المناضل الدكتور عبدالله الحامد يغادر الحياة بعد سلسلة استهدافات جائرة، وإهمال طبي متعمد

24 أبريل، 2020

في 24 أبريل 2020، توفي في المستشفى المدافع عن حقوق الإنسان الدكتور عبدالله الحامد، بعد سلسلة من الإهمال الطبي في المعتقل. الحامد هو أحد أبرز مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية حسم، اعتقل عدة مرات بسبب نشاطه الحقوقي و مطالبه الإصلاحية. في سبتمبر 2018 فاز الحامد بالتشارك مع رفيقه الدكتور محمد القحطاني والناشط وليد أبو الخير بجائزة رايت ليفيلهوود، المعروفة باسم “جائزة نوبل البديلة”، وفي مارس 2020 فاز بالتشارك مع رفاقه في جمعية حسم بالجائزة الحقوقية الأبرز في هولندا المعروفة بـ خوزين بينينغ.

المعلومات أشارت إلى أن الحامد (12 يوليو 1950) كان قد نقل من سجن الحائر في الرياض، الذي يعتقل فيه منذ العام 2013 إلى العناية المركزة في 9 أبريل 2020، وذلك بعد تعرضه لجلطة في المخ ودخوله غيبوبة. وبحسب منظمة القسط، فإن الحامد كان “يعاني من وضع صحي متدهور، نقل على إثره للمستشفى قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وأخبره الطبيب حينها بحاجته العاجلة لإجراء عملية قسطرة في القلب بشكل عاجل”.

على الرغم من ذلك قامت السلطات السعودية بإعادته للسجن في ظروف صحية صعبة وعرضته لضغوط نفسية كبيرة، حيث تم منعه من الاتصال والزيارة لعدة مرات، ولم يسمح للحامد إخبار أسرته أو أي أحد في الخارج بحالته الصحية.

وكان الحامد قد اعتقل في مارس 2013، بعد أن حكم عليه بالسجن 11 عاما والمنع من السفر 11 عاما، بتهم بينها المشاركة في تأسيس جمعية غير مرخصة، والسعي إلى “تقويض سياسات الدولة”، و”تقديم معلومات زائفة عن السعودية”، و”تحريض المنظمات الدولية على المملكة” و “الاشتراك في جمعية غير مرخصة”.

المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان كانت قد وثقت الانتهاكات التي تعرض لها الحامد منذ الاعتقال، حيث عانى في سجن الحائر في الرياض من ظروف سيئة، حيث نقلته السلطات السعودية إلى منطقة في السجن  يسمح فيها بالتدخين، مما شكل تهديدا لحياته الصحية، كما عانى من المضايقات الصادرة عن ضباط السجن بما في ذلك مصادرة كتبه ومتعلقاته الشخصية، ما أدى إلى إعلانه مع رفيقه محمد القحطاني الإضراب عن الطعام في مارس 2014 للمطالبة بغذاء ورعاية صحية علاجية أفضل في السجن، ولم يكن ذلك هو إضرابه الوحيد.

المنظمة الأوروبية السعودية وبالتزامن مع انتشار فيروس كوفيد 19 عالميا، والمخاوف من الأوضاع السيئة وغير الصحية في السجون السعودية، كانت قد أكدت مؤخرا أهمية الأفراج عن الدكتور الحامد ومعتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين وخاصة كبار السن. كما أشارت سابقا في اليوم العالمي للتوعية بشأن معاملة المسنين، إلى أن الحكومة السعودية تسيء “معاملة الأجيال الأكبر سنا وتعرضهم للمعاناة” ومن بينهم الحامد البالغ من العمر 69 عاما، وذلك من خلال الاعتقالات التعسفية والإهمال الطبي والتعذيب، لكن السعودية لم تستجب لكل هذه النداءات.

وكانت قضية الحامد قد تلقت اهتماما من آليات الأمم المتحدة المختصة بحقوق الإنسان، حيث كان الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي قد أرسل رسالة إلى الحكومة السعودية في  سبتمبر 2014، أكد فيها أن اعتقال الحامد هو تعسفي وأن الجرائم التي أدين بها مع ثمانية نشطاء آخرين، فضفاضة وغير دقيقة، وأن النهج الذي اتبعته السعودية معهم يقوض الحقوق الأساسية.

وفي نوفمبر 2015، نشر الفريق العامل رأيه في قضية تسع نشطاء تم إعتقالهم على خلفية نشاطهم في مجال حقوق الإنسان والتعبير عن الرأي وهم: سليمان الرشودي، عبد الله الحامد، محمد القحطاني، عبد الكريم الخضر، محمد البجادي، عمر السعيد، رائف بدوي، وليد أبو الخير، وفاضل المناسف. وبعد عرض وقائع الإعتقال والمحاكمة، ورد الحكومة عليها، أكد الفريق أن ما تعرض له المعتقلون التسعة يعد إعتقالا تعسفيا، وأن إطلاق سراحهم هو سبيل الإنتصاف الأول.

وفي بيان علني في نوفمبر 2016 طالب الفريق العامل وعدد من المقررين الخاصين السعودية بالإفراج عن الحامد ونشطاء معه، مؤكدا أن استمرار احتجازهم انتهاك للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن وفاة عبدالله الحامد في المستشفى، أتت بعد سلسلة من الإهمال الصحي المتعمد الذي تعرض له على مدار سنوات اعتقاله، كما أن الحكومة السعودية كانت لآخر اللحظات متعنتة ورافضة الإفراج عنه على الرغم من أنه معتقل تعسفيا بسبب نشاطه، وعلى الرغم من عمره وحالته الصحية الحرجة. وتعتبر المنظمة أن هذا التعامل السابق لوفاته، يتطلب محاسبة فورية وعاجلة لكافة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن سوء المعاملة والأحكام القضائية الجائرة.

وتشدد المنظمة الأوروبية السعودية على أن ما تعرض له الحامد قد يتكرر مع غيره من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، المعتقلين بسبب نشاطهم، حيث أن السجون السعودية مكتظة بهم وخاصة مع اعتماد الحكومة السعودية سياسة إسكات كافة الأصوات المنتقدة والمعارضة والمطالبة بالإصلاح، كما لايزال هناك عدد من المسنين والمسنات من معتقلي الرأي في السجون.

فإلى جانب استهداف الدكتور الحامد ضمن إستهداف عام لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، كانت السعودية قد شنت حملات متتالية ضد الإصلاحيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، واستهدفت جميع المنظمات الحقوق التي أسست في العقدين الأخيرين. ففيما اعتقلت كافة مؤسسي جميعة حسم الذين كان الحامد من بينهم، لا زالت تعتقل مؤسس جميعة الاتحاد لحقوق الإنسان محمد العتيبي. إضافة إلى ذلك لا زالت تعتقل كل من وليد ابو الخير وسمر بدوي اللذان كانا قد أساسا مرصد حقوق الإنسان في السعودية، فيما حكمت على فاضل المناسف بالسجن 15 عاما وهددت المحامي طه الحاجي بالاعتقال على خلفية تأسيسهما وعملهما في مركز العدالة لحقوق الانسان.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية أن عبد الله الحامد هو ضحية من ضحايا القمع أولاً والإهمال وسوء المعاملة ثانيا، وتعتبر أن وفاته تنبه لأهمية إحياء قضايا كافة المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء وأصحاب الرأي المعتقلين جوراَ في ظروف سيئة، وأن العمل على إطلاق سراحهم أولية قائمة، ولا غنى عن السعي المستمر لمحاسبة المسؤولين.

AR