البرلمان الأوروبي يشيد بالمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية وينتقد إنتهاكات الحكومة ويدعو إلى تحركات على أكثر من صعيد

30 مايو، 2018

في 30 مايو 2018 أصدر البرلمان الأوروبي قراراً حول أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. القرار أشار  إلى اعتقال الحكومة السعودية لسبع نساء منذ 15 مايو 2018، وهن لجين الهذلول وعائشة المانع ومديحة الجروش وايمان النفجان وعزيزة اليوسف وحصة آل الشيخ وولاء ال شُبر، بالإضافة إلى أربعة رجال، وهمإبراهيم فهد النفجان وإبراهيم المديميغ وحمد الربيعة وعبدالعزيز المشعل، وذلك بسبب نشاطهم في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

القرار أشار إلى أن قضية لجين الهذلول على وجه الخصوص مقلقة جداً، حيث إنها نُقِلت من أبو ظبي الى السعودية بخلاف رغبتها في مارس 2018، وذلك بعد حضورها جلسة عن حالة حقوق الإنسان في السعودية مع لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التابعة للأمم المتحدة، حيث وضعتها السعودية بعد وصولها تحت قائمة الممنوعين من السفر حتى تاريخ اعتقالها الأخير.

وأكد القرار أن السعودية تصنف من أكثر الدول تمييزاً وتأخراً في مجال حقوق المرأة. فعلى الرغم من الإصلاحات الحكومية الأخيرة التي تهدف الى تعزيز حقوق النساء في قطاع التوظيف، إلا أن النظام السعودي لا يزال على الصعيدين السياسي والاجتماعي يتسم بالتمييز، حيث يعامل النساء كمواطنات من درجة ثانية، ولا يسمح بحرية المعتقد أو الديانة، ويميز بشكل جدي ضد العمالة الأجنبية، و يقمع بشدة كل الأصوات المعارضة.

كما أشار القرار إلى أن صدروه يأتي أيضا في ظل محدودية المعلومات التي تنشرها الحكومة عقب اعتقال المدافع البارز عن حقوق الإنسان محمد البجادي في 28 مايو 2018، إلى جانب إطلاق الوسائل الإعلامية الرسمية حملات تشويه للمدافعين عن حقوق الإنسان ما أثار مخاوف من إمكانية صدور أحكام قاسية بحقهم.

وأوضح القرار أن المجتمع السعودية يتغير بشكل تدريجي، وخاصة مع بعض الإجراءات التي إتخذتها الحكومة لتحسين الاعتراف بالنساء كمواطنات متساويات، مثل اعطاءهن حق التصويت في الانتخابات البلدية والسماح لهن بالوصول الى تعيينات مجلس الشورى الاستشاري ورفع الحظر عن قيادتهن السيارة. إلا أنه أشار إلى هذه الإصلاحات وإعلان ولي العهد محمد بن سلمان إستمرار دعمه لها، بقيت محدودة وبقي نظام الولاية وهو العائق الأكثر خطورة لحقوق المرأة مطبقاً.  وعلاوة على ذلك، أشرف ولي العهد على تنفيذ حملة اعتقالات واسعة ضد نشطاء بارزين، والتي ازدادت حدتهافور تعزيزه وإحكامه سيطرته على المؤسسات الأمنية في الدولة.

كما أشار البرلمان الأوروبي إلى وجود نسق من القوانين التمييزية، خاصة الاحكام القانونية المتعلقة بالأحوال الشخصية، ووضع العاملات المهاجرات وقانون الأحوال المدنية وقانون العمل وقانون الجنسية ونظام الولاية.

وشدد القرار على أن لدى السعودية مجتمع نشط من المدافعين عن حقوق الانسان على الإنترنت وأكبر عدد من مستخدمي تويتر في الشرق الأوسط، كما أنها على قائمة منظمة مراسلين بلا حدود لـ”أعداء الإنترنت” بسبب الرقابة على الإعلام والإنترنت والعقوبات لمن ينتقد الحكومة أو الدين.

من جانب آخر،اعتبر البرلمان الأوروبي أن تحفظ السعودية العام على قرارات لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة غير متوافق مع الهدف والغاية منها وغير مسموح به بموجب المادة 28، في الوقت الذي تعهدت فيه السعودية بالتمسك بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الانسان.

القرار أدان القمع المستمر ضد المدافعين عن حقوق الانسان، لكونه يقوض مصداقية عملية الإصلاح في الدولة، داعياً  الحكومة السعودية لإطلاق سراح كل المدافعين عن حقوق الأنسان وسجناء الرأي المعتقلين و المحكومين لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير ولعملهم السلمي في حقوق الانسان فوراً وبلا شروط، مستنكرا التمييز المؤسسي المستمر ضد النساء والفتيات.

من جانب آخر، أشاد البرلمان الأوروبي بدور النساء السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة، اللاتي يسعين إلى إفشال أي معاملة ظالمة وتمييزية، وللرجال المدافعين عن حقوق الانسان بالرغم من الصعوبات التي عليهم مواجهتها. وأكد القرار على وجوب الإلتزام بمعاملة كافة المعتقلين أثناء اعتقالهم  وفق الشروط المنصوص عليها في مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.

القرار أبدىقلقه العميق من انتشار العنف ضد النساء في السعودية، والذي لايزال التبليغ عنه أقل من الواقع وبلا توثيق، والذي يتم تبريره بأسباب مثل الحاجة لتأديب النساء بواسطة الأولياء الذكور، وحث السلطات السعودية على تبني تشريع متكامل لتعريف مفصل وتجريم لكل أشكال العنف ضد النساء، وأن تنهي كل العوائق التي تمنع المرأة من الوصول الى العدالة.

القرار أبدى إستياء البرلمان الأوروبي من نظام الولاية الذي لازال يجبر المرأة على الحصول على تصريح من ولي أمر ذكر لتتمكن من القيام بعدد من الأمور من ضمنها السفر للخارج، والحصول على خدمات الرعاية الصحية، واختيار محل الإقامة والزواج وتقديم شكوى للنظام العدلي ومغادرة دور الرعاية الحكومية للنساء المعنفات ومغادرة مراكز الاعتقال، مؤكدا ان هذا النظام هو انعكاس للنظام الابوي المتجذر بعمق والذي يحكم الدولة.

ودعا البرلمان السلطات السعودية لمراجعة نظام الجمعيات والمؤسسات الصادر في ديسمبر 2015 حتى يُسمح للناشطات بتنظيم انفسهن والعمل بحرية واستقلال، من دون أي تدخل من قبل السلطات، كما حث السلطات أيضا على مراجعة أنظمة مكافحة الإرهابومكافحة جرائم الإنترنت ونظام الصحافة والمطبوعات، المستخدمة بشكل مستمرفي محاكمة المدافعين عن حقوق الانسان.

القرار دعا الحكومة السعودية إلى التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ورفع التحفظات على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، كماحث السعودية على توجيه دعوة مفتوحة للقائمين على جميع الإجراءات الخاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لزيارتها.

ودعا القرار نائب رئيس لجنة حقوق الانسان وهيئة الاتحاد الأوروبي للعمل الخارجي والدول الأعضاء للتأكد من التطبيق الكامل للقواعد الارشادية للاتحاد الأوروبي للمدافعين عن حقوق الانسان، والتوسع في عملهم من أجل حماية و دعم المدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان، كما حثهم على  الاستمرار بإجراء محادثات مع السعودية بشان حقوق الانسان والحريات الأساسية و الدور المقلق للسعودية في المنطقة.

كما دعا القرار الاتحاد الأوروبي إلى إدراج قرار حول وضع مدافعي حقوق الانسان في السعودية في الجلسة المقبلة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان، وإثارة موضوع عضوية الدول ذات السجلات المشكوك حولها في تطبيقها لحقوق الإنسان، بما فيها ما يتعلق منها بحقوق النساء والمساواة بين الجنسين. كما دعاه إلى  اقتراح تعيين مقرر خاص لحقوق الانسان في السعودية في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان.

البرلمان دعا الإتحاد الأوروبي لتضمين مناقشة حقوق الانسان كبند دائم في جدول أعمال القمة السنوية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي. كما دعا المجلس إلى النظر في تقديم تدابير مخصصة ضد الأفراد المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ودعا القرار مجددا السلطات السعودية لوضع حد لأي جلد جديد للمدون رائف بدوي، واطلاق سراحه فورا وبدون قيد، حيث يعتبر سجين رأي اعتقل و سُجن فقط لممارسته لحقه في الرأي الحر.كما دعا الحكومة السعودية للتقدم بإجراء فوري لإيقاف عقوبة الإعدام كخطوة تجاه إلغاءها، وشدد على أهمية مراجعة كل عقوبات الإعدام للتأكد من أن المحاكمات تلتزم بالمعايير الدولية. كما دعا الحكومة السعودية إلى إنهاء التحريض على الكراهية والتمييز ضد الأقليات الدينية.

AR