النيابة العامة تغير طلب الإعدام في قضية المدافعة إسراء الغمغام: مراوغة سعودية لا تحقق العدالة

1 فبراير، 2019

أكدت معلومات رسمية من المملكة العربية السعودية أن الادعاء العام غيّر طلبه في قضية المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام، وحوّله من الإعدام إلىالسجن. يأتي هذا التغيير بعد ٤ جلسات عقدت لمحاكمة الغمغام بدأت في أغسطس 2018، حضرت الأولى بدون محام، اعقبتها ٣ جلسات مضطربة وغامضة لم تحضر السلطات فيها الغمغام، في ظل معلومات حول تعمد السلطات عدم تقديم تسهيلات قانونية لها.

وكان خبراء أمميون قد أصدروا بيانا في أكتوبر 2018 أشار إلى الإنتهاكات التي تتعرض لها المعتقلات في السعودية، وأبدوا قلقهم الشديد من المحاكمة التي تخضع لها الغمغام في المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب  والتي تفتقر إلى القواعد القانونية، مشددين على أهمية عدم استخدام التدابير الرامية إلى مكافحة الإرهاب لقمع أو تقليص أعمال حقوق الإنسان كما أكدوا على أنه لا ينبغي الخلط بين أنشطة حقوق الإنسان والإرهاب.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أنه لا يمكن إعتبار خطوة تغيير طلب الإدعاء العام، رفعاً للظلم بحق الغمغام، بما أنها تواجه تهما تتعلّق بالممارسات السلمية والتعبير عن الرأي والدفاع عن حقوق الإنسان، وبالتالي فإن أصل محاكمتها تعسفي وهو مضي في الضغط على النشطاء السلميين.

إضافة إلى ذلك، فإن رفع الإدعاء العام طلب الإعدام عن الغمغام وإبقائه على الأربعة معتقلين معها في نفس القضية، وهم زوجها السيد موسى الهاشم وأحمد المطرود وعلي العويشيروخالد الغانم يثير تساؤلات حول ماهية المعايير والقوانين المستخدمة، خاصة أنهم يواجهون تهماً بينها ما هو متطابق أو متشابه مع تهم الغمغام. وكان المحامي الدولي لحقوق الإنسان أوليفر ويندريدج قد حلل لائحة الدعوى العامة في هذه القضية وخلص في مذكرة أولية، إلى أن لائحة التهم تمثل إنتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لأنها “لا تتطابق مع معايير الجرائم الأشد خطورة كما أنها إنتهاكلحق المتهم في حرية الرأي والتعبير والإحتجاج، حيث أن غالبية التهم تتعلق بنشاط الإحتجاج”. وترى المنظمة أن هذه الإزدواجية في التهم والعقوبات المطلوبة من قبل النيابة العامة التي تتبع مباشرة إلى الملك، تدلل على مستوى غياب المعايير في نظام العدالة السعودي.

إضافة إلى ذلك تؤكد المنظمة أن خطوة الإدعاء العام، تعيد إلى الواجهة مصير 58 معتقلاً بينهم 8 أطفال يواجهون خطر الإعدام في مختلف درجات التقاضي، على الرغم من أنهم يواجهون تهما ليست من الأشد خطورة، إلى جانب كونهم لم يحصلوا على محاكمات عادلة. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد رصدت عددا من الإنتهاكات التي إنطوت عليها المحاكمات، وبين ذلك حرمانهم من الحق في الدفاع عن النفس وتعريضهم للتعذيب بهدف إنتزاعات إعترافات.

وتؤكد المنظمة أن رفع طلب الإعدام عن الغمغام، لا يخفي بأي شكل الحقيقة حول الإستخدام السياسي لهذه العقوبة في السعودية، عوخاصة مع تصاعد الأرقام حول الأحكام المنفذة، فخلال العام 2018 أعدمت السعودية 149 شخصا، وخلال الشهر الأول من العام 2019 أعدمت 22 شخصا بينهم 4 يمنيين أعدموا بشكل جماعي على الرغم من التأكيدات ببراءة أحدهم والمعلومات عن كونه قاصر. يأتي ذلك على الرغم من الوعود الرسمية التي روجت إلى أن الحكومة السعودية ستغير في نهجها فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، ومن بين ذلك تصريح ولي العهد محمد بن سلمان في أبريل 2018 الذي أكد فيه أن هناك عمل على تقليل عقوبة الإعدام إلى الحد الأدنى، فيما في الواقع تم تنفيذ 127 حكم إعدام منذ ذلك.

تشدد المنظمة على أن إعتقال المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام ومحاكمتها هو نموذج من نماذج القمع الذي تنتهجه الحكومة السعودية ضد كل من يمارس حقوق كالتعبير عن الرأي أو التظاهر أو غيرها. وتوضح المنظمة أن ما تتعرض له الغمغام هو بسبب نشاطها السلمي والحقوقي، ولدورها في المظاهرات التي شهدتها السعودية بالتزامن مع الربيع العربي في العام 2011، ومطالبتها بالحقوق عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

تضع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان التغيير في طلب الإدعاء العام، في إطار محاولات صرف الأنظار عن الإنتهاكات،  وتشدد على أن أي تغيير إيجابي يتوقف على إحداثتغيير جذري في بنية الأحكام وإصدراها،كما يتطلب إعادة النظر في كافة الأحكام ومدى مطابقتها لشروط المحاكمة العادلة.

AR