الحكومة السعودية تخالف المبادئ الأساسية لعمليات الإخلاء: سكان حي المسورة يواجهون التهجير القسري وخطر التشريد

13 فبراير، 2017

في 20 يناير 2017، نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان: “السعودية توشك على هدم حي المسورة التاريخي ومئات المنازل التراثية مخالفة للقوانين التي تحظر تدمير التراث الإنساني”، وذلك على أثر اتخاذ الحكومة السعودية قراراً بهدم الحي التراثي في بلدة العوامية بما يخالف القوانين المحلية والدولية التي تنص على حفظ التراث الثقافي، ويخالف رغبة السكان الأصليين بالاحتفاظ بهذا الإرث التاريخي الذي يقدر عمره بأربعمائة سنة.

وكانت الحكومة قد تنصلت من وعدها للأهالي بإعطاء كل صاحب منزل أرض مع تعويضات وقرض، بحسب ما نشرت صحيفة رسمية بتاريخ 2 يوليو 2014. تقرير الصحيفة ذاته أشار إلى أن “المشروع الاستراتيجي لأهل العوامية سيخضع لعمل استمارات لكل عقار مطلوب نزع ملكيته، وسيتم التعرف على مطالب الناس وتعويضهم في شكل مرضي”.

في المقابل، أكد الرصد الذي قامت به المنظمة، أن الإجراءات الحكومية اقتصرت على تثمين الكثير من المنازل بمبالغ لا تفي لحيازة منزل بديل، حيث تجبر الحكومة المواطنين على إخلاء منازلهم والانتهاء من إجراءات التنازل عن الملكية وذلك قبل إعطاءهم التعويضات وقبل توفير سكن. وبحسب المعطيات فإن هذه الإجراءات ستجعل من المدة التي سينتظرها المواطنون لحصولهم على سكن جديد مجهولة، ما يجعلهم عرضة للتشرد، ومواجهة ظروف منهكة ماديا وإجتماعيا، لعدم حصولهم على منازل بديلة قبل ترك منازلهم القديمة.

إضافة إلى ذلك، فإن عملية تثمين المنازل والتعويضات، لايمكن وصف أغلبها بالعادلة، وقد أشارت المنظمة في تقريرها السابق إلى ما تضمنته عملية التثمين من خلل وعشوائية وغياب المعيارية، حيث تراوحت كثير من التعويضات بين ستمائة ألف ريال ومليون ريال، في الوقت الذي أكد عقاريون للمنظمة، أن تكلفة بناء منزل جديد في مدينة العوامية تقارب المليوني ريال، وهذا ما يخالف “المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية المتعلقة بعمليات الإخلاء والترحيل بدافع التنمية” التي تنص في الفقرة 16 على: “لجميع الأشخاص والمجموعات والمجتمعات المحلية الحق في إعادة التوطين، ويشمل هذا الحق في أرض بديلة تفوق أو تضاهي من حيث نوعيتها تلك التي أخُذت منهم وفي سكن يجب أن تتوافر فيه معايير اللياقة”.

في 25 يناير 2017، قطعت الحكومة السعودية الكهرباء عن حي المسورة، بغية إجبار الأهالي ترك منازلهم قبل حصولهم على سكن لائق بديل. قطع الكهرباء عن الحي خلق معاناة كبيرة ومتعددة للأهالي، خاصة في ظل الحاجة إلى أجهزة تدفئة في فصل الشتاء، وحاجة سكان الحي من مسنين ومرضى إلى عناية خاصة، كما أن قطع الكهرباء أجبر بعض العوائل على التشتت في منازل أقربائهم، والاحتياج للمساعدات الإجتماعية، في حين أنه كان يمكن للدولة توفير سكن قبل أي إجراءات قسرية، وحتى لحظة نشر التقرير لازالت الكهرباء مقطوعة منذ 19 يوما ولا وجود إي إشارات لإعادة التيار الكهربائي.

على الرغم من المعاناة، إلا أن قسماً من الأهالي رفضوا سياسة التهجير القسري، وترك منازلهم من دون بديل، وأضطروا لإستخدام مولدات كهربائية، كما دفع ذلك عددا منهم إلى القيام ببعض الإعتصامات قرب حي المسورة، للتعبير عن عدم رضاهم عن الإجراءات الحكومية الجبرية والتي تمس الكرامة والكثير من الحقوق.

في المقابل عمدت حسابات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، يُرجح أنها من جملة الحسابات التي تدار من قبل وزارة الداخلية، إلى مهاجمة المعتصمين ووصفهم بالإرهابيين، وكذلك ربط بعض النساء الذين ظهروا في مقاطع فيديو قصيرة ببعض المطلوبين لوزارة الداخلية السعودية، الأمر الذي يمكن أن يفهم منه إنه تهديدات للمعترضين والمنتقدين من الأهالي، في وقت يرجح عدم حصول المتضررين والمعترضين على إنصاف قانوني فيما لو تقدموا للقضاء بسبب إفتقاده للإستقلالية، في الوقت الذي تنص “المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية المتعلقة بعمليات الإخلاء والترحيل بدافع التنمية” في الفقرة 17 على أنه: “يتعين على الدول أن تكفل سبل انتصاف قانونية، أو سبل انتصاف أخرى، ملائمة وفعالة لأي شخص يدعي أنه تم انتهاك حقه في الحماية من الاخلاء القسري أو أنه مهدد بالتعرض لذلك الانتهاك”.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إن ما تقوم به الحكومة السعودية، مخالف للقوانين المحلية والدولية، كما أنه يتضمن إجراءات مهينة وغير إنسانية ولا تتوفر على ما يضمن حق الكرامة الإنسانية. على الحكومة السعودية الإلتزام بالقوانين المتعلقة بحقوق السكن وبحقوق الشعوب الأصلية في تراثها وتاريخها، وإن عدم إمتثالها لذلك هو تجاوز صريح للقوانين.

AR