فيما قمعت أصوات المنتقدين وشردت الآلاف: السعودية تتحدث عن إنجازاتها في قطاع الإسكان

25 مارس، 2020

في سياق مراجعة المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، لخطاب المملكة العربية السعودية في الدورة 43 لمجلس حقوق الإنسان، التي أقيمت في الفترة من 24 فبراير 2020 حتى 12 مارس 2020، وجدت المنظمة أن خطاب السعودية الذي ألقته فيما يتعلق بالحق في السكن للمواطنين والمقيمين، مضلل وغير مطابق للواقع المعاش.

فخلال نقاش تقرير المقررة الخاصة ليلاني فرحة المعنية بالسكن اللائق، كعنصر من العناصر المكونة للحق في مستوى معيشي ملائم، وبالحق في عدم التمييز في هذا السياق قالت السعودية في الدورة 43 لمجلس حقوق الإنسان، أن رؤيتها تركز على تنمية شاملة، بما في ذلك مسألة الإسكان بشقيها الاجتماعي والاقتصادي.

وتحدثت في بيانها على لسان ممثلها عبدالله القحطاني، عن خطوات وخطط عملية قامت بها وزارة الإسكان، تحولت خلالها من منفذ ومطور إلى منظم لقطاع الإسكان بعد دراسة شاملة للسوق. كما قالت أن إنشاء أول مسكن باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد هو إنجاز يهدف إلى تحسين التكلفة وتوحيد مستوى الجودة. وتعهدت بالمضي قدما نحو توفير السكن اللائق لجميع المقيمين والمواطنين.

ترى المنظمة، ومن خلال رصد خطاب السعودية في مجلس حقوق الإنسان، إنها لاتكتفي بالتضليل في القضايا ذات الصلة بالحقوق المدنية والسياسية، بل تمارس ذات السلوك في القضايا المتصلة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية. حيث تعد مسألة الإسكان من أبرز المشاكل التي تواجه المجتمع، ووعودها المتكررة في هذا الملف ليست جديدة.

تمارس في ملف الإسكان كما فيه غيره من الملفات، خطابا إنتقائيا ومبتسرا، ولاتعرض حجم الأزمة، ولاتعكس حجم المعاناة التي يعايشها السكان. ففي العام 2013 أكدت تقارير رسمية أن 80% من السعوديين لا يمتلكون منازل، في ظل ممارسات فساد تقوم بها شخصيات متنفذة من الأسرة المالكة تتمثل في إحتكار الأراضي بشكل واسع، ولازالت السياسات الرسمية حتى اليوم لا تسهل تملك المسكن بالشكل الكافي.

تبلغ مساحة السعودية 2.15 مليون كيلو متر مربع، وتتمتع بمساحة واسعة من الأراضي الخالية، وفيما تحرص دوما بث خطابات مضللة حول واقع مشكلة الإسكان في البلاد، يصعب على جزء كبير من السكان تملك المنازل، كما إن بعض من يمتلك مسكنا، يحصل عليه من خلال قروض بنكية، يتم تسديدها على مدى سنوات طويلة، وتشكل عبئاً مرهقا إلى حد كبير يستنزف نسبة كبيرة من الدخل.

تعيش الغالبية من السكان في مساكن مستأجرة، كما توجد أسر كثيرة تعاني الفقر، وتجد صعوبة في توفير الأجور الشهرية لمنازلهم. وعلى الرغم من غياب الإحصاءات الواقعية، فإن واقع المشاهدات يشير إلى أن عدة أسر قد تعيش في مسكن واحد، تعمد إلى البناء الرأسي، وتبلغ في بعض الحالات 6 أسر في بيت واحد، يتوزعون على شقق صغيرة، وقد تكون في أحيان كثيرة غير ملائمة لمعايير السلامة.

تمنع السعودية وضمن قمعها للحريات، النشطاء ومكونات المجتمع المدني من نقد مشكلة الإسكان. وفي الوقت الحالي وبسبب تصاعد القمع، من النادر إقدام أحد على النقد لهذا الملف المرهق للسكان. يتواجد حالياً في السجون بعض ممن تصدى في السابق لنقد المسائل المتعلقة بأزمة السكن، ومنهم الخبير الإقتصادي عصام الزامل، الذي كان يطرح حلول جذرية وجريئة في كثير من الأحيان.

إضافة إلى ذلك، فيما تحدثت السعودية عن الخطط الإسكانية، تهدد الحكومة بطرد الآلاف من منازلهم وأرضهم بسبب مشروع “نيوم” لبناء “المدينة الأكثر تقدماً” على حساب السكان الأصليين. وبحسب المعلومات تهدد المخططات بجرف أراض السكان الأصليين وتشتيتهم وخاصة من أبناء قبيلة الحويطات.

وكانت الحكومة السعودية قد أقامت عددا من المشاريع التي شردت السكان وحرمتهم من منازلهم، من بين ذلك سكان حي المسورة في مدينة العوامية. وكانت المقررة الخاصة بالحق في السكن اللائق، ليلاني فرحة، قد انتقدت خطط السعودية في حي المسورة، في بيان صدر في أبريل 2017. وأكدت المقررة أن السكان، يتعرضون لضغوط من نواح عديدة لدفعهم إلى إخلاء منازلهم من دون مراعاة للأطر القانونية التي تحميهم من الإخلاء القسري. وأوضحت أن هذه الضغوط، تترك السكان في أحسن الأحوال دون تعويض كاف.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الحكومة السعودية سبب واضح ورئيس في أزمة السكن، وتعتقد المنظمة أن الإقصاء الذي قامت به للمجتمع المدني والنشطاء عن الحديث في مشكلة السكن، يمثل دلالة تؤكد عدم جديتها في إغلاق هذا الملف، الذي يستفيد من أزمته الكثيرون في تكديس الثروات، وبعضهم أفراد من الأسرة الحاكمة، وتجار لهم صلات بأصحاب القرار.

إن الخطابات المضللة في مجلس حقوق الإنسان، لن تحل مشكلة السكن. لقد طرح المجتمع المدني العديد من الحلول ولكن الحكومة أثبتت عدم رغبتها في إنهاء المشكلة.

AR