إصرار على نهج الإعدام بأقوال منتزعة تحت التعذيب: 12 سجينا قد تقتلهم السعودية في أي لحظة بتهمة التجسس لإيران

22 يناير، 2018

في ظل التكتم الشديد، والترهيب المستمر للأهالي بهدف إجبارهم على الصمت عما يحصل لذويهم، ذكرت مصادر للمنظمة أن إدارة سجن الحائر بالرياض، قامت في يوليو 2017 بأخذ بصمات لمجموعة من المحكومين بالإعدام وتصويرهم من عدة جهات، وكان معهم أربعة عشر شخصاً آخرين محكومين بالإعدام أيضا ومن بينهم قاصرين، وأشخاصا آخرين، يحتمل أنهم محكومين بالإعدام كذلك. كما أشارت المصادر أن إدارة السجن قد طلبت من بعضهم التوقيع على عدة أوراق، ومن بينها أوراق  تتعلق بطلب الموافقة على التبرع بالأعضاء، ولم يتسنى للمنظمة الفحص الكامل لهذه الإجراءات، بسبب نهج الحكومة في كتمان ماتقوم به من إجراءات عن الأهالي، ويحتمل أنها إجراءات خاصة بما قبل تنفيذ الإعدامات.

ولقد كانت المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، السيئة السمعة، حكمت على خمسة عشر رجلاً في 6 ديسمبر 2016 بالقتل تعزيراً، وهم من بين أصل 32 متهما قالت الحكومة أنهم كونوا خلية تجسس لصالح إيران.

قامت القوات الأمنية السعودية باعتقال معظمهم في 2013، وفوراً وقبل توفير محاكمة شفافة وعادلة للمتهمين، شنت الصحف المحلية الرسمية عليهم حينها حملة شرسة تتهمهم فيها بالتجسس لصالح إيران، كانت بمثابة إصدار إدانة استباقية قبل إعطائهم حق الدفاع عن أنفسهم، وبعد تلك الحملة، حُرم جميعهم من الدفاع عن أنفسهم أو تعيين محامين، ولم يعرضوا على محكمة إلا بعد قرابة ثلاث سنوات.

لوحظ أن السعودية قامت بإحالة الإثنين والثلاثين متهما للمحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، وطالب الإدعاء العام بإعدام معظمهم، بعد فترة وجيزة من قتلها للمدافع عن العدالة الإجتماعية الشيخ نمر باقر النمر و46 شخصا في 2 يناير 2016 وما أفرزه الحدث من توتر بين إيران والسعودية، ما رجّح أن دوافع سياسية عَجَّلت بالمحاكمة، بعد أن أهملت السعودية محاكمتهم لقرابة ثلاث سنوات، إضافة إلى أنه حينما كان يستفسر المعنيين بالقضية عن بدء محاكمة الضحايا، كان الجواب إنها ستكون بعد مدة طويلة. وفي أقل من عام من بدء محاكمتهم، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمها بالقتل تعزيرا لخمسة عشر منهم، بعد محاكمة معيبة، امتنع فيها عدد من الضحايا عن تقديم دفاع عن التهم الموجهة، إعتراضاً على الانحياز الجلي الذي أبداه القاضي لأقوال الإدعاء العام، وتجاهله عدد من مطالب كتبها محامو المتهمين.

في سياق متابعة المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان لحالة حقوق الإنسان في السعودية وبالخصوص سير المحاكمات ومدى توافقها مع القانون الدولي، قامت المنظمة بتحليل “صك حكم” المتهمين بالتجسس لصالح إيران، والمكون من 336 صفحة، وقفت فيه المنظمة على انتهاكات صارخة للقانون الدولي، مارستها السعودية بحق هؤلاء المتهمين، بذريعة قيامهم بالتجسس لصالح إيران.

يمكن تقسيم الإنتهاكات على مرحلتي ماقبل المحاكمة ومابعدها، وقد تمثلت في التالي:

        I.            حقوق ما قبل المحاكمة:

الاعتقال التعسفي

إن طبيعة الاجراءات المتبعة قبل بدء جلسات المحاكمة، وسير المحاكمات فيما بعد، تشهد بمدى إلتزام الدولة بإحترام حقوق الإنسان والقوانين الدولية والمحلية من عدمه، ولقد اثبتت السعودية مدى احتقارها الكبير للقانون الدولي وقوانينها المحلية كذلك، إذ قامت باعتقال المتهمين في قضية التجسس لصالح إيران تعسفيا بدون إبراز أمر القبض. على سبيل المثال، اعتقل عباس الحسن (1973) المحكوم نهائياً بالإعدام، والذي يعيش في مدينة جدة، في 2 يونيو 2013 من أحد شوارعها، ثم أقتيد مكبل اليدين على الفور إلى منزله وفتش وعبث بمحتوياته، ولم تبرز الفرقة القابضة أمر قبض أو مذكرة تفتيش للمنزل، فيما شهر أحد أفراد الفرقة السلاح على عائلته حينما سألتهم عن مذكرة التفتيش.

الحق في الإستعانة بمحام ما قبل المحاكمة

لم يسمح للمعتقلين بالإستعانة بمحامين طوال فترة التحقيق، في مخالفة واضحة للقوانين الدولية والمحلية. وفي هذا السياق قامت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بالتواصل مع المحامي السيد طه الحاجي، الذي وكل من قبل أغلب المتهمين، ولكنه لم يتمكن من إستكمال الدفاع بسبب إضطراره للهرب من السعودية بعد ملاحقات من أجهزة وزارة الداخلية، وتقديم اللجوء السياسي في ألمانيا في 2016، على خلفية نشاطه الحقوقي ودفاعه عن موكليه في وسائل التواصل الاجتماعي، وانتقاده لنظام العدالة في السعودية، وإنحياز المحكمة الجزائية المتخصصة شبه الكامل للإدعاء العام. يؤكد الحاجي، أن المحامين حاولوا منذ الإعتقال حضور التحقيقات إلا أنهم لم يستطيعوا، كما لم يتمكنوا من اللقاء بالمتهمين بعد إنتهاء فترة السجن الإنفرادي الطويلة والقاسية.

الحق في الإتصال بالعالم الخارجي وفي محاكمة ضمن مدة زمنية معقولة

تعرض معظم المعتقلين للإخفاء القسري، حرموا خلالها التواصل مع عائلاتهم والعالم الخارجي. المحامي طه الحاجي أكد للمنظمة أن المحاكمات التي خضع لها المتهمين كانت أشبه “بالمسرحية”، حيث أن التهم كانت جاهزة منذ اعتقالهم، مشيراً إلى أن كثيراً من المتهمين قضوا ثلاث سنوات في المعتقل قبل أن يعرضوا على المحكمة، بينها ثلاث أشهر مكثوا فيها داخل الزنازين الإنفرادية، ويرى بأن القضية بقيت في الأدراج دون أي إجراء أو تقدم في مسار القضية، ولم تنقل للمحكمة إلا بعد التوتر السعودي الإيراني الذي أعقب قتل السعودية للشيخ نمر النمر، موضحا أنه قام شخصياً بمراجعة هيئة التحقيق والإدعاء العام قبل الحدث بفترة زمنية قصيرة، وأخبر حينها أن القضية قد تحتاج لشهور، إلا أنه تفاجأ بعد أقل من شهر برفع الدعوى، وهذا ما يؤكد بحسب الحاجي أن قضايا سياسية تقف خلف قضية موكليه.

الحق في عدم التعرض التعذيب وإنتزاع إعترافات

أُرغم عدد من المتهمين عبر استخدام التعذيب، على المصادقة على إقرارات كتبها المحققين بأيديهم، ومن ثم أُجبروا على إعادة كتابتها بأيديهم قبل التوقيع عليها. إضافة إلى ذلك، استخدم المحققين في عدد من الحالات الضغط على المتهمين من خلال إبقائهم في زنزانات إنفرادية وعدم السماح لهم بالتواصل مع عوائلهم، بهدف ممارسة مزيد من الضغوط لإخضاعهم لطلبات وإملاءات المحققين عبر المصادقة على الإعترافات.

فيما استخدمت مع عدد من المعتقلين أساليب إضافية تندرج ضمن التعذيب النفسي، بغية إجبارهم على مصادقة إعترافات كتبها المحققين، أو بعد تلاعبهم بما قاله المتهمين بشكل يدينهم. كما تعرض عدداً آخر منهم للتعذيب والمعاملة المهينة والتسهير المتواصل ومنعوا لساعات طويلة من الحصول على طعام، بشكل متكررة في فترة التحقيق، وأجبروا على الوقوف لساعات طويلة مع رفع أيديهم للأعلى.

قالت زوجة يوسف الحربي (1973)، المحكوم بالإعدام بشكل نهائي، في الدفاع الذي قدمته ودُونَ في “صك الحكم”: “أما الاعترافات في أقواله فهي كانت ضغوط من المحقق الذي أجبره على التوقيع على أقواله بعد تعريضه للإهانة بالكلام والصفع، وبسبب هذه الضغوط من المحقق فإنه تعرض لحالة نفسية شديدة ومحاولة إنتحار”. وطالبت القاضي أن يطلب من المباحث إحضار تسجيل فيديو للتحقيقات، حيث تتواجد كاميرات في غرف التحقيق، ولكنه تجاهل طلبها.

وذكر المعتقل خضر المرهون (1966) الذي حكم بالسجن لمدة 8 سنوات، في دفاعه شارحاً ملابسات مصادقته على الإقرارات للقاضي: “هددني المحقق بإبقائي في السجن الإنفرادي وإحضار زوجتي إلى السجن وفصل أولادي من أعمالهم ومنع الزيارات العائلية عني ومنعي من الإتصالات الهاتفية، وكان الأمر كما طلب المحقق. وعندما قام القاضي الذي صادق على هذه الإعترافات بطرح سؤال وحيد ومقتضب قائلا أهذا خط يدك؟ أجبته بنعم، ولم يستمر اللقاء سوى دقيقة واحدة، ولم أستطع النطق بأي شيء بسبب وجود أحد المحققين معي والخوف من تعرضي للتعذيب والتهديد ويمكن للمحكمة الموقرة الرجوع لكاميرا غرفة التحقيق التي تسجل بالصوت والصورة كل الأحداث حسبما أعتقد”.

إضافة إلى ذلك هدد المعتقل المحكوم بالإعدام عباس الحسن، وهو تاجر مقيم في مدينة جدة، بجلب زوجته وأبنائه للسجن في حال لم يغير بعض أقواله بالشكل الذي يدينه، وإلى جانب تهديده في أسرته، تعرض الحسن للتعذيب البدني، الأمر الذي أدى لإصابته ببعض الأمراض.

كما أكد المعتقل المحكوم بالإعدام بشكل نهائي، حسين الحميدي (1970)، الذي كان يعمل كمدير كبار المحاسبين في شركة إتصالات، أن التحقيقات كانت تتم تحت ضغط نفسي وجسدي شديدين.

فيما ذكر المحكوم بالإعدام بشكل نهائي حسين العبود (1982) للقاضي أن أقواله المصدقة غير صحيحة جملة وتفصيلا، وأنه أجبرعليها، وأشار أنه سبق إدخاله على قاضي التصديق، بعد أن هُدِّدَ بالتعذيب في حال غير أقواله. من جهة أخرى مارس المحقق مساومات للعبود حول حقوقه الأساسية، لإكراهه على التصديق، حيث نقل العبود في صك الحكم قول المحقق له: “إذا كنت ستصادق على أقوالك فسنمكنك من الإتصال بأهلك وإذا أظهرت البكاء أثناء الإتصال فسنمنعك من إتصال آخر”. أدين العبود بذكر معلومات لعدد من الإيرانيين، حول المظاهرات بالمنطقة الشرقية وبعض المعتقلين، ومعلومات حول معاناة الشيعة جراء التضييق الحكومي، كما أدين بمقابلته مرشد الثورة الإيرانية علي خامنائي، ومشاركته في عدد من المظاهرات بالإحساء والقطيف.

ولقد حصلت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على رسالة مسربة من داخل السجن، تكشف عن معاملة ممنهجة ووحشية وحاطة بالكرامة الإنسانية، تمارس في السجون السعودية بحق المعتقلين، كتبها أحد المتهمين، ذاكرا فيها ما تعرض له من تعذيب في السجن، إضافة إلى ما تعرض له بعض زملائه. حيث أشار المعتقل إلى أنه يوجد في السجن غرف خاصة مجهزة بأدوات التعذيب يسمونها “الغرف الحمراء”، ما يشير إلى أن ممارسات التعذيب عمل ممنهج، وليست تصرفات شخصية يقوم بها عدد نادر من المحققين. ولقد عددت الرسالة أساليب التعذيب الجسدي التي كان المعتقلون يتعرضون لها ، كالمنع من النوم، الإجبار على الوقوف أو الركوع لساعات، والتقييد والضرب المبرح. وإلى جانب التعذيب الجسدي، تحدثت الرسالة عن تعذيب نفسي تعرض له المعتقلون، من قبيل الشتم والتهدّيد بجلب أفراد من أسرهم إلى السجن، أو منعهم من الالتقاء بهم.

 

      II.            الحقوق أثناء المحاكمة:

الحق في إفتراض البراءة

حُرِمَ المتهمون من حقهم في إفتراض البراءة، فمنذ لحظة إعتقالهم نشر الإعلام الرسمي تقارير وجهت فيها تهم مباشرة للمعتقلين من دون الإستناد إلى أي تحقيقات أو أحكام قضائية قطعية، ما أعطى أنطباعاً عاماً أن التهم والأحكام كانت جاهزة، وأن المحاكمة كانت شكلية فقط، وهذا ما يدل عليه “صك الحكم”، الذي يظهر فيه تجاهل أقوال ومطالبات المتهمين تماماً.

الحق في عدم الإستناد إلى أدلة منتزعة تحت التعذيب

لم يولي القضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة أية اهتمام للظروف التي رافقت إقرارات المتهمين باعترافاتهم، رغما عن تأكيدهم أنها أنتزعت بالإكراه وتحت التعذيب، إضافة إلى عدم اكتراثهم بمنع المعتقلين من الاستعانة بمحامين طيلة المدة السابقة لبدء المحاكمة والتي بلغت قرابة ثلاث سنوات.

أنكر المحكوم بالإعدام بشكل نهائي، الشيخ محمد عطية (1970)، في كلام شفهي للقاضي جميع الأدلة الموجهة ضده، حيث أكد أن المحقق أحضر أوراقا مكتوبة مسبقا وأمره بالتوقيع عليها فإعترض وبين ملاحظاته بأن فيها إضافات وإجتزاءات فرفض وأجبر على المصادقة من خلال الترهيب، وطالب بمواجهة المحقق ولكنه لم يلقى تجاوباً من القاضي.

رفض عدد من المتهمين الذين ينتمون للسلك العسكري تقديم مذكرات جوابية للدفاع عن أنفسهم تجاه اتهامهم بارتكاب جرائم تسريب معلومات عسكرية لإيران. يقول المحامي الحاجي أن المتهمين امتنعوا عن مجاراة نظام العدالة غير المستقل في الاستمرار بلعب دور بمسرحيته، بعد الاحتقار الذي ابدوه القضاة للقانون الدولي والمحلي عبر الاستدلال بإقرارات منتزعة تحت التعذيب والإكراه، ورفض طلبات المتهمين باستدعاء المحققين واحضار مقاطع فيديو جلسات التحقيق، وعدم الطعن في إجراءات حرمانهم من الاستعانة بمحامين لقرابة ثلاث سنوات.  

الموظف البنكي المحكوم بالإعدام أحمد الناصر (1960)، نفى أيضاً أمام القاضي التهم التي وجهت ضده، حيث أكد أن جهة التحقيق هدّدت بإحضار عائلته كما تم سجن أكبر أولاده خمسة أيام من دون سبب، إضافة إلى ذلك هدد بالسجن الإنفرادي إلى حين المصادقة على أقواله.

الحق في الوصول إلى المعلومات والشهود والدفاع عن النفس

تتبع مسار المحاكمة التي خضع لها المعتقلون يشير إلى حرمانهم من الدفاع عن أنفسهم بما تكفله القوانين الدولية، فبعد بدء المحاكمة بعد ثلاث سنوات من اعتقالهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، طلب القاضي أن تقدم مذكرات الدفاع عن المتهمين في الجلسة الثانية التي ستعقد بعد أقل من شهر، لثلاثين متهما، توكل عنهم ثلاث محامين فقط، لم يتمكنوا من زيارتهم والإستماع لهم سابقاً. وعلاوة على ذلك كان السجناء موزعين على سجون في عدة مدن، الدمام، الرياض، وجدة، مايجعل مهمة المحامين في حكم الإستحالة.

محامو المتهمين رفضوا المشاركة فيما اعتبروه مسرحية تهدف لتجميل شكلي لمحاكمة موكليهم، وقام السجناء بتقديم خطاب للمحكمة يتضمن مطالب وشروط المحامين ليتمكنوا من أداء عملهم، ومنها اعطائهم الوقت الكافي بين الجلسات وتمكينهم من زيارة موكليهم وإيقاف الحملة الاعلامية ضد المتهمين التي أدانتهم وأصدرت أحكامها قبل نتيجة المحكمة، لما له من تأثير وضغط على المحكمة.

تؤكد المنظمة إن أي إتهامات مهما كان نوعها، لاتسوغ ممارسة الإنتهاكات بحق المعتقلين.

 

التهم

قدمت السعودية هذه القضية في الإعلام والقضاء على إعتبارها قضية أمن دولة مرتبطة بتجسس مجموعة لصالح إيران، لكن المنظمة وجدت الكثير من التهم الغريبة التي لا تتسق مع هذه التهمة الأساسية، وكذلك لا تندرج ضمن الجرائم بحسب القانون الدولي، مما يضعف بشكل كبير دعوى التجسس الموجهة للمتهمين من قبل الحكومة السعودية.

                     1.          نشر التشيع

أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض أثنين من رجال الدين من ضمن المجموعة، بتهم تتعلق بنشر التشيع، فمن بين التهم التي أدين بها المحكوم بالإعدام الشيخ محمد عطية، وهو رجل دين شيعي مقيم في مدينة جدة، تهم تتعلق بقيامه بنشر المذهب الشيعي، واستدل الإدعاء على هذه التهمة بأنشطة دينية علنية كان الشيخ عطية يشرف عليها. وفي سياق ذو صلة، أدانت المحكمة المحكوم بالإعدام عباس الحسن بتقديم دعم مادي بقيمة ألف دولار شهريا لبرامج وأنشطة دينية وفق المذهب الشيعي يشرف عليها الشيخ عطية، حيث زعمت السعودية أن الدعم بمبلغ “ألف دولار شهريا”جاء بطلب مباشر من إيران بهدف نشر التشيع.

                     2.         التوقيع على بيان

أدين المحكوم بالإعدام بشكل نهائي، حسين الحميدي (1970)، وإبراهيم الحميدي (1964) المحكوم بالسجن لمدة 25 سنة، وعلوي الحسين (1958) المحكوم بالسجن لمدة 10 سنوات، بالتوقيع على “بيان إدانة سفك الدماء” في 14 فبراير 2012، يدين تعامل الاجهزة الأمنية مع المحتجين في القطيف، واثنان منهم أدينا كذلك بالمشاركة في إعداده.

                     3.         تخزين مواد ومستندات

أدين ستة أشخاص (حسين الحميدي – بدرآل طالب – عبدالجليل العيثان – علوي الحسين – خضرالمرهون – أحمد فلس النخلي) من المجموعة بتخزين مواد على أجهزة الحاسب، من قبيل بيانات تنتقد سياسات الحكومة السعودية وصور متظاهرين. فقد أدين حسين الحميدي المحكوم بالإعدام بشكل نهائي، بتخزين مستند نصي للشيخ نمر ينتقد فيه الحكومة السعودية، وأدين عبدالجليل العيثان (1969)، المحكوم بالسجن لمدة خمسة عشر سنة، بتخزين بيان يستنكر عملية اعتقال الشيخ نمر ويصفها بالاختطاف.

وأدين الشيخ محمد عطية أيضا، بقيامه بتخزين صورا للمظاهرات، وبتخزين موضوعات تخص المعتقلين المشاركين في المظاهرات في وحدة تخزين خارجية، فيما أدين علوي الحسين بإرسال رسالة إلكترونية تتضمن اتهاماً للحكومة بالسعي لزرع الفتنة بين قادة الشيعة وبين شبابها.

                     4.         قضايا عامة واجتماعية

أدانت المحكمة أيضا إحدى عشر شخصا (الشيخ محمد عطية – عباس الحسن – حسين الحميدي – حسين العبود – أحمد الناصر – عباس العباد – الشيخ بدرآل طالب – عبدالجليل العيثان – علوي الحسين – إبراهيم الحميدي – خضر المرهون) جراء دخولهم في أحاديث عامة مع مسؤولين يعملون في السفارة الإيرانية في الرياض و القنصلية الإيرانية في جدة، مثل أوضاع الشيعة في السعودية أو أسباب المظاهرات وأوضاع محافظة القطيف.

على سبيل المثال، أتهم المحكوم بالإعدام أحمد الناصر، وهو موظف سابق في بنك سامبا، بمناقشة الشأن العام مع أشخاص إيرانيين يعملون في سفارة بلادهم في السعودية، مثل مصير الشيعة في حال وفاة الملك عبد الله وتولي الأمير نايف الحكم، وأسباب المظاهرات في الاحساء والقطيف، وسبب ايقاف الشيخ توفيق العامر الذي دعا لمملكة دستورية، والأوضاع الأمنية في القطيف والبحرين، كما أدين بسبب استماعه من موظف إيراني قوله أن المظاهرات في القطيف وقعت بسبب الظلم الواقع على الشيعة، وأتهم بإنه تستر على الإيراني حينما قال ذلك ولم يقم بالإبلاغ عليه.

كما أدين الشيخ علي الكبيش (1972) “بجريمة” مشاهدته في مناسبات عامة أثناء وجوده في إيران، ثلاثة من السعوديين المطلوبين للسعودية وعدم الإخبار عنهم، إضافة لجمع أموال لمساعدة أسر معتقلين. حكم الكبيش بالسجن لمدة سنتين، وبالرغم أنه ينبغي أن يكون خارج السجن نظرا لتجاوزه مدة الحكم، إلا أن مصادر ذكرت للمنظمة أنه لا يزال في السجن حتى كتابة هذا التقرير.

أدين أيضاً المحكوم بعقوبة الإعدام الدكتور عباس العباد (1961)، بإلتقائه عدة مرات مع مسؤولين إيرانيين في منزله، والحديث معهم عن الوضع الصحي للملك فهد وأربعة من الأمراء، وكذلك الحديث عن مظاهرات القطيف.

 

الخاتمة

يؤكد تحليل المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان “لصك الحكم”، قيام الحكومة بإنتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وللإلتزامات التي صادقت عليها، وذلك في كافة مراحل محاكمة المتهمين بالتجسس لصالح إيران، ورأت المنظمة أن الحكومة السعودية لاتقدم فيما تقول أنها إجراءات عادلة، أية دلائل تشير إلى أن هذه الإجراءات المتبعة لها صلة بأنظمة العدالة، سواء الدولية أو المحلية، مثل ممارستها للتعذيب أو حرمان الضحايا من حق الإستعانة بمحامين لمدة ثلاث سنوات أو قطعهم عن العالم الخارجي.

كما وجدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن اعتقالهم كان تعسفيا، وأن المحاكمة لم تكن علنية، كما كان يمكن محاكمتهم وهم مطلقي السراح حتى تتحقق ضمانات ومنها عدم التعذيب والترهيب الذي مارسته سجون المباحث عليهم، كما لم تكن لدى الضحايا أية فرصة لرفع دعاوى على من قاموا بالانتهاكات بحقهم منذ لحظة الاعتقال إلى مرحلة إصدار الأحكام الجائرة.

تبدي المنظمة مخاوف جديّة على حياة من صدقت أحكامهم بشكل نهائي، حيث كانت الحكومة السعودية قد أعدمت الشيخ النمر وآخرين ممن شابت محاكماتهم عيوباً صارخة لايمكن تجاوزها، كما نشرت المنظمة تحليلاً قانونيا لحكم إعدام المتظاهر محمد الشيوخ الذي أعدمته السعودية كذلك ضمن إعدام يناير 2016 الكبير، أظهر “إجهاضا خطيراً للعدالة“. تتضاعف المخاوف على حياتهم في ظل توترات سياسية مستمرة بين إيران والسعودية، وقد يتم قتلهم في أي لحظة.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن تحقيق العدالة في قضية المتهمين بالتجسس تتحقق أولاً عبر محاسبة ومحاكمة جميع من أمروا واشتركوا في إنتهاك حقوق الضحايا وتعذيبهم، وأن تجاهل الحكومة السعودية لما وقع عليهم من إنتهاك وتنفيذ قتلهم، دليل يؤكد بما لايدع مجالاً للشك إنحطاط نظام العدالة في السعودية، وإنه يستخدم في غايات أخرى لاشأن لها بتحقيق العدالة. كما إن تحقيق العدالة يتطلب إعادة محاكمتهم وهم مطلقي السراح بحضور الجمهور في المحاكمة ودون قيود أو تهديدات أو ترهيب.

AR