عَذَّبوه حتى خُنِقَت أنفاسه، (القلاف) في سجون المباحث السعودية

15 نوفمبر، 2013

وفقاً لإنضمام السعودية في 23/09/1997 إلى: (اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة)، فإنه يتوجب عليها تقديم المجرمين من ممارسي التعذيب إلى العدالة الجنائية، وذلك بموجب ما نصت عليه المادة 4 في فقرتيها: ( “1” تضمن كل دولة طرف ان تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائى، وينطبق الأمر ذاته على قيام أى شخص بأية محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامه بأى عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب. “2” تجعل كل دولة طرف هذه الجرائم مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تاخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة).

في 07/04/2012 ، وبينما كان متوجهاً مع زوجته وطفلهم الرضيع ذو الخمسة أيام إلى عيادة أطفال محلية بمحافظة القطيف (عيادة د. باقر العوامي)، فوجئ المواطن منير جعفر علوي القلاف (مواليد 15/01/1987، من سكان محافظة القطيف، موظفاً في إحدى شركات القطاع الخاص) بتجمع عدد من سيارات Yukon تخص قوى الأمن السعودي ، بينما أغلقت المنافذ المحيطة بالموقع بمدرعتين مصفحتين.

وفور إنزاله من السيارة أشهر في وجهه السلاح، وألقي على الأرض، وتم تقييده من قبل مجموعة مقنعة بلباس مدني. بعد ذلك اقتادته مجموعة أخرى بلباس عسكري إلى إحدى سيارات (اليوكن)، وبقي فيها لقرابة ستة ساعات متواصلة، بينما كان جهاز التكييف يعمل على درجة البرودة القصوى. يتعارض هذا السلوك مع المادة 2 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 بتاريخ 28/07/1422هـ الموافق 15/10/2001م: (… ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة).

وإضافة إلى طريقة الإعتقال المهينة، وما تسببت فيه من فزع لزوجة القلاف، لم يكن هناك أمر مسبق بالحضور للجهات الأمنية، مايعد مخالفة للمادة 105 من نظام الإجراءات الجزائية: (يبلغ الأمر بالحضور إلى الشخص المطلوب التحقيق معه بوساطة أحد المحضرين أو رجال السلطة العامة، وتسلم له صورة منه إن وجد، وإلا فتسلم لأحد أفراد أسرته البالغين الساكنين معه).

ومع طفلها ذي الخمسة أيام، تركت زوجتة وحيدة على أعتاب عيادة الأطفال، ليتم إيداعه في سجن المباحث العامة بالدمام، والتحفظ على سيارته وممتلكاته الشخصية التي بحوزته.

بعد أيام سمح له بإجراء مكالمة عائلية، وبعد خمسة أشهر من السجن في زنزانة إنفرادية سمح له بزيارة عائلية لمدة 15 دقيقة.

تعرض المعتقل في فترة التحقيق لأنواع مختلفة من التعذيب:

  1. الإعتداءات اللفظية المهينة واللا أخلاقية.
  2. الضرب بالأيدي والركل بالأرجل في مختلف أجزاء الجسد.
  3. الضرب بخراطيم سميكة، بلاستيكية أو معدنية أو مطاطية.
  4. الإيقاف لساعات طويلة رافعاً اليدين مع تعصيب العينين وتقييد اليد والرجلين.
  5. الصعق بالكهرباء بقوة مؤلمة، ووضع القضيب الكهربائي على جسده في مختلف الأماكن، ما ينتج عنه ألم شديد.
  6. ادخاله في غرفة درجة حرارتها منخفضة جداً، بملابس رقيقة.
  7. الحرق بسجائر في أنحاء متفرقة من جسده، ما زالت باقية منها بعض الآثار الخفيفة.
  8. التعليق من اليدين ليومين متواصلين.
  9. الحرمان من النوم، عن طريق ضربه او صعقه بالكهرباء أو تعليقه من اليدين عندما يغفو.

وبناء على هذه الممارسات، تعد السعودية منتهكة لـ (اتفاقية مناهضة التعذيب)، إذ تعرف الإتفاقية في مادتها الأولى التعذيب على أنه: (أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية).

ما يعني أن السعودية أخلت بوضوح بالتزامها بهذه الإتفاقية.

على أثر التعذيب الذي وقع على منير، تفاقمت لديه أمراض سابقة، كما أستجدت لديه مشاكل صحية:

– تفاقم حالة الربو التي يعاني منها من قبل الاعتقال والتي كانت تحت السيطرة، لتزداد سوءً تحت ظروف السجن و التعذيب  القاسية.

– دخوله في شبه غيبوبة لمدة شهرين في مستشفى المباحث العامة بالدمام وعدم قدرته على التنفس إلا من خلال جهاز تنفس.

– أصابته بمرض القولون العصبي جراء المعاناة النفسية وظروف الاعتقال القاسية.

– فقده لأثنين من أسنانه في غرف التحقيق جراء الضرب على الوجه.

– أصابته بحصوات الكلى ومن ثم أجراء عملية له لأزالتها نظرا لتردي وضعه الصحي.

لم يعرض منير على المحكمة إلا في 01/10/2013، أي بعد أكثر من سنة وخمسة أشهر من اعتقاله، وقد وجهت له عدة تهم:

1- المشاركة في المسيرات التي حدثت في محافظة القطيف.

2- التستر على عدد ممن تزعموا المسيرات التي حدثت في محافظة القطيف

3- المشاركة في رفع الشعارات وترديد الهتافات المناوئة للدولة والملك.

وقد رد منير شفهياً في نفس الجلسة بنفي جميع التهم المنسوبة إليه.

وفي 13 نوفمبر الجاري تواردت أنباء عن نقله إلى مدينة الرياض لحضور جلسة المحاكمة الثانية.

  1. تعرضه لاعتقال تعسفي الذي يحظره (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) في مادته التاسعة: (لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً).
  2. مخالفة (نظام الإجراءات الجزائية السعودي) عبر عدم الإمتثال للمادة 2 التي تنص على: (لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة المحددة من السلطة المختصة).
  3. وأيضا مخالفا للمادة 28 من (نظام السجن والتوقيف) السعودي الصادر تحت المرسوم الملكي رقم م/31 بتاريخ 21/06/1398هـ (29/05/1978) وقرار مجلس الوزراء رقم 441 بتاريخ 08/06/1398هـ (16/05/1978)، التي تنص على: (لا يجوز الاعتداء على المسجونين أو الموقوفين بأي نوع من أنواع الاعتداء. وتُتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين أو العسكريين الذي يباشرون أي عُدوان على مسجون أو موقوف وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجزائية عليهم في الأحوال التي يكون الاعتداء فيها جريمة).

1- الإفراج الفوري عن المعتقل منير جعفر القلاف، وتحملها سلامته الجسدية والنفسية.

2- التحقيق النزيه والشامل للانتهاكات والتعذيب الذي تعرض له المعتقل في غرف التحقيق وفي زنزانة السجن، وإيقاف المسئولين عن التعذيب وتقديمهم إلى المحاكمة ومحاسبتهم، وذلك وفق المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب: (تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة باجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بان عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أى من الاقاليم الخاضعة لولايتها القضائية).

3- عرضه على طبيب مستقل لمعالجة أمراضه المتعددة والتي نتجت عن التعذيب أو تضاعفت بسببه.

4- ضمان حقوقه كاملة أثناء جميع مراحل فترة اعتقاله.

5- السماح لمنظمات حقوق الإنسان المحايدة الالتقاء بمنير دون تعطيل.

ختاما، تدعو الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان منظمات حقوق الإنسان الدولية، التدخل العاجل والفوري لإيقاف عمليات الاعتقال التعسفي التي تنتهجها السلطات السعودية، وإيقاف التعذيب الممنهج، الذي تتخذه ضد معتقلي الرأي، ونشطاء حقوق الإنسان.

AR