استضعاف الأقلية الشيعية في السعودية والحاجة العاجلة لحلول قانونية ودستورية

8 ديسمبر، 2014

تبدي المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قلقها على أوضاع الأقلية الشيعية في السعودية، فبعد عقود من انتهاج المؤسسات الدينية الرسمية خطاب الكراهية ضدها، وبعد ممارسات التمييز الطائفي من قبل أجهزة الدولة، تعايش الأقلية الشيعية السعودية اليوم أخطار مؤكدة تتهددها بشكل يومي، وقد برزت عبر جريمة مؤسفة في الثالث من نوفمبر 2014، بعد أن فتح أرهابيون النار على شيعة كانوا يحيون في حسينية (المصطفى) في قرية (الدالوة) في محافظة الأحساء شرق السعودية ذكرى الأمام الحسين عليه السلام، حيث قتل 7 وجرح 9 من العزل بينهم أطفال. وتعد الجريمة مؤشرا فعليا لبدء ترجمة الفكر الوهابي المتطرف في داخل السعودية. ولا يزال الخطر متفاقما باستمرار حيث يتلقى الشيعية في السعودية تهديدات متصاعدة، من داخل السعودية و خارجها، منها تهديد بتاريخ 13 نوفمبر من قبل تنظيم داعش.

أن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ترى أن من أسباب ذلك، هو التضعيف الذي يُمارس على الأقلية الشيعية، وفق عدة صور منها:

1.      الاقصاء من المناصب المؤثرة في الادارة والقرار السياسي.

2.      عدم الاعتراف بالمذهب الشيعي على المستوى الدستوري والقانوني.

3.      التغذية المستمرة لبقية المواطنين والمقيمين بالكراهية والاستنقاص ضد الشيعة، والحث على مقاطعتهم اجتماعيا واقتصاديا. فقد قضت محكمة سعودية على الناشط الحقوقي مخلف الشمري بالسجن سنتين و200 جلدة بسبب (مجالسته للشيعة ومواساته لهم والاجتماع معهم)، كما ألغي في 13/08/2012 من قبل إمارة المنطقة الشرقية، حفل اجتماعي أقامه نشطاء شيعة وسنة للتقريب بين الطائفتين.

4.      لم يكتفي الإعلام الرسمي بتجاهل الشيعة، بل يبث خطاب الكراهية، فهناك مقالات عديدة تحرض ضد الشيعة، وتجرمهم وتكفرهم وتخونهم.

5.      تردي حالة حقوق الإنسان، من خلال الإستهداف الممنهج لمؤسسات المجتمع المدني في ظل عدم سن قانون تشريعي لعملها، وعبر اغلاق المؤسسات الحقوقية، والمعاقبة على تأسيسها بالسجن. أيضا تزداد حقوق الإنسان سوءً من خلال سجن المعارضين والنشطاء، أو تهديدهم، فقد صدر في 15 أكتوبر 2014 حكم إعدام على المعارض السياسي ورجل الدين الشيخ نمر النمر الذي كانت له مطالب تتعلق بحقوق الشيعة، كما حكم في 13/08/2014 على رجل الدين الشيعي الشيخ توفيق العامر 8 سنوات بتهم بعضها تتعلق بمطالبه بوضع حد للتمييز ضد الشيعية.

6.      الحصر الجغرافي للسكان الشيعة في مناطق محدودة، بل واستنقاص المساحة الجغرافية عبر اقتطاع اجزاء كبيرة ومنحها لمناطق مجاورة تسكنها أغلبية من الطائفة السنية الكريمة، فقد تقلصت مساحة محافظة القطيف ذات الأغلبية الشيعية، والتي تعد أحد أهم مناطق التواجد الشيعي، بواقع 77% من مساحتها الأصلية بعد عمليات ممنهجة، حيث كانت مساحتها 2600 كم2 تقريبا عند تأسيس الدولة السعودية في 1932، فاصبحت لحد اليوم 588 كم2، لتصبح كثافتها السكانية هي الأعلى في السعودية بواقع 878 مواطن لكل كم2 واحد، في وقت يبلغ متوسط الكثافة السكانية في السعودية 15 شخصا لعام 2013، مع ذلك تحرم القطيف من كثير من الخدمات، فرغم أنها تحتوي أكبر حجم طلابي قياسا لسكانها إلا انها تحرم من بناء جامعة رغم المطالب المستمرة من المواطنين.

ان المنظمة الأوروبية السعودية ترى أنه من الواضح اليوم، الأهمية العاجلة لإصدار قوانين تحمي الأقلية الشيعية وتمنحها حقوقها كاملة، بل أنه في الواقع تأخر كثيرا، وذلك عبر:

1.      التدوين والإقرار دستورياً للمذهب الشيعي، والاعتراف به رسميا، واحترامه وإنصافه عملياً في جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها.

2.      إلغاء القوانين والنظم والتعميمات والإجراءات التي تنتهك أو تُقصي المذهب الشيعي أو أتباعه.

3.      استبدال مناهج الدين في المدارس والجامعات بأحد الخيارات العادلة لعموم المواطنين.

4.      إعطاء الحق في القضاء وفق الفقه الشيعي، ومنح حق الدراسة الدينية دون عقبات او تهديدات.

5.      التصريح لبناء المساجد والحسينيات والمراكز الدينية، دون عقبات أو تعقيدات.

6.      السماح بممارسة الشعائر الدينية.

7.      عدم الإقصاء من الاعلام الرسمي فيما يتعلق بهويتهم الدينية والثقافية.

8.      منع تمويل القنوات الفضائية التي تبث وتحرض على الكراهية والطائفية، وإغلاق مكاتب هذه القنوات المتواجدة في السعودية.

9.      عدم حجبهم عن المناصب العليا كالوزارء والسفراء.

أن المشكلة اليوم في السعودية ليست متعلقة بالمجتمع، حيث طالب المواطنين السنة والشيعة باصدار قانون يجرم التحريض والكراهية، لكن الدولة لم تصدر لحد الآن قرارا يمنح الأقلية الشيعية أهلية وطنية كاملة، وينعكس على وضع الشيعة في الأجهزة الدينية والتربوية والتعليمية والأمنية والأقتصادية التي تحكمها الدولة.

إننا في المنظمة الأوروبية السعودية نشيد بالجهود الأمنية ذات الأهمية البالغة، فقد قبضت القوات الأمنية على 77 متطرفا لهم علاقة بالجريمة الإرهابية في محافظة الأحساء، ولكن هذا الإجراء لا يعالج المسببات الجذرية ولا يرتقي للخطر الذي يمثله التطرف والإرهاب، خصوصا إذا أخذ بعين الإعتبار أن بعض منفذي العملية هم من السجناء السابقين وخريجي برنامج المناصحة. وان عدد 77 إرهابيا قبض عليهم يمثل مؤشرا خطيرا على استعداد أعداد أكبر لاستهداف الشيعة.

إن مما يثير القلق استمرار عوامل الخطر وتغذيتها عبر المنابر الدينية والإعلام والمدارس، وتشير الإحصاءات ان هناك 2500 مقاتل سعودي في صفوف داعش، ما يؤشر لوجود افراد أكثر في الداخل مستعدين لاستهداف الشيعة.

إننا في المنظمة الأوروبية السعودية نبدي قلقنا من انهيار السلم الأهلي والأمن في السعودية، في ظل عدم اتخاذ تدابير فاعلة وعاجلة لتصحيح الأخطاء السابقة، أو تجنب الأخطار الحالية والمستقبلية. أن معالجة الإرهاب الذي يستهدف الشيعة اليوم أسهل منه في الغد. وبهذا ندعو الحكومة السعودية للمعالجة الخطر الواضح، وندعو المجتمع الدولي للتنبه للخطر المتنامي الذي يحيط بالأقلية الشيعية في السعودية، وإتخاذ التدابير اللازمة في حال عدم اتخاذ حكومة السعودية تدابير فعالة.

AR