وزير الخارجية السعودي يلقي في مجلس حقوق الإنسان خطاباً مضللاً عن واقع حقوق الإنسان في السعودية

1 مارس، 2018

على وقع الاعتقالات التعسفية والتعذيب المميت والمحاكمات غير العادلة والإعدامات المتزايدة في داخل المملكة العربية السعودية، بدأت بعثة السعودية الرسمية في الأمم المتحدة في جنيف، جولة جديدة من التضليل عن واقع حقوق الإنسان في البلاد، وذلك في الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان.

وزير الخارجية عادل الجبير بدأ الجولة في كلمة ألقاها في 27 فبراير 2018، خلال الجلسات الإفتتاحية لدورة المجلس الحالية، حيث تحدث عن نقلة نوعية نحو التقدم والإزدهار تعيشها بلاده بقياده الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان تستند إلى جعل حماية حقوق الإنسان وتعزيزها نهجا ثابتا.

الجبير أشار إلى أنه منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مرت دول العالم في تجارب متعددة بسبب إختلافات ثقافية وإجتماعية، محذرا من محاولات البعض فرض أمور خلافية وقيم غريبة على مجتمع ما.

وحول رؤية 2030، اعتبر وزير الخارجية أنها منهج لسياسة عامة تستند إلى برامج مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بحقوق الإنسان، وبينها الحق في الأمن والصحة والعمل وحقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والمسنين، إلى جانب الحق في التنمية وتعزيز المشاركة وتكوين المؤسسات والجمعيات الأهلية.

وفيما يبدو أنه محاولة لتبرير الإنتهاكات أشار الجبير إلى أن المواثيق الدولية، شرعت وضع القيود على حرية التعبير عن الرأي، بحيث تفرض إحترام الآخرين وحماية الأمن القومي والنظام العام والآداب العامة.

أهاب الجبير في كلمته بدور المجلس في حماية وتعزيز حقوق الإنسان ورفض محاولات التقليل من هذا الدور، وأنهى وزير الخارجية كلمته بالإشارة إلى أن السعودية تبذل الجهود من أجل حماية هذه الحقوق على كافة المستويات من خلال تعاونها الإيجابي مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بينما رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان سجلاً سيئاً للسعودية في التعاطي مع آليات مجلس حقوق الإنسان. وليست هذه المرة الأولى التي يدعي فيها المسؤولين السعوديين التعاون الإيجابي مع الآليات، حيث زعموا في الدورة 36 أيضاً أنهم يتعاونون مع الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي، في حال يظهر الرصد خلاف ذلك.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن كلمة الجبير تأتي في سياق الدعايات الجوفاء المعتادة التي تقوم بها الحكومة السعودية للتستر على الواقع القمعي في داخل البلاد. ففي الوقت الذي أشاد فيه الجبير بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتأكيد أن بلاده تلتزم به، ينفذ في السعودية إعدامات شبه يومية تنتهك مادته الثالثة التي تنص على أن: لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه.

وفيما حاول الجبير تجيير رؤية 2030 في سياق احترام حقوق الإنسان، يعاني الشعب من إضطهاد متنوع ومتصاعد لحقوقه منذ إطلاق الرؤية من خلال موجات الإعتقالات التعسفية، إلى جانب الإستمرار بإنتهاك حقوق المرأة من خلال نظام ولاية الأمر وملاحقة الناشطات، ومنع المنظمات ومحاكمة مؤسسيها.

أعادت كلمة الجبير أمام مجلس حقوق الإنسان تكرار التهم التي تسوقها الحكومة السعودية لملاحقة الأفراد بسبب تعبيرهم عن رأيهم، فقبل أيام من المجلس كانت المحاكم السعودية قد حكمت على الكاتب الصحفي صالح الشيحي بالسجن 5 سنوات بسبب إنتقاده للديوان الملكي، وبالتزامن مع إلقاء الكلمة تم الحكم بالسجن 4 سنوات على المدافع عن حقوق الإنسان عصام كوشك، وبعد يوم منهاتم الحكم على المدافع عن حقوق الإنسان عيسى النخيفي بالسجن 6 سنوات.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن تكرار الجبير خلال الكلمة دعم السعودية لمجلس حقوق الإنسان والإلتزام بالتعاون مع آلياته، يخالف الواقع بشكل تام، وتثبت نهجاً مشينا لخطاب السعودية الدولي فيما يتعلق بحقوق الإنسان يتسم بعدم المصداقية.

إن غياب المجتمع المدني المستقل من السعودية عن حضور مجلس حقوق الإنسان، يساعد الحكومة السعودية على الإستمرار في تمرير هكذا خطابات تحت قبة المجلس، إذ يعتبر حضور المجتمع المدني محدود جداً نظرا للقمع والترهيب الذي تمارسه الحكومة على النشطاء.

AR