بعد تجاهل طلبات عدة للأمم المتحدة لزيارات تفقدية لحقوق الإنسان، السعودية توافق على زيارة مقرر الفقر الشهر المقبل

السيد فيليب ألستون
9 ديسمبر، 2016

في ظل متغيرات اقتصادية تمر بها السعودية، وصعوبات معيشية يتعرض لها المواطن والمقيم في السعودية ويتكتم عليه الإعلام الرسمي، وفي ظل قمع وترهيب تمارسه الحكومة السعودية على بعض المتخصصين والكتاب الإقتصاديين المتواجدين في وسائل التواصل الإجتماعيوغيرهم، وملاحقات للنشطاء المكافحين للفساد الإقتصادي بأساليب ملتوية وتهديدات، أشار موقع المفوضية السامية لحقوق الإنسان لوجود موافقة سعودية على زيارة رسمية للمقرر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسانالسيد فيليب ألستون  وذلك في الفترة من 8 إلى 19 يناير 2017.

وبحسب إختصاص المقررين الخاصين في الأمم المتحدة، فإنه ينبغي على الحكومة السعودية أن تمنح أي مقرر توافق على زيارته – بما فيها المقررة الخاصة المعنية بالفقر المدقع وحقوق الإنسان – الضمانات والتسهيلات التالية:

(أ‌) حرية التنقل في البلد بأكمله، بما في ذلك تيسير الانتقال، ولا سيما إلى المناطق المقيدة.

(ب‌) حرية التحقيق، ولا سيما بشأن:

1. النفاذ إلى جميع السجون ومراكز الاحتجاز وأماكن الاستجواب؛

2. والاتصال مع السلطات المركزية والمحلية التابعة لجميع فروع الحكومة؛ 

3. والاتصال مع ممثلي المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخاصة الأخرى ووسائط الإعلام؛ 

4. والاتصالات السرية وغير الخاضعة للإشراف مع الشهود والأشخاص العاديين الآخرين بما في ذلك الأشخاص المحرومين من حريتهم، وهو ما يعتبر ضروريا للوفاء بولاية المقرر الخاص؛ 

5. والنفاذ الكامل إلى جميع المواد التوثيقية المتصلة بولايتهم؛

(ج) ضمان من الحكومة بأن الأشخاص الذين كانوا على اتصال مع المقرر/ الممثل الخاص فيما يتعلق بولايته، سواء كانوا مسؤولين أو أفرادا عاديين، لن يتعرضوا نتيجة لذلك للتهديدات أو التحرش أو العقوبة أو لن يخضعوا لإجراءات قضائية؛ 

(د) ترتيبات أمنية ملائمة مع عدم تقييد حرية الحركة والتحقيقات المشار إليها آنفا؛

وبناء على ممارسات السعودية المعتادة مع المجتمع الدولي، فإنه لا يحتمل أن تقدم كل هذه التسهيلات وبمصداقية، على الرغم من أن الزيارة هدفها تقديم توصيات مجانية من خبراء متخصصين،لعلاج حالة الفقر المدقع وبعض الجوانب الحقوقية، حيث يُلحظ وبشكل مستمر أن السعودية تسيء الإستفادة من الزيارات الدولية وتمارس تضليلا على الوفود وبالخصوص إذا كان الأمر يتعلق بحالة حقوق الإنسان، بدلاً من أن تستفيد بصدق من مشورات الخبراء.

هذا ويتضح من طبيعة تعاطي الحكومة السعودية مع المقررين الخاصين في الأمم المتحدة أنها تتحاشى الزيارات بقدر المستطاع، فعلى مدى قرابة 15 عاما، لم يتمكن من زيارة السعودية سوى مقررين، وما يزال هناك 7 مقررين تقدموا بطلب الزيارة دون أن يحصلوا على الموافقة رغما عن إعادتهم للطلب من جديد بما مجموعه 15 مرة بين طلب وإعادة طلب. كما أن هناك مقرران آخران وافقت على طلب زيارتيهم وأحدهم أجلت زيارته في اللحظات الآخيرة والآخر مازال معلقا دون تحديد موعد، وذلك بحسب البيانات المتوفرة في موقع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وكما هو موضح في الجدول:

يأتي تعامل السعودية مع المقررين على الرغم من كونها عضوا في مجلس حقوق الإنسان في دورتين (2009-2011) و (2014-2016) وقد حصلت على عضوية للمرة الثالثة لثلاث سنوات أخرى تمتد من (2017-2019).

هذا التعامل مع طلبات المقررين، يأتي في ظل إستمرار تدهور حالة حقوق الإنسان بشكل عام،والإستهداف الممنهج للمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، حيث يواجهون أحكاما بالسجن تمتد إلى سنوات كما في قضية المحامي وليد أبو الخير وأعضاء جمعية حسم، والمحاكمة التي يخضع لها الشيخ محمد الحبيب، ومحاكمة أعضاء جمعية الإتحاد لحقوق الإنسان المنحلة السيد محمد العتيبي والسيد عبدالله العطاوي. إضافة إلى المضي في تجريم التظاهر وإعتقال المتظاهرين واستهداف مختلف أشكال التعبير عبر قوانين معيبة أو أجراءات تعسفية.

هذا ولا يعني تحديد موعد لزيارة المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع إنها بالضرورة ستتحقق، حيث قامت الحكومة السعودية وبشكل مفاجيء وغير مفهموم بتأجيل زيارة المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة حينما أقترب موعدها والذي كان مقررا في 19- 29 أكتوبر 2015 ولم تمنح موعدا بديلا حتى الآن في ظل إستمرار إنتهاك حقوق ملايين العمال الأجانب وخدم المنازل وقد عبرت مقررة الرق المعاصر في وقت لاحق أن السعودية بلد يمارس العمل الإسترقاقي على العمال المهاجرين. لذا من غير المستبعد أن تقوم الحكومة السعودية بتأجيل زيارة مقرر الفقر في أي لحظة. 

ورغما عن محاولات السعودية في منعوترهيب النشطاء عن التواصل مع آليات الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، ونتيجة لجهود عديدة لمنظمات إقليمية ومحلية ودولية ونشطاء، تزايدت مواقف الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التي تطالب وتحث السعودية على إجراءات جادة لإيقاف الإنتهاكات وإصلاح الحالة الحقوقية التي تزداد سوءً، وليس آخرها بياناً صادرعن مجموعة خبراء في الأمم المتحدة يجددون مطالبتها بالإفراج عن الحقوقيين ويحذورن من النمط الثابت التي تتنهجه في الإنتهاكات.

من مظاهر الفقر في السعودية.

AR