أمام ممثلين من مجلس حقوق الإنسان: هيئة حقوق الإنسان الرسمية تروّج لشكليات دون توقف فعلي للسعودية عن انتهاكاتها المستمرة

21 نوفمبر، 2019

روّجت هيئة حقوق الإنسان الرسمية في المملكة العربية السعودية لما وصفته بالإنجاز على الصعيد الحقوقي، حيث أطلقت مبادرة استخدام قواعد البيانات الوطنية لتتبع تنفيذ توصيات الآليات الدولية. وفي احتفال نظم في 3 نوفمبر 2019، شاركت فيه من الأمم المتحدة المنسقة المقيمة في السعودية ناتالي فوستيه (Natalie Faustet) ومن مجلس حقوق الإنسان منسقة برنامج بناء القدرات كرستينا مينكي، أشار فيه رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور عواد بن صالح العواد إلى أن السعودية هي الدولة الأولى عربيا التي تنفذ هذه المبادرة.

العواد قال إن هذه المبادرة تمثّل انطلاقة “نحو بعد آخر، وأفق جديد للتعاون البناء”، وأشار إلى أن ذلك يتناسب مع الاتجاه نحو “بلوغ أفضل المستويات في مجال الحكومة الإلكترونية، الذي يتجلى في رؤية المملكة 2030 التي ورد ضمن أهدافها الوصول إلى المراكز الـ 5 الأولى في مؤشر الحكومات الإلكترونية”. إضافة إلى ذلك قال العواد أن هذه المبادرة تمثل “امتداداً للتقدم الذي حققته المملكة في مجال حقوق الإنسان وعملها على التعاون مع هيئات وآليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة”.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن السعودية تستغل هذه الألية لمجرد التضليل الإعلامي الذي تنتهجه للتعمية على حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، وتعاملها المعيب مع آليات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان، وتحويل الأنظار عن الانتهاكات إلى أنشطة وهمية، لاتصل لحد توقف جدي عن الانتهاكات والجرائم الممنهجة ضد حقوق الإنسان.

المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وفي إطار مراقبتها ورصدها الدائم لتعاطي السعودية مع آليات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، تقدم في هذا التقرير بعض الحقائق التي تتنافى مع مدعيات السعودية في “التعاون مع هيئات وآليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة”.

الاتفاقيات الدولية:

اعتبر رئيس هيئة حقوق الإنسان أن هذه المبادرة تؤكد عزم السعودية على المضي قُدما نحو الوفاء بالتزاماتها وفقاً لاتفاقيات حقوق الإنسان التي أصبحت طرفاً فيها، وتعهداتها الطوعية التي أبدتها عند ترشّحها لمجلس حقوق الإنسان التي شغلت عضويته لأربع مرات منذ تأسيسه عام 2006.

صادقت السعودية منذ العام 1996 على 7 اتفاقيات دولية من أصل 13 اتفاقية، ويستلزم هذا التصديق تقديم تقارير دورية، لكنها تتأخر فيها لسنوات أحياناً. وقد كشف رصد المنظمة الأوروبية السعودية انطواء هذه التقارير على العديد من المعلومات المضللة إلى جانب عدم الالتزام بتوصيات اللجان بشكل مستمر.

عام 1996 صادقت السعودية على اتفاقية حقوق الطفل. في العام 2014 قدمت تقريرا جمع تقريرين كان من المفترض أن تقدمها قبل 9 سنوات وقبل 4 سنوات. لجنة حقوق الطفل قدمت ملاحظاتها الختامية وبينت الانتهاكات التي لا زالت السعودية تمارسها. كما أعلنت عدداً من التوصيّات بينها مطالبات بوقف العقوبات البدنية وأحكام الإعدام بحق عدد من الأطفال. بعد سنوات على التقرير أعدمت السعودية 3 أطفال ذكرتهم لجنة حقوق الطفل في تقاريرها: سلمان القريش، ومجتبى السويكت، وعبد الكريم الحواج، فيما لا زال الإعدام يتهدد 3 آخرين تم ذكرهم أيضا في تقارير اللجنة: علي النمر و داوود المرهون وعبد الله الزاهر.

عام 1997، صادقت السعودية على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية. على الرغم من تقديمها عدد من التقارير الدورية، إلا أنها لم تلتزم بعدد من التوصيات التي قدمتها لها لجنة مناهضة التعذيب في تقاريرها، حيث وثقت المنظمة استمرار استخدام التعذيب، حتى على الأطفال.

عام 2008 صادقت السعودية على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أنها قدمت تقريرها السنوي الأول للجنة في 2015، في وقت كان من المفترض تقديمه في يوليو 2010. إلى جانب ذلك وثقت المنظمة الأوروبية السعودية تجاهل الحكومة السعودية لقرار أصدرته اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خلال دورتها العشرين في 2018، بشأن قضية المواطن السعودي منير آدم المحكوم بالإعدام، معتبرة فيه أن السعودية منتهكة لالتزاماتها بموجب قانون حماية الأشخاص ذوي الإعاقة ودعتها إلى تزويده بسبل الانتصاف الفعالة. على الرغم من طلب اللجنة وقف حكم الإعدام بحق آل آدم، إلا أن السعودية أعدمته ضمن مجزرة جماعية في أبريل 2019.

أصحاب الولايات:

رئيس هيئة حقوق الإنسان اعتبر أن هذه المبادرة تتلائم مع ما يتفق مع التزاماتها بالتوصيات الصادرة عن أصحاب الولايات (Mandates Holders) في إطار الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان.

كلمة العواد تجاهلت السياسة التي تتبعها الحكومة السعودية مع المقررين الخاصين، حيث أنها، وبحسب رصد المنظمة، تلقت منذ العام 2010 مئة شكوى من المقررين الخاصين، ردت على 67 منها فقط. وعلى الرغم من ردها على 67% من القضايا إلا أنها لم تتعاطى بشكل جدي مع التوصيات والتساؤلات التي طرحها أصحاب الولايات، حيث عمدت إلى إعدام أفراد أشار لها عدة مقررين مطالبين بعدم إعدامهم، كما لا زالت تستمر بالإعتقال التعسفي للعديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وكانت المنظمة قد رصدت سابقا تجاهل الحكومة السعودية لآراء الآليات الأممية، ومن بينها الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، حيث وثقت تجاهل السعودية لقرارات الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في 11 قضية، كان من بينها قضية رجل العمال عباس الحسن الذي أعدمته السعودية في أبريل 2019، وقد كان الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي قد طالب بالإفراج عنه، وانتقد بشدة الانتهاكات التي تعرض لها. إضافة إلى ذلك، تتجاهل السعودية البيانات العلنية التي ينشرها المقررون الخاصون في عدد من القضايا من بين ذلك الدعوة إلى الإفراج عن عشرات الناشطين والناشطات مثل سمر بدوي ونسيمة السادة ونوف بنت عبدالعزيز وإسراء الغمغام، حيث تستمر الحكومة باعتقالهن.

إلى جانب ذلك، لا زالت السعودية بين تجاهل وتأجيل، فيما يتعلق بأثني عشر طلب زيارة قدمها مقرّرون خاصّون تابعون للأمم المتحدة، على الرغم من تذكيرهم الدائم لها. وفيما قبلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة زيارتين لكل من المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، السابق بن إميرسون، والمقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، إلا أن تتبع ما نتج عن هاتين الزيارتين يؤكد عدم وجود قبولٍ جدي مع المقررين الخاصين. ففي 23 أبريل 2019 تجاهلت السعودية على نحو صارخ، طلبات وتوصيات متعلقة بعدد ممن قطعت رؤوسهم بشكل جماعي والتي كان المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، قد قدمها في تقريره بعد الزيارة التي قام بها.

التطور في مجال تعزيز حقوق الإنسان:

رئيس هيئة حقوق الإنسان قال أن السعودية حققت تطوراً ملحوظاً في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان على المستوى الوطني، يتمثل في إصدار وتعديل العديد من الأنظمة ذات الصلة بحقوق الإنسان مثل نظام الأحداث الذي تضمن عدم الحكم بأية عقوبات بدنية على الأشخاص الذين لم يبلغوا سن (الثامنة عشرة) وقت ارتكابهم للجريمة، وإنشاء عدد من الآليات المؤسسية مثل هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ومجلس شؤون الأسرة مشيراً إلى أن مجال حقوق المرأة يعد أكثر المجالات نصيباً من الإصلاح والتطوير.

الوقائع تؤكد زيف هذه الادعاءات، ففيما تغنى العواد بتعديل نظام الأحداث الذي تم تعديله في مارس 2018، أعدمت السعودية في أبريل 2019، ستة أطفال، ولا زالت تهدد آخرين. كما وثقت المنظمة استمرار استخدام التعذيب في السجون بحق قاصرين، إلى جانب انتهاكات أخرى.

وفيما تحدث عن الإصلاحات في مجال حقوق المرأة، تستمر السعودية باحتجاز ناشطات ومدافعات عن حقوق الإنسان بسبب ممارستهنّ حقوقا مشروعة، ويواجه بعضهنّ أحكاماً قاسية، في ظل تجاهل سافر لما وقع عليهن من تعذيب وتحرش جنسي.

تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية، أن إطلاق هيئة حقوق الإنسان الرسمية لقاعدة البيانات يأتي في إطار الترويج الرسمي السعودي لإجراءات لا تمت إلى الإصلاحات الحقوقية الفّعالة بصلة. كما تعتبر المنظمة أن السعودية تهدف إلى تضليل المجتمع الدولي بشكل خاص فيما يتعلق بالتعاطي مع الآليات الأممية، وهذا ما دأبت الحكومة عليه من خلال المعلومات الزائفة التي تقدمها في التقارير والردود إلى مجلس حقوق الإنسان وآلياته كافة. إن الآليات التنظيمية أو الإدارية لاتعني شيئاً حينما لاتحقق إحتراماً جادا وفوريا لحقوق الإنسان في البلاد، بل إنها في حالة السعودية تعبر عن سلوك التحايل والتفلت الذي دأبت على ممارسته.

AR