تعذيب صلاح السيسبان، وترهيبه قبل المحاكمة

6 ديسمبر، 2013

تتكاثر في المملكة العربية السعودية حالات الإعتقالات التعسفية للمواطنين، على خلفية قضايا تتعلق بالحقوق والحريات، وقياساً للمعاير الدولية المتعلقة بالقبض والإحتجاز والمحاكمة، فإن ما يجري يعد إنتهاكاً ممنهجاً وليس حالات فردية. صلاح حسن مكي السيسبان خريج المرحلة الثانوية، يعمل في الأعمال الحرة غير متزوج، محتجز منذ 28/01/2013 ، عينة شاهدة على المنهجية التي تتبعها الحكومة السعودية في التعاطي مع معتقلي الرأي.

البحث الجنائي التابع لشرطة محافظة القطيف، يتصل على حسن السيسبان (65 عاما) طالباً منه الحضور على اثر بلاغ على سيارة تعود ملكيتها لأبنه المبتعث خارج البلاد. ذهب بالسيارة، وفي التحقيق تم سؤاله عن صاحب السيارة، فأجابهم انها لأبنه المبتعث في الولايات المتحدة الأمريكية. فسألوه عمن يستخدمها الآن، فرد انه وابنه صلاح (22 عاماً – مواليد القطيف10/7/1991) يستخدمانها.

فطلبوا حضور أبنه بمعيته، وصل لمنزله، أيقظ أبنه من النوم وذهب معه من جديد.

حقق مع صلاح، وسئل عن محمد آل زايد (أحد المطلوبين في قائمة 23) ، عما إذا ركب معه السيارة، فنفى صلاح ذلك. خرج الأب وأبنه بعد انتهاء التحقيق منهم.

في اليوم التالي تم الاتصال، وطلبوا من الأب الحضور مع ابنه مجدداً، إلا أنه أعتذر عن الحضور بسبب مناسبة عائلية، واعداً إياهم الذهاب في السبت المقبل 28/1/2013.

يوم السبت، أعيد ذات السؤال على صلاح بمعية والده، مع إضافة أن هناك صوراً تثبت وجود (محمد زايد) معه في السيارة، أكد صلاح نفيه، طالباً رؤيته الصور، ولكن لم يتحقق له ذلك.

حينما حانت الساعة 11:30 صباحاً، عزل الأب عن أبنه في التحقيق، بداعي أنهم سيستمرون في استجواب صلاح لساعة إضافية قبل إخراجهم سوية، بينما طلب من ابيه انتظاره في غرفة أحد ضباط المركز.

بعد ساعتين ونصف، على أنتظار الأب، أخبره أحد الموظفين بمراجعتهم غداً ليأخذ أبنه، دون توضيحات أضافية، وحينما راجعهم في اليوم التالي لإستلام ابنه وفق الوعد، أخبروه أن ابنه ارسل الى سجن مباحث الدمام.

لم يتح لصلاح حضور محامي في مرحلة ما قبل المحاكمة، وفي التحقيق تعرض لأنواع مختلفة من التعذيب:

–         عند وصوله للمباحث، أستقبله 8 جنود مقنعين بالضرب المبرح وأدخلوه عند الساعة 7مساءً زنزانة انفرادية، وفي الساعة 11 من مساء نفس اليوم قام المحقق ومعه 5 من الجنود الموكل لهم تنفيذ أوامر التعذيب بضربه بخراطيم مطاطية، وركله بأرجلهم على أجزاء مختلفة من جسده، حتى وصل لحد الأغماء، ما استدعى تحويله لمستشفى السجن الداخلي وتنويمه لمدة يوم واحد.

–         تعرض للإهانات اللفظية المهينة واللا أخلاقية.

–         الإيقاف لساعات طويلة رافعاً اليدين مع تعصيب العينين وتقييد اليدين والرجلين.

–         يحرم من النوم عن طريق تعليقه من يديه كل ليلة بعد 11مساء، مع جعل اصابع قدميه تلامس الأرض.

وبعد شهر من السجن الانفرادي المصحوب بالتعذيب الجسدي والنفسي، نقل لقسم السجن الجماعي، في حالة نفسية استدعت تناوله لأدوية نفسية فترة من الزمن نتيجة لما تعرض له.

في يوم الأثنين 28/10/2013 أخرج من قسم السجن الجماعي إلى الانفرادي بضرب ولكم بالأيدي والأرجل وجلس يوم واحد هناك، وفي اليوم الثاني اخرجوه ذاهبين به للرياض لمحاكمته، عقدت جلسته الأولى بتاريخ 3/11/2013، وفي أثناء الجلسة سلمه القاضي لائحة الاتهام التي تلخصت في التالي:

–         السعي للإفساد والإخلال بالأمن والطمأنينة العامة وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية من خلال مشاركته في عدة مظاهرات.

–         الدخول إلى المواقع المحظورة عبر الشبكة العنكبوتية للإطلاع على أوقات المظاهرات المناوئة للدولة بقصد المشاركة فيها.

–         إيصال احد المطلوبين على قائمة (23) وتستره عليه وعدم إبلاغ الجهات الأمنية عنه.

وقد أنكر المعتقل في المحكمة جميع التهم الموجه له جملة وتفصيلاً وأخبرهم ان هذه التهم انتزعت منه وصدق عليها تحت الإكراه والتعذيب، مثبتاً للقاضي بعض أثار التعذيب التي ما زالت على جسده، ووعده بالنظر في أمره، ورفعت بتحديد الجلسة الثانية بتاريخ 09/12/2013.

وبناء على هذه الممارسات تعد السعودية منتهكة للمادة 28 من (نظام السجن والتوقيف) السعودي الصادر تحت المرسوم الملكي رقم م/31 بتاريخ 21/06/1398هـ (29/05/1978)، التي تنص على: (لا يجوز الاعتداء على المسجونين أو الموقوفين بأي نوع من أنواع الاعتداء. وتُتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين أو العسكريين الذي يباشرون أي عُدوان على مسجون أو موقوف وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجزائية عليهم في الأحوال التي يكون الاعتداء فيها جريمة).

كما يعارض تعذيبهم للمعتقل السيسبان  المادة 2 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/2 بتاريخ 22/01/1435هـ (25/11/2013): (ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنوياً، ويُحْظَر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة).

ويعارض أيضاً (اتفاقية مناهضة التعذيب)، إذ تعرف الاتفاقية في مادتها الأولى التعذيب على أنه: (أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية).

الفقرة الأخيرة أضيفت مؤخراً ولم تكن موجودة في النسخة السابقة من النظام، ما يؤكد إنتهاك النظام في كلا النسختين.

  1. الإفراج الفوري عن المعتقل السيسبان، وتحملها سلامته الجسدية والنفسية.
  2. إجراء تحقيق فوري ونزيه وشامل حول التعذيب والانتهاكات المتعددة التي تعرض لها المعتقل صلاح السيسبان، وذلك استناداً على المادة 28 من نظام (السجن والتوقيف) التي تنص: (لا يجوز الاعتداء على المسجونين أو الموقوفين بأي نوع من أنواع الاعتداء، وتتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين أو العسكريين الذين يباشرون أي عدوان على مسجون أو موقوف وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجزائية عليهم في الأحوال التي يكون الاعتداء فيها جريمة).
  3. تقديم الرعاية الصحية اللازمة له على نفقة الدولة، لمعالجة الآثار الجسدية والمعنوية الناتجة عن التعذيب.
  4. السماح لمنظمات حقوق الإنسان المحايدة الالتقاء بصلاح دون تعطيل.
  5. ضمان حقوقه كاملة أثناء جميع مراحل فترة احتجازه.

وتناشد الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان المؤسسات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية متابعة الجوانب المتعلقة بإحتجاز ومحاكمة السيسبان، والعمل على وقف جميع الانتهاكات القانونية والحقوقية. ونؤكد أنه بحسب معلوماتنا والبيانات المتوفرة لدينا، فإن صلاح ليست الحالة الوحيدة، حيث توجد الكثير من الحالات المشابهة التي وقعت عليها انتهاكات جسيمة، ويحتجزون في ظل ظروف في سجون المباحث السعودية بشكل عام، وبدورنا سنقوم بمواصلة رصدها ونشرها ومخاطبة الجهات المعنية ذات العلاقة.

AR