التعليم في السعودية: نقص في إجراءات السلامة والمتطلبات الأساسية يباعد بين التعليم المدرسي وبين معايير التعليم الدولية

15 سبتمبر، 2015

قياسا إلى معايير التعليم التي أقرتها الأمم المتحدة في مجموعة من المواد المتعلقة بالتعليم، واستنادا للمسؤوليات التي تقع على الدول في تأمين الحق في التعليم، تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن المدارس في السعودية في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية لا تتلائم مع معايير التعليم الدولية.

إذ أن كثيرا من المدارس وملحقاتها وما يتعلق بأسس العملية التعليمية والتربوية، غير متلائمة بشكل دائم مع المقاييس والمعايير الدولية.

ومع بداية العام الدراسي الحال في 23 أغسطس 2015، ظهرت العديد من أوجه القصور، التي تدخل ضمن نطاق واجبات الحكومات ممثلة في وزارات التعليم، وذلك وفق ما أشار لها “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” في مادته الثالثة عشر التي تشير بوضوح إلى أن الحقوق التعليمية هي مسؤولية الدولة تجاه الأفراد.

كما أن القصور الحاصل في مستوى السلامة المدرسية، يمثل انتهاكا “لاتفاقية حقوق الطفل” التي انضمت لها السعودية في 1996، في مادتها الثالثة والتي توضح أن على الدول أن تكفل تقيد المؤسسات والإدارات والمرافق المسؤولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة، ولا سيما في مجالي السلامة والصحة.

فرغم الوعود التي أطلقها وزير التربية السابق خالد الفيصل في العام 2014، خلال إعلانه عن تفاصيل برنامج العمل التنفيذي لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام [1] ، بالتوجه إلى تحسين البيئة المدرسية لتعزيز التعلم، إلا أن بداية العام الأكاديمي الحالي أكد أن المدارس في المملكة لا زالت تعاني تراجعا في بعض النواحي والعديد من المشاكل.

ولعل الأبرز هو استمرار قضية المدارس المستأجرة والتي لا تتمتع ببيئة تعليمية مناسبة ويعتريها الكثير من أوجه القصور وتفتقر للكثير من الأساسيات، حيث بلغت نسبة المدارس المستأجرة للبنات 49 بالمئة، فيما بلغت نسبة المدارس المستأجرة للبنين 35 بالمئة، بحسب ما أكد تقرير صادر عن الوزارة [2].

ورغم الوعود المتكررة التي أطلقها 3 وزراء تعاقبوا في الستة سنوات الأخيرة على وزارة التعليم، ببناء مدارس تتلاءم ومتطلبات التعليم، والعمل المستمر على تقليص عدد المدارس المستأجرة، إلا أن نسبة المدارس المستأجرة ما زالت مرتفعة، ومعظمها يفتقد إلى أبسط المقومات، حيث أنها كانت بيوتا للسكن العائلي فقط.

وتعاني المدارس في السعودية من نقص في إجراءات السلامة، التي وضعت لها بعض المعايير المحلية من قبل شركة أرامكو في (أنظمة وقواعد السلامة داخل المدرسة)[3] وذلك رغما عن وجود ميزانيات مرصودة لوسائل السلامة في (خطة التنمية التاسعة للعام الرابع 1434/1435هـ) التي اقرتها وزارة التعليم.

وتشمل هذه الإجراءات -التي قننتها شركة أرامكو- فيما يتعلق بالمدارس، العديد من الإجراءات الضرورية، ومنها الكشف الدائم على أماكن ومعدات وأجهزة السلامة، والتدريب على خطة الإخلاء والطوارئ، إلا أن الحوادث التي تحصل وتكررت مع بداية العام الدراسي الحالي كشفت نقصا وإهمالا بيناً.

ففي السابع من سبتمبر 2015، نشب حريق في المدرسة الابتدائية الثامنة والخمسون للبنات في الدمام، وأكد أولياء أمور الطلاب أن الإدارة لم تتخذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع هذه الحوادث [4].

كذلك أدى انقطاع الكهرباء وتوقف التكييف في ظل درجات الحرارة المرتفعة وعدم توافر الشروط الصحية في مدرسة لقمان الحكيم الابتدائية المسائية بحي الحرازات في مدينة جدة إلى حالات مرضية بين الطلاب [5].

ورغم الميزانية المرتفعة المخصصة للقطاع التعليمي والتي تمثل 25 بالمئة من الميزانية العامة للعام 2015 بمئتان وسبعة عشر مليار ريال [6]، تعاني العديد من المدارس في المملكة من مشاكل في المباني والمرافق كدورات المياه والملاعب والتكييف والمكتبات، كما أنها لا تتوفر على مستوى مناسب من المختبرات العلمية الحديثة التي تعد من أسس العملية التعليمية، فضلا عن وجود نقص في عدد المدارس في بعض المدن.

وقدمت بعض المدارس شكاوى للإدارات العليا مع بداية العام، ومنها المدرسة الابتدائية الأولى للبنات ببلدة البحاري بمحافظة القطيف، التي أكد المواطنون في رسالة إلى إدارة التعليم بالمنطقة الشرقية، أنها تعاني من مشاكل متعددة في الفصول الدراسية وفي الفناء، كالتكييف والنظافة وتدني جودة الطعام المتوفر في المقصف [7].

إن الخلل في البنية التحتية للمدارس وعدم ملائمتها للمعايير الدولية، بالإضافة إلى محدودية إجراءات السلامة وتفاوت جودة العملية التعليمية، يدفع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى إبداء قلقها على سلامة الطلاب وعلى حقهم المفترض من التعليم.

ورغم تكرار الحوادث التي أدت بعضها إلى حالات وفاة، ومنها حريق مدرسة براعم الوطن الأهلية للبنات في جدة في العام 2011 [8]، إلا أنه لم يعرف فيما إذا اتخذت الحكومة السعودية خطوات جدية للوقاية منها، حيث أن المدارس وخاصة المستأجرة لا زالت تعاني من نقص في مستلزمات السلامة. وبالإضافة إلى ذلك وبعد أكثر من أسبوعين على بداية العام الدراسي، مازال بعض الطلاب يعاني نقصا في الكتب الدراسية التي تعد أساس العملية التعليمية، وهو ما تتحمل مسؤوليته وزارة التعليم.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن المشاكل التعليمية التي برزت مع بداية العام الدراسي الحالي في السعودية، والتي كانت تحدث أيضا في السابق، تكشف تقصيرا من قبل الحكومة السعودية في واجباتها في تأمين الحق الكامل في التعليم وفق المعايير التي تقرها المواد المعتمدة في الأمم المتحدة. إن تأمين الحق في التعليم دون انتقاص، مسؤولية مناطة بالحكومات وينبغي على الحكومة السعودية تحمل مسؤوليتها في ذلك.

[1] مشروع الملك عبد الله للتطوير http://www.tatweer.edu.sa/

[2] أعوام للقضاء على المدراس المستأجرة، صحيفة مكة http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/second/76041/76041#.VfGurpc2X5w

[3] أنظمة وقواعد السلامة داخل المدرسة http://www.sagschools.com/content/TeachersSafetyRules.aspx

[4] الدمام.. حريق في دورة مياه، جهنية الإخبارية https://www.juhaina.net/index.php?act=artc&id=26510&hl=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85

[5] إغماء طالب بمدرسة ابتدائية، صحيفة سبق http://sabq.org/C7Ggde

[6] الميزانية 217 مليار للتعليم ، سبق http://sabq.org/4Ytgde

[7] ابتدائية البحاري.. فصول بلا أبواب، جهينة الإخباري https://www.juhaina.net/index.php?act=artc&id=26485&hl=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85

[8] حريق يلتهم مدرسة بنات جدة، جريدة الرياض العدد 15854 http://www.alriyadh.com/684535

AR