السعودية: محاكمات إعدام بقضايا مخدرات تفتقد العدالة ويمارس فيها التعذيب

19 ديسمبر، 2017

قطعت حكومة المملكة العربية السعودية خلال 13 عاما، ما لا يقل عن 1179 رأسا تنفيذا لأحكام إعدام، بينها 351 إعداما بناء على تهم تتعلق بالمخدرات، التي تعد تهما غير جسيمة في القانون الدولي.

هذه الإعدامات التي دفعت بالسعودية لتكون ضمن الدول الأربع في العالم المسؤولة عن 87 بالمئة من الإعدامات، تضمنت عددا من الإنتهاكات للقوانين المحلية والدولية. فإلى جانب أن الحكم بالإعدام بتهم مخدرات مخالف للقانون الدولي، فإنها ومن خلال ما أطلعت عليه المنظمة من قضايا، ومن خلال البيئة القضائية في السعودية، نعتقد أن المحاكمات في تهم المخدرات لا تتمتع بشروط العدالة.

يتسم الجهاز القضائي في السعودية بعدد من العيوب الجوهرية، حيث لا تعتمد الحكومة مبدأ الفصل بين السلطات، بالإضافة إلى أن الحكومة السعودية تحول دون إطلاق مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المستقلة، مما لا يمكن معه أداء دور رقابي مستقل.

على الرغم من إفتقار المؤسسات الحكومية السعودية للشفافية في الإفصاح عن المعلومات وخاصة فيما يتعلق بأحكام الإعدام، فإن عددا من القضايا التي إستطاعت منظمات حقوقية الإطلاع عليها، بينها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تظهر إفتقار المحاكمات التي يخضع لها المتهمون بقضايا مخدرات إلى شروط العدالة.

الحقوق ما قبل المحاكمة

1. الحق في الإستعانة بمحام قبل المحاكمة:

منذ لحظة الإعتقال، تحرم الحكومة السعودية المتهمين من حقهم في محاكمة عادلة، حيث تحرم المعتقلين من الإستعانة بمحام. ففي قضية المعتقل الأردني حسين أبو الخير، حرم من التواصل مع محام عند الإعتقال واستمر ذلك إلى ما بعد بداية جلسات المحاكمة.

2. الحق في الإتصال بالعالم الخارجي:

على الرغم من أن الإتصال بالعالم الخارجي منذ لحظة الإعتقال حق أساسي لضمان المحاكمة العادلة، يتعرض العديد من المعتقلين إلى الإخفاء القسري، ففي قضية أبو الخير، لم تعرف عائلته مكان اعتقاله لمدة 12 يوما.

3. الحق خلال التحقيق في الحماية من التعذيب:

يتعرض المعتقلون بتهم مخدرات إلى التعذيب في السعودية، في مخالفة بينة لشروط المحاكمة العادلة. فالأردني أبو الخير، تعرض خلال التحقيق إلى التعذيب بهدف انتزاع إعترافات منه من قبل إدارة مكافحة المخدرات في محافظة حقل، حيث علق من قدميه ورأسه إلى الأسفل، وضرب على بطنه ورأسه وقدميه ويديه ووجهه. أدى التعذيب إلى آلام في الساقين، ونقصا بالوزن وألما بالمعدة وتدهورا في حالته النفسية والصحية بشكل عام.

إضافة إلى أبو الخير، نشرت منظمة العفو الدولية في أغسطس 2014 بيانا أشارت فيه إلى أن الحكومة السعودية أصدرت حكم إعدام بحق هجرس آل قريع بتهمة تهريب مخدرات على الرغم من تأكيده أن الإعترافات التي إستند إليها الحكم أنتزعت منه تحت التعذيب، وقد أعدم في 22 سبتمبر 2014

في أغسطس العام 2014 أيضا، نفذت الحكومة السعودية أحكاما بإعدام 4 أفراد ينتمون لعائلة واحدة، وهم هادي وعوض بن صالح عبد الله آل مطلق، وقريباهما مفرح وعلي بن جابر زيد اليامي، “بتهمة تلقي كمية كبيرة من الحشيش المخدر” على الرغم من تأكيدهما إنهما تعرضا للتعذيب من أجل إنتزاع إعترافات منهما.

الحقوق أثناء المحاكمة

1. الحق في النظر المنصف في القضايا وإفتراض البراءة:

كما لا يتمتع المعتقلون بقضايا مخدرات في السعودية بشروط العدالة فيما قبل المحاكمة، كذلك يحرمون من شروط العدالة مع بداية المحاكمة، فيحرمون من حقهم في إفتراض البراءة، ويصعب عليهم إثبات برائتهم، حيث يتعرضون للإحتجاز وقطع التواصل مع العالم الخارجي، أو عدم توافر التواصل الكافي، وكذلك يمارس وعلى نطاق واسع في السعودية التعذيب والإكراه والإحتجاز في ظروف صعبة وقاهرة مثل الحجز الإنفرادي أو الحالة السيئة لمكان الإعتقال، مما يجعل من كل هذه الظروف عقبة أمام إمكانية المتهم إثبات برائته. إضافة إلى ذلك يحرم المتهمون من الحصول على حقهم في محام في أغلب مراحل القضية ومنذ لحظة الإعتقال، ففي قضية المواطن الأردني حسين أبو الخير لم يتوفر له من يمثله تمثيلا قانونيا كافيا، كما اقتصر دور المحامي على تقديم الاعتراض على الحكم.

2. إستبعاد الأدلة المنتزعة جراء إنتهاكات للقوانين الدولية:

على الرغم من تأكيد المعتقلين بقضايا مخدرات، تعرضهم للتعذيب امام القضاة، وذلك مع بدء مثولهم أمام القضاة، كما في قضية أبو الخير، إلا أن الأحكام وبينها الإعدام، يتم الإستناد فيها إلى أقوال منتزعة تحت التعذيب، ولا تتم إعادة المحاكمة أو التحقيق مع المتورطين، في تجاهل واضح للإلتزامات الدولية للسعودية والتي تنص عليها إتفاقية مناهضة التعذيب.

3. الحق في  الإستعانة بمترجم:

بحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وتواصلها مع بعض المطلعين على قضايا المتهمين بالمخدرات، لا يتوفر للمتهمون من جنسيات غير عربية مترجمين على الدوام، وكذا لايتاح لهم أحيانا التواصل مع الممثلية الدبلوماسية لبلدانهم بشكل فوري. يأتي ذلك فيما تشير إحصاءات المنظمة إلى قطع 58 رأسا بتهم مخدرات خلال سنة 2017، منهم 18 شخصا من جنسيات غير عربية.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تشير إلى أن الحكومة السعودية لا تتيح معلومات واضحة وشفافة فيما يتعلق بالأفراد الذين يواجهون أحكام إعدام في قضايا مخدرات، ولاتوجد بيئة عدلية، وإعلامية، ومنظمات حقوقية مستقلة عاملة على الأرض، من شأنها متابعة قضاياهم، وتتبع تفاصيلها، ويضاف إلى ذلك خشية العائلات من المضايقات أو الإنتقام حال تواصلها مع منظمات حقوقية.

وتشير المنظمة إلى أنه بالإستناد إلى القضايا التي تم الإطلاع عليها، فإن الحكومة السعودية تنتهك القوانين الدولية في أحكام الإعدام التي تصدرها بحق المتهمين بقضايا مخدرات فيما يتعلق بحرمانهم من الحصول على محاكمات عادلة وعلنية.

تطالب المنظمة الحكومة السعودية بتعديل العقوبات بحق المتهمين بقضايا مخدرات، والتي تهدف  بحسب التصاريح الرسمية إلى “محاربة المخدرات بأنواعها لما تسببه من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع”، وذلك بإيقاف عقوبة الإعدام على قضايا المخدرات وإستبدالها بتدابير أخرى تتضمن عقوبات بديلة. وتشير المنظمة إلى أهمية إتباع سياسة شاملة في مواجهة المخدرات، دون استخدام عقوبة الإعدام، التي أثبتت وعلى مدى سنوات، عدم فعاليتها في الحد من أعداد التجار والمروجين والمتعاطين.

كما تؤكد المنظمة على أهمية ضمان محاكمات عادلة علنية وشفافة، في كافة مراحل التقاضي لكافة المتهمين وبينهم من يواجهون قضايا مخدرات.

كما تذكر المنظمة بأهمية الكشف عن مصير الضابط السابق في المديرية العامة لمكافحة المخدرات بالسعودية الرائد تركي حمزة الرشيدي، بعد أن كشف في 27 أبريل 2016 في فيديو مسجل بعض المعلومات عن تهريب المخدرات في السعودية، وطالب الملك بحمايته، إلا أنه اعتقل في 9 مايو 2016 ولايزال يكتنف مصيره الغموض حتى اللحظة.

AR