السعودية تنهي مارس 2017 بانتهاكات جسيمة في القطيف والعوامية بذريعة ملاحقة مطلوبين

1 أبريل، 2017

تستمر حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الداخلية التي يرأسها ولي العهد محمد بن نايف، في إرتكاب إنتهاكات جسيمة لا تجيزها القوانين الدولية، وذلك خلال مداهمات تنفذها بعربات مدرعة، وقد تمكنت المنظمة الأوروبية السعودية من توثيق بعضها في وقت سابق، منها مداهمة وقعت في 20 ديسمبر 2014 قتلت فيها خمسة مواطنين خارج نطاق القانون كان من بينهم قاصر، ومداهمات في نوفمبر 2016، وقد شهد مارس 2017 تواجدا عسكريا مكثفا في القطيف والعوامية، أسفر عن العديد من المداهمات ومحاولات الاغتيال، وسط أحياء سكنية، وذلك بحسب ما تقول الحكومة أنه لملاحقة مطلوبين ولمكافحة الإرهاب. 

في 9 مارس قامت سيارات مدنية مجهولة بعملية قتل مباشرة في الشارع للمواطن مصطفى مداد بينما كان يقود سيارته في شارع أطلق عليه المتظاهرون منذ ٢٠١١ بشارع الثورة (شارع الملك عبدالعزيز) في محافظة القطيف، وفي 10 مارس صرح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية بأن الجهات الأمنية تمكنت من قتل “المطلوب” مصطفى المداد بعد مواجهته لها وعدم امتثاله لأوامرها. ولم يلحظ في مناسبات متعددة أن الحكومة السعودية تتخذ إجراءات لحفظ أرواح المستهدفين، وفي مرات عديدة تقوم بالاستهداف المميت بشكل مباشر.

وفي 11 مارس 2017 قامت الحكومة السعودية بمداهمة، لوحظ فيها تصعيدا في مستوى العنف الذي تمارسه، وذلك مقارنة بعشرات المداهمات السابقة، فقد شوهد بعد المداهمة بقايا سلاح لم ترصد المنظمة مثله في عشرات المداهمات السابقة، ولم يتسنى للمنظمة حتى الآن معرفة نوعه، ويعتقد أنه كان سببا في تهديم جدار لأحد منازل حي المسورة التراثي. وفي حي مجاور للمسورة، وأثناء ذات المداهمة التي استمرت قرابة نصف ساعة بين الساعة 10:00 حتى الساعة 10:30، أطلقت إحدى العربات المدرعة التي كانت تحاصر المنافذ أثناء المداهمة، النار على وليد طلال العريض حينما كان يلقي نظرة خاطفة على الشارع من أمام باب منزلهم، حيث تم تصويب رصاصتين أصابته إحداهما في رأسه.

وبحسب بعض المعلومات الأهلية، يرجح بأن العريض قاصرا، ومازالت الحكومة السعودية تحتجز جثمانه منذ 11 مارس 2017، ويحتمل عدم تسليمه لأسرته، رغما عن مطالبتهم به، وذلك بعد إن بدأت بممارسة إحتجاز الجثث وعدم تسليمها في عدة مناسبات. وقد أعلنت وزارة الداخلية بعد المداهمة أن العريض كان مطلوب لديها. أما المصادر الأهلية، أكدت أن الطفل وليد طلال العريض كان يمارسه حياته بشكل طبيعي، ويذهب بانتظام من مدينته العوامية إلى مدرسته في مدينة صفوى، وذلك بعد مروره مرتين يوميا من نقطة تفتيش مشددة، ولم يُستدعى أو يحقق معه أو يصدر بحقه حكم قضائي.

كما أسفر عن المداهمة العديد من الخسائر المادية، منها تلفيات متفاوتة فيما لا يقل عن عشرين سيارة بسبب الرصاص العشوائي، وإصابات عشوائية بالرصاص في المباني المجاورة لموقع الحدث، ولا يمكن للمتضررين الحصول على تعويضات بسبب عدم وجود قضاء مستقل، وخوف السكان من التعرض للإعتقال أو الإنتقام في حال قاموا بالمطالبة بالتعويضات.

وفي مداهمة أخرى وقعت في ٢٨ مارس ٢٠١٧، قامت السعودية بإقتحام مزرعة المعتقل (حسين الفرج) الواقعة في منطقة الرامس الزراعية، وذلك بدون إبراز أذن قانوني، وبحسب مصادر أهلية للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان فإن القوات المدججة بالأسلحة اعتقلت جعفر الفرج و وصفي القروص تعسفيا من داخل المزرعة، بالرغم من عدم وجود أي إستدعاء لأيا منهما أو حكم قضائي. وأثناء خروج القوات من المزرعة فتحوا النار على سيارة كانت قريبة من محيط المزرعة، كان يستقلها المواطنين ، محمد طاهر النمر، ومقداد محمد النمر مما تسبب في مقتلهما.

المداهمة التي استمرت قرابة ساعتين ونصف، والتي كانت الحكومة تطلق أثناءها النار بشكل عشوائي في كامل المحيط، أسفرت عن تلفيات مادية في عدة مزارع وقرابة سبع سيارات، وكذلك لا يمكن للمتضررين من الإنتصاف القضائي أو الحصول على تعويضات، وقد وثق أحد المزارعين لحظات إطلاق النار حينما كان مختبئا (الفيديو).

في 29 مارس صرح المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية بتفاصيل المداهمة، قائلا أنه وأثناء قيام القوات بالمداهمة تعرضوا “لإطلاق نار من مزرعة مجاورة” وأسفرت المداهمة عن: “أولا : مقتل من قاموا بإطلاق النار تجاه قوات الأمن وهم كل من: 1ـ محمد طاهر النمر. 2ـ مقداد محمد النمر.

ثانيا : القبض على كل من: 1ـ عبدالرحمن فاضل العبدالعال. 2ـ محمد جعفر العبدالعال. 3ـ جعفر محمد الفرج. 4ـ وصفي علي القروص”.

وقد وصفت وزارة الداخلية أن القتلى والمعتقلين: “سعوديون ومن أرباب السوابق والمشاركين في الأعمال الإرهابية والاعتداءات الإجرامية”.

ما قامت به الحكومة السعودية تجاه الشابين مقداد النمر ومحمد طاهر النمر، قتل خارج نطاق القانون، كما تجري العادة في المداهمات المماثلة، وذلك حتى لو كان من أمامها أعزلا أو كان مجرد عابر. بل إنها قامت في بعض المداهمات بإعتقال أحياء، ونفذت فيهم القتل بعد الإعتقال.

وفيما يتعلق بالمعتقلين، فلم يُعرف أن أحدهم كان مطلوبا كما صرح المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، فقد أكدت مصارد أهلية للمنظمة، أن جعفر محمد الفرج الذي أعتقل أثناء المداهمة كان يمارس حياته بشكل طبيعي، كما يعبر وبشكل شبه يومي على نقاط التفتيش المنصوبة حول مداخل العوامية ومداخل القطيف، ويبرز هويته للمفتشين، ولقد راجع محكمة القطيف مؤخرا لإجراء وكالة رسمية بتاريخ 20 مارس 2017، أي قبل ثمانية أيام فقط من المداهمة، والمنظمة تحتفظ بنسخة من الوكالة. أما وصفي علي القروص فهو موظف نظامي في أحد القطاعات العسكرية في محافظة الدمام.

كما أكدت المصادر الأهلية بأن الشابين عبد العال، اللذين اعتقلتهم القوات أثناء خروجها من منطقة مزارع الرامس، كانا يمارسان حياتهما بشكل طبيعي، ولم يكونا مطلوبين. فمحمد جعفر عبد العال كان يذهب بانتظام من مدينته العوامية إلى مدرسته في مدينة صفوى بعد مروره لمرتين يوميا من حاجز أمني يقع بين المدينتين، وَعَبَد الرحمن عبد العال يدرس في الهند وقبل فترة وجيزة أتى للبلاد من أجل المكوث مع أسرته خلال مدة إجازته الدراسية.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن السعودية ترتكب انتهاكات جسيمة بذريعة ملاحقة المطلوبين، ومكافحة الإرهاب، وفي ظل ذلك لايمكن لأهالي الضحايا اللجوء داخليا لأي سبل انتصاف عادلة، بل إن الخشية من طلب الإنتصاف القانوني هو السلوك السائد نظرا للقمع المتصاعد الذي تنتهجه الحكومة. كما أنها تتوسع في إتهام ضحايا عنفها المفرط، من المقتولين والمعتقلين بأنهم مطلوبين أو إرهابيين، وذلك لتبرير إنتهاكاتها الجسيمة وترهيب المواطنون.

تبدي المنظمة قلقها الشديد إزاء السياسات المتبعة، خصوصا مع وجود مؤشرات متعددة حول استمرارها بالعنف المفرط والقوة المسلحة، والتي يرجح بأنها ستزيد من حجم الضحايا، وانتهاك حقوق الإنسان في السعودية.

كما تطالب المنظمة الحكومة السعودية بالكف عن إعتقال الجثامين، وتسليم القتلى لعوائلهم، كما يساور المنظمة قلق شديد حول الإحتمالية لتعرض المعتقلين من هذه المداهمات لتعذيب شديد ومعاملة حاطة بالكرامة.

صور من المداهمة بتاريخ 11 مارس 2017 

صور من المداهمة بتاريخ 28 مارس 2017

AR