في اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، قانونيون ونشطاء: السعودية تستخدم تفسيرات دينية متشددة لإعدام الفئات الأكثر ضعفاً والمعارضين

23 نوفمبر، 2018

تحت عنوان “عقوبة القتل في السعودية: إعدام للمجتمع المدني”، عقدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ندوة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، في 10 أكتوبر 2018.

الندوة التي أدارها نائب رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان وعضو مؤسس في مركز البحرين لحقوق الإنسان السيد يوسف المحافظة، سلّطت الضوء على واقع عقوبة الإعدام، وتزايد معدلاتها بشكل مروع مع وصول الملك سلمان بن عبد العزيز وإبنه محمد إلى الحكم.

المحامي الدولي المختص في القانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان اوليفر ويندريدج، بدأ حديثه بالإشارة إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة على ثلاث معتقلين في العام 2014، على خلفية مشاركتهم في مظاهرات حصلت في المنطقة الشرقية. وأشار إلى أنه تلقى صك الحكم في هذه القضية وعمل على مراجعته للتأكد من مدى توافقه مع إلتزامات الحكومة السعودية لحقوق الإنسان.

ويندريج أشار إلى أن تحليله ركز على قضية محمد الشيوخ الذي أعدم في 2 يناير 2016، مبديا أسفه من أن نتيجة تحليله لم تؤثر على مسار القضية، إلا أنه أمل من أن تتم مراجعتها وإتخاذ إجراءات لعدم حصول حالات مشابهة مستقبلا. المحامي أشار إلى أن السعودية صادقت على إتفاقية مناهضة التعذيب والميثاق العربي لحقوق الإنسان كما أنها ملزمة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنها خالفت هذه الإلتزامات بإصدار وتنفيذ الأحكام.

وأوضح أن تفاصيل الحكم تظهر أن المعتقل بقي في السجن الإنفرادي شهرين ولم يعرف التهم الموجهة ضدّه إلا بعد مرور عامين على إعتقاله، كما أن الحكم يظهر أن لا أدلة ملموسة ضده ولم يتمكن من كتابة اعترافاته بنفسه  بل أجبر على وضع بصمته عليها بعد تعرضه للتعذيب كما أكد أمام القاضي.وأشار ويندريج أن هذه المعطيات تؤكد أن ما تعرض له الشيوخ هو قتل تعسفي بحسب القانون الدولي وإنتهاك لإلتزامات الحكومة السعودية.

وفي مداخلته تحدث نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد عن التبرير السعودي القانوني لأحكام الإعدام، موضحا أنه قام بدراسة عدد من الاحكام القضائية ولوائح الإتهام وهو ما جعله يدرك أن الحكومة السعودية تعتمد على نصوص دينية بتفسير متشدد، مع تجاهل للنصوص الدينية المعتدلة والمتسامحة.

السعيد إعتبر أن كلام ولي العهد محمد بن سلمان عن عودة السعودية إلى الإسلام المعتدل يناقض إستخدام التفسير الديني المتشدد، وكلمات رجال الدين المتطرفين في عقوبة الإعدام. كما أشار إلى أن القضاة يستندون إلى تفسير متشدد للدين من أجل إصدار أحكام قتل جماعية بحق المعتقلين على خلفية التعبر عن رأيهم، أو معارضة النظام.

السعيد أنهى مداخلته بالإشارة إلى أن عشرات المتظاهرين والمطالبين بالإصلاح معتقلين حاليا في سجون السعودية حيث بتم توظيف النصوص المتشددة وتصريحات رجال الدين الرسميين مثل المفتي لمعاقبتهم وإصدار أحكام قاسية تصل للإعدام بحقهم.

من جهته تحدث مسؤول الشؤون القانونية في فريق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا  في منظمة ريبريف عمر سليمان عن إستخدام السعودية لعقوبة الإعدام على نطاق واسع، وخاصة بناء على تهم جرائم مخدرات وضد عمال يشتبه بانهم ضحايا إتجار بالبشر.

سليمان أوضح ان السعودية أعدمت منذ العام 2014، 223 شخصا بتهم مخدرات، أي ما نسبته 38 بالمئة من جميع عقوبات الإعدام، وذلك على الرغم من القانون الدولي الذي لايجيز إصدار عقوبة الإعدام على الجرائم غير الجسيمة للدول التي لاتزال تطبق عقوبة الإعدام، وعلى الرغم من النداءات الصادرة عن خبراء الأمم المتحدة.وأشار إلى أن الأجانب يمثلون الغالبية من المحكومين بالإعدام بقضايا مخدرات بنسبة 67%، يمثل الباكستانيون 14% منهم.

وأوضح سليمان أن الإحصاءات تشير إلى أن عمليات الإعدام تتم بشكل تمييزي على الأصل والعرق في إنتهاك للقانون الدولي،  وذلك في ظل فشل السعودية في حماية الضعفاء من الإتجار بهم، ما يثير مخاوف من أن العديد من العمال المهاجرين الذين أعدموا هن ضحايا إتجار بالبشر تم إستخدامهم لنقل المخدرات.

المداخلة أشارت إلى أنه لا يوجد في السعودية ، آلية حقيقية لإنصاف ضحايا الإتجار بالبشر والتحقيق فيما يتعرضون له، وإنتهت إلى تقديم عدد من التوصيات إلى السعودية، أبرزها ضرورة وقف جميع عمليات الإعدام التي تنتظر التنفيذ بجرائم ليست من الأشد  خطروة بينها المخدرات.

المداخلة الأخيرة كانت لمدير منظمة القسط لحقوق الإنسان الناشط يحيى عسيري، الذي أشار إلى أن الحكومة السعودية تبرر استمرار استخدام عقوبة الإعدام بإستنادها إلى الشريعة الإسلامية، موضحا أن ذلك يتناقض مع حقيقة أن 40 إلى47 بالمئة منها هي أحكام تعزير ما يعني بان الحكم ليس منصوص عليه بل هو رأي القاضي.

عسيري أشار إلى أن السعودية هي من أكثر الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام في العالم وتنتهك العديد من القواين الدولية، مثل عدم إستقلالية القضاء وإستخدام التعذيب لإنتزاع إعترافات وحرمان المعتقلين من الحق في الإستعانة بمحام وغياب المترجم في حالة محاكمة الاجانب.

وإعتبر عسيري أن السعودية تطبق عقوبة الإعدام على الفئات الأكثر ضعفا، مشددا على أن السيف الذي ينفذ عقوبة الإعدام ليس سيف الشريعة بل سيف الحكومة السعودية.

الناشط رأى أن المجتمع يعرف هذه الإنتهاكات إلا أن الحكومة تهدد من يتكلم عن الواقع، ما يمنع الأفراد من التعبير عن رأيهم لخوفهم من إتهامهم بمهاجمة السلطة القضائية كما حصل مع عدد من النشطاء.  وشدد عسيري على أن شدة الخوف داخل المجتمع السعودي جعلت المواطنين يلجأون إلى الصمت، وهو صمت مميت وربما يبرر للحكومة، مما يزيد من الإنتهاكات ويجعلها تؤثر على جميع فئات المجتمع.

عسيري أنهى مداخلته بالإشارة إلى أن الحكومة باتت تتساهل في إصدار أحكام الإعدام، ففي العام 2015 حاولت التغطية على جريمة إعدام الشيخ نمر النمر من خلال إلصاق تهم إرهاب وعنف له، فيما كانت أكثر صراحة ووضوحا في مطالب الإعدام الأخيرة بحق الشيخ سلمان العودة، فصرحت إلى أنه يواجه العقوبة بسبب مواقفه المعارضة.

AR