إعتقالات ومعاملة قاسية ومخاوف من تعذيب المسنين في السعودية: إنتهاكات تتزامن مع اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين

15 يونيو، 2018

يعاني مسنون في المملكة العربية السعودية من أنواع مختلفة من الإساءة من قبيل الفقر وعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة، كما تمارس الحكومة السعودية الإعتقالات التعسفية لكبار السن، وتخضعهم لظروف إعتقال سيئة وقاسية، وتحرمهم من حقوقهم، وتقيم لهم المحاكمات الغير عادلة، وتستخدم الإعلام الرسمي في الإساءة إليهم وتشويه سمعتهم.

في 15 يونيو من كل عام يُحتَفل دولياً باليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، بموجب قرار أعلنته الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في ديسمبر 2011. يهدف هذا اليوم إلى رفع الصوت المعارض عالميّاً “ضد إساءة معاملة الأجيال الأكبر سنا وتعريضهم للمعاناة”، في ظل إرتفاع عدد سكان الأرض ممن تتجاوز أعمارهم الستين عاماً.

تعرّف الأمم المتحدة إساءة معاملة المسنين على أنها كل ما يتسبب في “إلحاق ضرر أو كرب بالمسن. ويشكّل هذا النوع من العنف انتهاكاً لحقوق الإنسان ويشمل الإيذاء الجسدي والجنسي والنفسي والعاطفي والمالي والمادي، والهجر، والإهمال، وفقدان الكرامة والاحترام بشكل كبير”.

ممارسات السعودية لاتناقض فقط مع المباديء المتضمنة في اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، بل تتعداها لتنتهك إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، وقوانين أخرى إنضمت لها السعودية ضمن إتفاقيات متعددة.

يقبع حاليا في سجون السعودية عدد من المسنين والمسنات المعتقلين تعسفيا، على خلفيات متنوعة،بعضها إنتقاماً من نشاطهم الإصلاحي، أو إنتقاماً من نشاط ذويهم المعارضين في الخارج، أو ضمن إستهداف على خلفيات سياسية.

في مارس 2018 قامت السعودية بإعتقال تعسفي للسيدة الستينية عايدة الغامدي، أعقبتها مباشرة بحملة تشويه قاسية في الصحافة الرسمية، وذلك قبل أي تحقيق أو محاكمة. وتشير مصادر عائلية مقربة، إلى أن أسباب إعتقالها تلقيها هدية مالية بسيطة من إبنها المعارض عبد الله الغامدي المقيم في لندن.لم يُسمحللغامدي التواصل مع عائلتها سوى مرة واحدة من خلال إتصال قصير إستمر لقرابة دقيقة، وإلى جانب الإعتقال التعسفي الجائر فإن هناك مخاوف جدية من إساءة معاملتها وعدم توفير الرعاية الصحية اللازمة في ظل معاناتها من أمراض بينها السكري.

وضمن حملة إعتقالات طالت عددا من الناشطين والناشطات في مجال حقوق المرأة في مايو 2018، إعتقلت السعودية الأستاذة الجامعية المتقاعدة والقيادية في مجال المطالبة بحقوق المرأةالسيدة عزيزة اليوسف (1950)، وشنت حملة تشويه قاسية في الإعلام الرسمي وشبكات التواصل وذلك قبل أي تحقيق أو محاكمة. كما إعتقلت الأكاديمية السبعينيةالدكتورة عائشة المانع (1948) رغما عن معاناتها من متاعب صحية، قبل أن تفرج عنها في وقت لاحق بعد إعتقال دام9 أيام. وإلى جانب اليوسف والمانع اللاتي أعتقلن ضمن مجموعة من المدافعين عن حقوق المرأة، إعتقلت السعودية المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان إبراهيم المديميغ(1942) على خلفية دوره المهني الكبير والبارز في الترافع عن معتقلي الرأي ومجموعة من المعتقلين المحكومين بالإعدام، ومن بينهم أعضاء جمعية حسم، وأعضاء جمعية الإتحاد لحقوق الإنسان، والمتهم بالتجسس لإيران عباس الحسن، والمحكوم بالإعدام على خلفية تهم تتعلق بالمعتقد أحمد الشميميري، والمدافع عن حقوق الإنسان عيسى النخيفي.

وضمن حملة الإعتقالات التي شنتها الحكومة السعودية في سبتمبر 2017، وقالت أن أفرادها يواجهون تهما بالتجسس لصالح جهات خارجية،تم إعتقال عدد من كبار السن، بينهم الشيخ سلمان العودة (1956)،والشيخ عوض القرني (1956).

وضمن مجموعة اعتقلتهم السعودية في 2013 واتهمتهم بالتجسس لصالح إيران، تم إعتقال أستاذ فلسفة التربية بجامعة الملك سعود الدكتور علي الحاجي (1949)، وطالب الإدعاء العام بإعدامه، قبل أن يحكم في أبريل 2018بالسجن لمدة 7 سنوات، بعد محاكمة أفتقدت بشكل حاد لشروط العدالة، ومعاملة مسيئة حرم فيها من غالبية الحقوق.

وفي مايو 2017 أعتقل المواطن عبدالله حسين طرموخ(63 عاما)،بسبب قيامه بإرسال تقرير حقوقي لمجموعة في الواتساب عن العملية العسكرية التي شنتها السعودية على العوامية، وبدأت مؤخرا في محاكمته بتهم الانضماملمجموعةواتسابمشبوهة، والتحريضعلىالنظام.

إضافة إلى ذلك، يقبع الشيخ حسين الراضي (1951)وراء القضبان منذ مارس 2016، قبل أن يُحكم عليه بالسجن 13 عاما على خلفية مواقف له تعارض الحكومة السعودية حول الحرب على اليمن وتنديده بإعدام المطالب بالعدالة الإجتماعية الشيخ نمر النمر.

وفي مارس 2014 أعلن المدافع عن حقوق الإنسان عبد الله الحامد (1950) الإضراب عن الطعام بسبب ما عاناهفي سجن الحائر في الرياض من ظروف سيئة، بعد نقله إلى منطقة يسمح فيها بالتدخين على الرغم من وضعه الصحي المصاحب لكبر سنه.

ومنذالعام 2007 إعتقلت الحكومة السعودية الأكاديمي موسى القرني (1954)بتهمة الخروج على ولي الأمر وتأسيس نظام سري،وحكم عليه بالسجن 20 عاما.

ومن المرجح وجود العديد من الأسماء لكبار السن في السجون السعودية يتوزعون بين السجون السياسية والسجون الجنائية.

وكانت الحكومة السعودية في ديسمبر 2017 قد أطلقت سراح أكبر معتقل في البلاد وهو القاضي السابق سليمان الرشودي (1937) البالغ من العمر 82 عاما، بعد 5 سنوات قضاها من أصل حكم بالسجن لمدة 15 عاما على خلفية دوره في الدفاع عن حقوق الإنسان وعضويته في جمعية حسم.

في وقت تؤكد فيه المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن هذه الإنتهاكات تتم عبر تجاوزات متعددة للقوانين، وأن معظم هذه الإجراءات مخالفة للقوانين أو تتم بإشكال تعسفية، إلا أن هذه الحالاتأيضاً تظهر عدم إيلاء السعودية إعتباراً خاصاً للمسنين، وتعاملهم على وجه سواء، دون إكتراث لمرحلتهم العمرية الخاصة.

إنه ونظراً للقمع الذي تمارسه السعودية على المجتمع المدني، ونظراً لعدم إيلاءها الإهتمام الكافي بكبار السن، فإن الحكومة السعودية تبتعد بشكل كبير عن المستوى النظري والعملي اللازمين لتوفير معاملة كريمة للمسنين.

إن إستمرار السعودية بإعتقال المسنين وإستهدافهم، يؤكد تخلفها عن القرارات والخطط الأممية، وعدم إتساقها مع التوجهات الدولية الرامية لتعزيز كرامة وحقوق كبار السن.

AR