مخاوف من إصدار حكم الإعدام على الدكتور علي العمري في محاكمة هزلية وغامضة

5 أكتوبر، 2019

تُحاكم المملكة العربية السعودية الدكتور علي حمزة العمري (1973) في المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي المحكمة التي تم تقديمها من قبل الحكومة على أنها مختصَّة بقضايا الإرهاب. العمري اُعتقِل في سياق حملة شرسة شنتها السعودية بحق رجال دين ومثقفين في 9 سبتمبر 2017.

الدكتور علي العمري هو أكاديمي وداعية إسلامي ومؤلف، رَأَسَ جامعة مكة المكرمة المفتوحة، ومجلس إدارة منظمة فور شباب العالمية، كما أنه ساهم في تأسيس عدة مؤسسات دينية وشبابية.

في 11 سبتمبر 2017، صرح مصدر مسؤول بأن رئاسة أمن الدولة تمكنت من رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية.

بعد أقل من يوم واحد على تصريح المسؤول في رئاسة أمن الدولة، شنت الصحف السعودية هجمة شرسة في تقاريرها ومقالاتها ضد المعتقلين (مرتزقة الإخوانالخونة يتساقطونإخوان الشياطينتنظيم الخونة)، في مشهد كاشف لانعدام استقلالية الصحف السعودية ووقوعها تحت السيطرة المطلقة لرئاسة أمن الدولة. بالإضافة إلى الصحافة، شاركت المؤسسة الدينية الرسمية بإدانة المعتقلين وإعلان تأييدها لحملة اعتقالات سبتمبر. ففي 15 سبتمبر 2017،  كتبت هيئة كبار العلماء على حسابها في تويتر: “الدعوة إلى “المظاهرات” دعوة آثمة أطلقها شذاذ في الآفاق”. كما نشر الحساب نفسه تصريحا للمفتي السعودي عبد العزيز آل الشيخ في 13 سبتمبر 2017: “قامت هذه الدولة المباركة على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ولذلك فلا مجال فيها لأحزاب سياسية أو فكرية”.

أفادت مصادر للمنظمة أن الدكتور العمري أُخضِع لظروف قاسية بعد اعتقاله، من بينها الاعتقال لمدة طويلة قبل عرضه على المحكمة، والعزل في السجن الإنفرادي لأكثر من عام، والحرمان من الاستعانة بمحام في فترة التحقيق، بالإضافة إلى إخضاعه للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللا إنسانية، ومعاناته من إصابات في أغلب أجزاء جسده جراء صنوف التعذيب التي مورست بحقه، كما اُرغم، تحت وطأة التعذيب، على الإدلاء باعترافات تدينه.

في 6 سبتمبر 2018، ذكرت صحيفة الجزيرة السعودية، تحت عنوان: “30 تهمة توجَّه لسعودي أنشأ منظمة لتدريب الشباب لزعزعة الأمن ومناهضة الدولة”، أن المحكمة الجزائية المتخصصة تنظر في لائحة دعوى مقامة من قبل النيابة العامة تحتوي على ثلاثين تهمة ضد متهم سعودي الجنسية دون تسميته، ولكن بحسب التهم يُرجح أنه الدكتور علي العمري. تضمنت التهم، الإنضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، الخروج على ولي الأمر، إنشاء قناة فضائية، إنشاء مركز دراسات، إثارة الفتنة وإضعاف اللحمة الوطنية، تمجيد السيد قطب أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين، وتأييد المظاهرات. كما ذكرت صحيفة عكاظ، أنه متهم أيضاً بالإلتقاء بخمسة من قياديي الإخوان المسلمين، أحدهم من الأسرة الحاكمة في قطر آل ثاني والشيخ القرضاوي، وإنشاء منظمة تعنى بفئة الشباب وتدريبهم داخل المملكة وخارجها.

منذ ستينيات القرن الماضي كانت السعودية تدعم بشكل مستمر جماعة الإخوان المسلمين وتطبع كتبهم، وتحديداً بعد توتر العلاقات بينها وجمهورية مصر فترة الرئيس جمال عبد الناصر. في 7 مارس 2014 أدرجت السعودية جماعة الإخوان المسلمين في قائمة المنظمات الإرهابية، بعد ما يقارب 50 عاما من دعم متفاوت. جاءت هذه الخطوة عقب أقل من عام على دعم السعودية لإنقلاب الجيش المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي على الرئيس المصري محمد مرسي، أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

علاوة على العمري، تهدد مطالب الإعدام حياة عدد ممن اعتقلوا في سبتمبر 2017، من بينهم الباحث  حسن فرحان المالكي والشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني، ومن غير المستبعد أن هناك آخرين يواجهون الإعدام من معتقلي سبتمبر 2017.

إتهام العمري وآخرين بالارتباط بأجندات معادية للدولة لتحقيق مصالح خارجية دون تقديم أدلة متينة ليست حالة استثنائية، فلقد أعدمت السعودية 11 رجلاً في إبريل 2019 بتهمة التجسس لإيران، من بين مجموعة ضمت 32 كانت قد اعتقلت معظمهم في 2013، وعقب توتر العلاقات بين السعودية وإيران طالبت النيابة العامة بإعدام خمسة عشر شخصاً منهم. وجهت السعودية لهم الكثير من التهم الغريبة التي ليس لها علاقة بالتجسس، كالتوقيع على بيانات سياسية، المشاركة في التظاهرات، نشر المذهب الشيعي، عمل قوائم للمعتقلين السياسيين.

توسعت السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وابنه ولي العهد في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بحق أصحاب الرأي والمعارضين والمتهمين بإرتكاب جرائم غير جسيمة بحسب القانون الدولي. فمنذ صعود الملك سلمان على سدة الحكم في 23 يناير 2015 حتى نهاية سبتمبر 2019، نفذت السعودية على الأقل 387 حكماً بالإعدام على خلفية تهم غير جسيمة.

في 5 أبريل 2018، أطلق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وعداً بتقليص أحكام الإعدام إلى الحد الأدنى الممكن، لكن إحصائيات المنظمة تؤكد تصاعد في أحكام الإعدام بشكل مروع. فمنذ إبريل 2018 حتى نهاية سبتمبر 2019، نفذت السعودية 264 حكماً بالإعدام، فيها 157 حالة على الأقل، تمثل نسبة 59.5% على خلفية جرائم غير جسيمة بحسب القانون الدولي، ضمنها 37 حالة تمثل نسبة 14%، على خلفية تهم سياسية.

إن الحكومة السعودية تستخدم عقوبة الإعدام بشكل مرعب لتصفية أصحاب الرأي، وأن مزاعم إرتباط الدكتور علي العمري بأجندات خارجية معادية للسعودية تهدف إلى تبرير المطالبة بإعدامه. كما تستخدم السعودية المؤسسة الدينية التي تجرم التظاهر والاختلاف مع رؤية الحاكم من أجل شرعنة القمع والتمهيد لتقبل قتل المعارضين وأصحاب الرأي.

تعتقد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن محاكمة العمري اعترتها خروقات عميقة لمبادئ المحاكمة العادلة، وأنها تأتي في سياق النمط الثابت من المحاكمات الصورية الجائرة التي تعتمدها السعودية مع المعتقلين السياسيين على وجه أخص، كما يؤكد نهج السعودية في استخدام خلافاتها مع الدول المجاورة بشكل واضح لإنهاء حياة أصحاب الرأي والمعارضين.

AR