اقتلوهم أطفالاً: تبرير جديد وخطر للحكومة السعودية لشرعنة قطع رؤوس الأطفال

9 مايو، 2018

في تطور خطر يتعلق بمصير عدد من الأطفال المهددين بقطع رؤوسهم، قدمت السعودية في 13 ديسمبر 2017 رداً مقلقاً للأمم المتحدة، يتعلق بتحديد فضفاض لعمر الطفل بما يخالف إتفاقية حقوق الطفل، إذ قالت أن ما يحدد بلوغ الفرد للعمر القانوني، هو وجود “علامات النضوج الحسية والمدروسة التي تمنحه القدرة على الوفاء بالإلتزامات الدينية والإنخراط في المعاملات المالية وتحمل المسؤولية الجنائية”، في تناقض جديد، يختلف بشكل كلي عن كثير من بياناتها وتقاريرها السابقة.

رد السعودية جاء على خلفية بلاغ قدّم لها من قبل 8 خبراء مستقلين في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مختصين بقضايا الإعدام والتعذيب والإعتقال التعسفي والحق في الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات، تضمن تساؤلات حول مواجهة عدد من الأطفال لعقوبة الإعدام.

البلاغ أشارإلى أن من بين الأسماء أطفالاً واجهوا تهما غير جسيمة، تتعلق بعضها بالمشاركة في المظاهرات السلمية، وطالب الحكومة “بتقديم معلومات عن التدابير المتخذة لمنع التعسف في إعدامهم”.

الرد الحكومي نفى ذلك، وإعتبر أنهم أدينوا “بجرائم جنائية بالغة الخطورة تهدد الأمن القومي”، كما قال الرد الرسمي أنهم حصلوا على “محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة والأحكام تحترم جميع مبادئ وقواعد حقوق الإنسان التي تتفق مع الشريعة الإسلامية”،كما أشار الرد إلى أنه “لا يجوز الحكم بالإعدام على أي جاني كان يفتقر إلى الأهلية القانونية الكاملة وقت ارتكاب الجريمة. وهذا يتفق مع التزامات المملكة كطرف في إتفاقية حقوق الطفل.”

في 22 مارس 2018 كررت الجهات الرسمية السعودية التصريحات التي اعتبرت أن عمر الطفل ليس 18 عاما، حيث تناقلت وسائل الإعلام خبرا عن موافقة مجلس الشورى المعين بالكامل من قبل الملك، على تعديلات أجرتها الحكومة على نظام الإجراءات المتعلقة بقضايا الأطفال، ومن ضمنها تأييد المجلس لرأي الحكومة (بتعديل سن الحدث المرتكب للفعل المعاقب عليه إلى سن 15 عاما).

الرد على المقررين الخاصين، إلى جانب خبر نظام الأطفال، ناقضوا بشكل تام، القوانين والإلتزامات السابقة التي أكدت أن عمر الطفل مطابق لإتفاقية حقوق الطفل التي حددت عمره بإنه من لم يتجاوز 18 عاما. المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان استقصت ورصدت نصوصا وتصريحات حكومية منذ 2009، تؤكد فيها السعودية إلتزامها بعمر الطفل المنصوص عليه في إتفاقية حقوق الطفل:

·         في يوليو 2009 ، أصدرت السعودية نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص الذي عرَّف الطفل على أنه: “من لم يجاوز (الثامنة عشرة) من عمره” (المادة 1).

·         في مارس 2015 إعتبر رئيس هيئة حقوق الإنسان بندر العيبان، خلال افتتاح الدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أن الطفل “كل من لم يتجاوز 18 من عمره”.

·         في تقرير الحكومة السعودية الذي وجهته إلى لجنة حقوق الطفل في في 8 أبريل 2015، بموجب إلتزامها بإتفاقية حقوق الطفل، أشارت في الفقرة 70 من تقريرها، إلى أن: “تعريف الطفل في هذه الأنظمة ينسجم مع مقتضيات المادة الأولى من الاتفاقية، فقد عرفه نظام حماية الطفل بأنه “كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة”، وكذلك في نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص. كما عُرِّف الحدث في الأنظمة الجزائية المبينة في لائحة الإيقاف، ولائحة دور الأحداث بأنه: كل إنسان لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر، مع رفع سن الحدث من حيث الأهلية والصفة النظامية إلى عشرين عاماً عند تطبيق إجراءات التأديب لمستخدمي المواد المخدرة، وذلك وفق ضوابط محددة. وكذلك تعريف الطفل في قرار إنشاء الإدارة العامة للحماية الاجتماعية التي تم تأسيسها في وزارة الشؤون الاجتماعية، بكونها إدارة متخصصة ترعى الطفل وفق السن الذي حددته اللوائح الاجتماعية العالمية”.يعرّف نظام حماية الطفل الذي أقرّ في نوفمبر 2014 الطفل بأنه: كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره.

·         السفير السعودي لدى الأمم المتحدة في جنيف عبد العزيز الواصل، أشار خلال حوار تفاعلي مع الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال والممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة في مارس 2017، إلى أن السعودية ملتزمة بحماية الأطفال، موضحا أن نظام خدمة الضباط، نص على أن يشترط في تعيين الضابط أن يكون قد أكمل التاسعة عشرة من عمره لضمان عدم اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، والأنشطة الضارة، وإعمال مبدأ المصلحة الفضلى للطفل.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن تغير الخطاب السعودي فيما يتعلق بعمر الطفل وإلتزام الحكومة السعودية بالتعريف الدولي الذي ينص على أن الطفل هو كل من لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، دلالة جادة وخطرة على حياة الأطفال المعتقلين في السعودية، وقد يكون مقدمة لتنفيذ حكم الإعدام في 8 أطفال يواجهون أحكام الإعدام، كانت المنظمة قد وثقت قضاياهم: علي النمر، عبد الله الزاهر، داوود المرهون، سعيد السكافي، عبد الكريم الحواج، سلمان آل قريش، مجتبى السويكت، عبد الله سلمان آل سريح.

وتعتبر المنظمة أن رد السعودية على المقررين الخاصين فيما يتعلق بالأطفال الذين يواجهون خطر الإعدام في أي لحظة، هو محاولة لتبرير الأحكام الصادرة عليهم، والتي تم تصديقها بشكل نهائي. كما تشير المنظمة إلى أن إتاحة تقرير سن الرشد للقضاة، وتقديرهم الشخصي، يثير المخاوف من إنتهاك المزيد من القوانين التي تحمي الطفل، وهو يشكل إنتهاكا واضحا وصارخا لإلتزامات السعودية فيما يتعلق بالقوانين الدولية والمعاهدات التي كانت قد صادقت عليها وخاصة إتفاقية حقوق الطفل، وتراجعاً عن سنوات من التصاريح والبيانات كانت تقر فيها بعمر الطفل وفق إتفاقية حقوق الطفل الدولية، التي إنضمت لها في 1996.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد أنه بالإضافة إلى عدم إحترام الحكومة السعودية لإلتزاماتها فيما يتعلق بعمر الطفل، فإن ردّها على البلاغ شابه العديد من المغالطات وبينها أن الأطفال واجهوا تهما جنائية تشكل خطرا على الأمن القومي، إضافة إلى تجاهله للوقائع حول تعرّضهم للتعذيب وإدعاء الحكومة أنهم حصلوا على محاكمة علنية عادلة.

إن المنظمة تؤكد أن السعودية قدمت عدة إلتزامات دولية وداخلية تعرّف الطفل على أنه كل من لم يتجاوز الثامنة عشر، وهذا يستتبع التأكيد على حماية حقوق كل من يقع عمره في نطاق سن الطفولة، وخاصة فيما يتعلق بحماية حقه في الحياة.

AR