجتبى السويكت الذي تم إعدامهم في الإعدام الجماعي في أبريل 2019.

منير آل آدم

أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) التابعة للأمم المتحدة في خلال دورتها العشرين المنعقدة في يوليو- سبتمبر من عام 2018، قراراً بشأن قضية المواطن منير آدم، الذي أصيب بسبب التعذيب بإعاقة سمعية، معتبرة فيه أن السعودية منتهكة التزاماتها بموجب قانون حماية الأشخاص ذوي الإعاقة ودعتها إلى تزويده بسبل الانتصاف الفعالة، بما في ذلك التحقيق في ادعاءات التعذيب.

سلمان آل قريش ومجتبى السويكت عبد الكريم الحواج

لجنة حقوق الطفل في تقريرها الختامي طالبت السعودية بالكف فورا عن إعدام أفراد تقل أعمارهم عن 18 عاما عند ارتكاب التهمة، وبينهم سلمان آل قريش ومجبتى السويكت وعبد الكريم الحواج، الذين طالهم الإعدام الجماعي الأخيرة. بالتالي فإن السعودية تجاهلت من خلال هذه الإعدامات توصيات واضحة ضد فرض عقوبة الإعدام على القاصرين.

المواقف الأممية بعد تنفيذ الحكم:

دفعت عملية الإعدام الجماعي العالم إلى انتقاد مباشر للسعودية، حيث شكلت الانتهاكات الواضحة للقوانين الدولية، والتجاهل الصارخ للمواقف والرسائل السابقة صدمة للمجتمع الدولي.

أدانت المفوضة السامية السيدة باشيليت بشدة “تنفيذ عمليات الإعدام” لاسيما بعد النداءات المتكررة من جانب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، والادعاءات التي تم الحصول عليها من خلال التعذيب. وأكدت باشيليت -على وجه الخصوص- أن “ثلاثة على الأقل من القتلى كانوا قاصرين وقت ارتكابهم للجريمة المزعومة، وأعربت كذلك عن قلقها العميق على مصير الذين ما زالوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، بمن فيهم علي النمر وداوود المرهون وعبد الله الزاهر”.

أصدرت دائرة العمل الأوروبي الخارجي بياناً رداً على عمليات الإعدام، عبر المتحدث الرسمي باسم الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية مفاده أن إعدام 37 شخصاً في ذات الوقت يمثل أكبر عدد من عمليات الإعدام في يوم واحد في السعودية منذ عام 2016 ويؤكد وجود اتجاه سلبي يتناقض مع تنامي حركة إلغاء عقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم.

وفي رأي أصدره الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي في الأمم المتحدة في 9 أكتوبر 2019، أعرب الفريق عن استيائه وغضبه من تنفيذ السعودية حكم الإعدام بحق كل من عبد الكريم الحواج ومنير آل آدم، كجزء من مجزرة أبريل المروعة التي شملت 37 شخصًا في 23 أبريل 2019، وخاصة أنه كان قد دعا على وجه التحديد إلى ضمان سلامتهم الجسدية والعقلية في أغسطس 2018.

وأشار إلى أن مجلس حقوق الإنسان كان قد طلب من الدول في قراره رقم 33/30 الذي صوتت السعودية لصالحه، أن تراعي الدول آراء الفريق العامل، وعند الاقتضاء أن تأخذ الخطوات المناسبة لتصحيح وضع الأشخاص المحرومين تعسفاً من حريتهم، وهذا ما خالفته الحكومة السعودية بقتلها لآل أدم والحواج، رغماً عن تصويتها السابق على القرار.

نشر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأياً حول قضية عباس الحسن، مواطن سعودي، تم اعتقاله في عام 2013 وأعدم في 23 من ابريل 2019. وجد الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن اعتقاله كان تعسفيا وغير قانوني ومخالف لحقّه بمحاكمة عادلة وحقّه بعدم التعرّض للتعذيب وحقّه في الحياة ضمن مسائل أخرى.

الفريق العامل عبّر أيضا عن “الصدمة، والرعب والغضب” تجاه مسألة إعدامه في حين لم يتم البت بطلب المعلومات التي وجهت الى الحكومة. وأخيرا، دعا الفريق العامل السلطات السعودية إلى إعادة جثته إلى عائلته، الأمر الذي رفضت القيام به لمدة 5 أشهر منذ إعدامه.

الوضع الحالي:

بحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان يواجه حاليا، 52 شخصا على الأقل عقوبة الإعدام، بينهم 13 طفلا. 6 من الأفراد المهددين بالإعدام يواجهون أحكاما نهائية قد تنفذ بأي لحظة، فيما صدرت أحكام ابتدائية بحق 13 منهم، وتطالب النيابة العامة بالإعدام ل 32 شخصا.

على الرغم من الانتقادات الدولية التي وجهت للسعودية في مجلس حقوق الإنسان وخارجه، بعد مجزرة إعدامات أبريل، استمرت الحكومة السعودية بتنفيذ الأحكام وسجلت 185 حكام خلال العام 2019، ولم يٌعرف أن هناك رقما يفوقه في تاريخ السعودية. يثير ذلك مخاوف جدية على حياة المهددين حاليا بالإعدام، وخاصة مع عدم اتخاذ الحكومة السعودية أي خطوة لضمان حصولهم على محاكمات عادلة أو التحقيق في مزاعم التعذيب التي تم توثيقها.

على الصعيد الدولي، أثار مقّررون خاصون مخاوفهم على حياة أربع أفراد من المهددين حاليا بالإعدام، وهم من الشخصيات المؤثرة. ففي 29 نوفمبر 2019 أرسل عدد من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة رسالة إلى حكومة السعودية حول قضية كل من الدكتور علي العمري، الشيخ عوض القرني، الباحث حسن المالكي، الشيخ سلمان العودة، بعد تلقيهم معلومات مقلقة عن تعرضهم لسلسلة من الانتهاكات ومطالبة النيابة العامة بقتلهم.

إضافة إلى ذلك، كان 3 أفراد من الذين يواجهون أحكام إعدام نهائية وهم من الذين اعتقلوا حين كانوا قاصرين، موضوع عدد من الشكاوى التي وجهت إلى الحكومة السعودية وأكدت تعرضهم للتعذيب وطالبت بإسقاط الأحكام الصادرة بحقهم وإعادة محاكمتهم.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية أن الحكومة السعودية تجاهلت الدعاوى والمواقف الأممية ولا زالت تتجاهلها، ولاتزال ترفض تسليم جثامين الضحايا إلى العائلات على الرغم من مرور عام على القتل، ولا زالت أيضا تهدد حياة العشرات، مما يزيد المخاوف من تكرار سيناريو مجزرة أبريل 2019. تؤكد المنظمة أن إستمرار تهديد السعودية لحياة العشرات بالإعدام، رغم الانتهاكات لشروط العدالة على كافة المستويات، يؤكد زيف كافة الادعاءات التي تسوقها الحكومة حول التزاماتها، وهو ما يؤكد أهمية التحرك بشكل عاجل لحماية بقية الضحايا بكافة السبل المتاحة، ومحاسبة المنتهكين، من بين ذلك تعيين مقرر خاص للسعودية في الأمم المتحدة، يتابع كافة الانتهاكات وخاصة عقوبة الإعدام.

AR