مقررون خاصون يطالبون السعودية برفع طلب الإعدام عن 4 شخصيات مؤثرة: الأحكام لو نفذت تشكل جريمة قتل تعسفي تتحمل الدولة مسؤوليتها

6 مارس، 2020

أبدى مقررون خاصون في الأمم المتحدة مخاوفهم من إصدار حكومة المملكة العربية السعودية أحكام إعدام على أفراد بتهم تتعلق بممارسة حقوق أساسية في التعبير عن الرأي وحرية المعتقد والدين.

ففي 29 نوفمبر 2019 أرسل عدد من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة رسالة إلى حكومة السعودية حول قضية كل من الدكتور علي العمري، الشيخ عوض القرني، الباحث حسن المالكي، الشيخ سلمان العودة، بعد تلقيهم معلومات مقلقة عن تعرضهم لسلسلة من الانتهاكات ومطالبة النيابة العامة بقتلهم.

الرسالة وصلت الحكومة السعودية موقعة من 6 أطراف: المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً السيدة أغنيس كالامار، نائب رئيس الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي لي تومي، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير السيد دايفيد كاي، المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد السيد أحمد شهيد، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات في سياق مكافحة الإرهاب السيدة فيونوالاني أولان، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة السيد نيلز ملزر.

وقد أشارت الرسالة لبعض التفاصيل حول الشخصيات الأربعة:

الدكتور علي العمري

العمري هو رئيس جامعة مكة المفتوحة ومؤسس قناة تلفزيونية فضائية تتناول القضايا الدينية وتتناول المسائل التاريخية والاجتماعية والسياسية. الدكتور العمري هو أيضا عضو في الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين، وهي منظمة أضافتها السعودية إلى قائمة الإرهاب في نوفمبر 2017.

في 9 سبتمبر 2017 أعتقل الدكتور العمري ووضع في الحبس الانفرادي لمدة 15 شهراً. بعد حوالي 5 أشهر من اعتقاله، مُنِح مكالمة هاتفية مع أسرته، دون أي اتصال آخر بهم لمدة 7 أشهر بعد تلك المكالمة، كما لم يمنح حقه بأي تمثيل قانوني آثناء هذه الفترات.

خلال فترة الحبس الانفرادي، تعرض العمري حسب المعلومات للتعذيب، بما في ذلك الضرب المبرح والصدمات الكهربائية وحرقه بأعقاب السجائر. أُجبر على التوقيع على اعترافات، وأحيل في 4 سبتمبر 2018 إلى المحاكمة على أساس أكثر من 30 تهمة، بما في ذلك الانضمام إلى “كيان إرهابي” وإنشاء قناة تلفزيونية فضائية في بلدين عربيين لنشر فكر الإخوان المسلمين.

بدأت المحاكمة غير العلنية، في المحكمة الجزائية المتخصصة في 5 سبتمبر 2018. في 2 أبريل 2019 قدم الدكتور العمري أدلة إلى المحكمة على التعذيب المزعوم والمعاملة اللاإنسانية التي تعرض لها أثناء احتجازه، والتي تبين الجروح والحروق على جلده. ومع ذلك لم يطلب القاضي أي تحقيق على الإطلاق، وقد استخدمت ضده أقوال تم الحصول عليها تحت التعذيب، وبناء عليها طلبت النيابة العامة باعدامه.

الشيخ عوض القرني

القرني هو أستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك خالد. لديه أكثر من 2.1 مليون متابع على تويتر وكان ناقدًا صريحًا للحكومة السعودية في عام 2012. في 12 سبتمبر 2017، تم اعتقاله من قبل المباحث.

بعد عام على اعتقاله، وجهت إليه تهمة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين ودعمها، والتحريض على القتال والتحريض على الإساءة إلى قادة الدول الأخرى، والإعراب عن دعم المحتجزين المحرومين من حريتهم والدعوة إلى إطلاق سراحهم، وإعداد وإرسال وتخزين المعلومات التي من شأنها المساس بالنظام العام. بدأت المحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وطلبت النيابة العامة عقوبة الإعدام.

الباحث حسن فرحان المالكي:

المالكي هو باحث إسلامي ومفكر معروف بآرائه الدينية المتسامحة المعتدلة، فضلاً عن رفضه للتطرف والطائفية. في 17 أكتوبر 2014 اعتقل واحتجز في سجن الملز في الرياض. ثم أُطلق سراحه وحُرم من السفر إلى الخارج. في 21 يوليو 2017، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامة بالإضافة إلى إغلاق حساب تويتر الخاص به.

في أكتوبر 2018، أي بعد أكثر من عام من اعتقاله، وجهت له 14 تهمة، بما في ذلك عدم الاعتقاد بصحة جميع أحاديث البخاري، انتقاد تصرفات بعض الصحابة مع النبي، إجراء مقابلات تليفزيونية عديدة مع الصحف والقنوات الأجنبية المعادية، وصف المجلس الرسمي لكبار العلماء بأنه متطرف، كتابة العديد من الكتب والأوراق البحثية ونشرها خارج المملكة. في 1 أكتوبر 2018 بدأت محاكمته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وطالبت النيابة العامة باعدامه.

الشيخ سلمان العودة

العودة شخصية دينية مؤثرة، له أكثر من 14 مليون متابع على تويتر ومعروف بدعوته للإصلاحات واحترام أكبر لحقوق الإنسان في إطار الشريعة الإسلامية. في 8 سبتمبر 2017، دعا علنًا إلى الوساطة بين قطر والسعودية، في سياق الأزمة الدبلوماسية الخليجية. في 9 سبتمبر 2017 اعتقل من مقر إقامته في الرياض من قبل ضباط المباحث الذين يرتدون ملابس مدنية وبعد ذلك اختفى قسريا لمدة. فتشوا منزله دون أمر قضائي وصادروا أجهزة وكتب إلكترونية.

خلال الأشهر الأولى من اعتقاله، ظل في الحبس الانفرادي مع محدودية إمكانية الوصول إلى أسرته ومحاميه. وقد صدر بلاغ بشأن هذه القضية من قبل أصحاب الإجراءات الخاصة في 22 ديسمبر 2017. ردت الحكومة السعودية على ذلك بأن اعتقاله تم على أساس الأمن القومي. أثناء الاحتجاز تعرض لسوء المعاملة الشديدة. مُنع من النوم لعدة أيام متتالية وقيدت أقدامه في سلاسل للأشهر الثلاثة الأولى. غالبًا ما كان معصوب العينين وتم استجوابه لمدة تزيد عن 24 ساعة.

أصيب بارتفاع في ضغط الدم، وتم رفض علاجه حتى يناير 2018، ما استدعى نقله إلى المستشفى بسبب التدهور الحاد في حالته الصحية. لم يُسمح له بالاتصال بعائلته إلا في فبراير 2018، وعندها تمكنوا من زيارته لأول مرة في سجن ذهبان بجدة.

في 4 سبتمبر 2018، بعد مرور عام على اعتقاله، بدأت محاكمته في المحكمة الجزائية المتخصصة ووجهت له 37 تهمة شملت الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين وإحداث فتنة أهلية وإثارة المجتمع وإثارة الاضطرابات والاتصال بالمنظمات غير القانونية وعقد اجتماعات ومؤتمرات.

تحليل المقررين الخاصين:

المقررون الخاصون أعربوا عن قلقهم من كافة الادعاءات التي تنهك موادً في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، وطالبوا السعودية بضمان الحق في حرية الفكر والوجدان والمعتقد، وأكدوا أن الحق في التعبير يشمل الحق حرية البحث عن المعلومات والأفكار بجميع أنواعها وتلقيها ونقلها.

الرسالة لفتت نظر الحكومة إلى تقرير المقرر الخاص السابق المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أثناء مكافحة الإرهاب عقب زيارته للسعودية والذي أعرب فيه عن “قلقه البالغ إزاء عدم مراعاة الأصول القانونية في قضايا الإرهاب بشكل عام، وخاصة في الحالات التي تنطوي على فرض عقوبة الإعدام”، إلى جانب تشجيعه الحكومة مراجعة عاجلة لجميع الحالات الحالية التي يُعامل فيها السجناء المتهمون والمحكوم عليهم بقانون الإرهاب، عقوبة الإعدام، من أجل ضمان الوفاء بالمعايير الدولية الدنيا في كل حالة.

المقررون أشاروا إلى أن عقوبة الإعدام في حال لم يتم حظرها يجب أن تفرض فقط بعد الامتثال لمجموعة صارمة من المتطلبات الموضوعية والإجرائية، وعلى وجه الخصوص، لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا على “أخطر الجرائم” التي تنطوي على القتل العمد. وأبدت الرسالة القلق من أن الأفراد المذكورين قد تم اتهامهم وقد يحكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم لا تصل إلى هذا الحد، بل هي عقوبة على سلوك ديني أو معتقد.

كما أكد المقررون أن فرض عقوبة الإعدام، وتنفيذها لاحقًا بعد انتهاء محاكمة لم تتم فيها الإجراءات القانونية الواجبة ولم تُحترم معايير المحاكمة العادلة، تشكل جريمة قتل تعسفي تتحمل الدولة مسؤوليتها.

في ضوء ما تقدم، حث المقررون الحكومة على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان عدم الحكم على الأفراد المذكورين بالإعدام، ومحاكمتهم وفقًا للمعايير الدولية، كما دعوها إلى فرض حظر رسمي على عقوبة الإعدام، والنظر في إلغائها بالكامل. الرسالة طالبت السعودية بتقديم معلومات إضافية حول كافة الادعاءات، وإلى وقف كافة الانتهاكات ومنع تكرارها وضمان مساءلة أي شخص مسؤول عنها.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن رسائل المقررين الخاصين المتتالية للحكومة السعودية، وخاصة فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، تؤشرعلى استفحال هذا التوجه الجائر، حيث تطال بشكل واسع أفرادا مارسوا حقوقا أساسية مكفولة بموجب القانون الدولي. وتشير المنظمة إلى أن مماطلة الحكومة السعودية في الرد خلال المهل المحددة أو في حال الرد بمزاعم غير واقعية، يظهر طبيعة تعاملها مع الآليات الأممية، واستهتارها بتعهداتها، وقد يصدر حكم الإعدام وينفذ على الرغم من كافة الانتقادات. تشدد المنظمة أن على مجلس حقوق الإنسان أن يستخدم آليات أكثر جدية وصرامة للتعامل مع هذه الانتهاكات

AR