إستمرار استهداف الحقوقيين ومكافحي الفساد يفند دعاوى الإصلاح في السعودية: النخيفي يواجه تهما مفتعلة وأحكاماً قاسية

1 نوفمبر، 2017

يواجه المدافع عن حقوق الإنسان عيسى النخيفي، خطر السجن لمدة 20 عاما على خلفية نشاطه الحقوقية وتعبيره عن رأيه، في تكريس لممارسات حكومة المملكة العربية السعودية ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، واستهدافها المستمر والممنهج لحرية التعبير.

النخيفي (31 يوليو 1973)،  كان قد أعتقل للمرة الرابعة في 18 ديسمبر 2016، وذلك بعد تلقيه استدعاء من قسم (المباحث العامة) التابع لوزارة الداخلية، ولا زال حتى الآن معتقلا في سجن مكة المكرمة، وفي الأوقات القريبة من محاكمته يرسل لسجن الملز بالرياض. يأتي هذا الإعتقال ضمن سلسلة من الإعتقالات والمضايقات التي يتعرض لها منذ العام 1992 على خلفية نشاطه الحقوقي، ومواقفه المناهضة للفساد.

النيابة العامة السعودية وجهت للنخيفي سلسلة من التهم، بينها:

·         إنتهاجه المنهج التكفيري المخالف للسنة والكتاب.

·         سب الأسرة الحاكمة، والحكومة ورجال الأمن.

·         التواصل مع جهات خارجية معادية للمملكة.

·         تخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام.

تستند النيابة العامة في التهم التي وجهتها للنخيفي إلى تدويناته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. وتضمنت هذه الأدلة تغريدات حول “سجنه السابق” ومطالبته بوقف “الحرب على اليمن”، ومشاركته في حملات طالبت بـ”برلمان منتخب” في السعودية . كما أتهم النخيفي بالتواصل مع حسابات وصفتها النيابة العامة بـ “المشبوهة” بينها حساب جمعية الحقوق المدنية والسياسية حسم.

على الرغم من أن هذه الأدلة لا تتعدى كونها ممارسة طبيعية للتعبير عن الرأي، وتؤكد عدم قيام النخيفي بجريمة بحسب القانون الدولي، إلا أن المدعي العام طالب بمعاقبته وفق قانون مكافحة جرائم المعلوماتية “الذي يهدف إلى الحد من نشوء جرائم المعلوماتية”، والأمر الملكي 44/أ المختص -في الأساس- بمكافحة الإرهاب ومعاقبة المشاركين في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، أو المنتمين إلى التيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة. وتستخدم الحكومة السعودية هذين القانونين بشكل ممنهج لاستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين واصحاب الآراء المشروعة والسلمية، وما يواجهه النخيفي من عقوبة قد تصل للسجن لمدة 20 عاما تأتي في السياق ذاته.

في إحدى جلسات محاكمته بتاريخ 3 أكتوبر 2017، لم تقم فيها المحكمة والعساكر المرافقين له بتكبيله بالقيود على خلاف باقي الجلسات السابقة، ويرجح أن ذلك بسبب تواجد الممثلين الدبلوماسيين من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وهولندا وفرنسا والنرويج، الذين حضروا جلسة محاكمته. حاول النخيفي في ذات الجلسة، تسليم نسخة من رسالة كتبها إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى الوفود الدبلوماسية المتواجدة، إلا أن القاضي منعه من ذلك. تضمنت الرسالة 25 مطلبا اعتبرالنخيفي أنها مطالب شعبية محقة، ومنها:

·         الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان.

·         ضمان المحاكمات العادلة والعاجلة لكل المعتقلين الذين لم يحاكموا بعد، والإفراج عن المتهمين الذين لا تعتبر التهم التي يواجهونها جرائم في القانون الدولي.

·         إسقاط أحكام الإعدام عن كل القاصرين وإعادة محاكمتهم.

·         عدم قبول إعترافات أو تحقيق تم تحت التعذيب، وضمان محاكمة كل من قام بذلك.

·         إستقلال القضاء، وعدم رضوخه للسلطة السياسية، وسن قوانين محددة وواضحة.

·         حل المحكمة الجزائية المتخصصة، كونها غير قانونية ولا تتسم بالعدل والإنصاف.

·         رفع القيود عن حرية التعبير عن الرأي بسبب إنتقاد السلطة.

غضب القاضي من أصرار النخيفي على تسليم الرسالة. وبعد إنتهاء الجلسة التي تواجدت فيه الوفود الدبلوماسية صعد القاضي ومعه النائب العام والكاتب إلى جانب النخيفي ورجل الأمن الذي يرافقه إلى الطابق الثاني من مبنى المحكمة. وعقدوا له جلسة سرية إستمرت أكثر من نصف ساعة، دعا القاضي فيها النخيفي إلى الكف عن الإستعانة بحضور الدبوماسيين لجلسات محاكمته معتبرا أن “اليهود والنصارى” بحسب تعبيره، لن ينفعوه. من جانب آخر، فإن النخيفي وخلال هذا الإعتقال الأخير، كان قد تلقى من وقت لآخر تهديدات بإستهداف أسرته.

مجلس حقوق الإنسان وقضية النخيفي:

كان الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب المقرر الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، قد أرسلوا في 20 فبراير 2017 للحكومة السعودية رسالة حول قضية إعتقال النخيفي، أشاروا فيها إلى مخاوفهم حول أسباب الإعتقال، كما طالبوا بتقديم معلومات حول القضية وضمان عدم تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة.

الرسالة أوضحت أنه كان من المقرر أن يلتقي النخيفي بالمقرر الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان خلال الزيارة التي قام بها إلى السعودية في يناير 2017، وشددت على ضرورة تمكين المدافعين عن حقوق الإنسان من العمل في بيئة آمنة وخاصة فيما يتعلق بالتواصل مع الهيئات الأممية.

الحكومة السعودية ردت على الرسالة في 20 أبريل 2017، وأشارت إلى أن الإعتقال تم بعد بلاغ قدمته زوجة النخيفي التي إدعت أنه هددها بالقتل وأنه ينتمي إلى جماعات إرهابية. وإعتبر الرد أن النخيفي حصل على كافة حقوقه وبينها التواصل مع محام وزيارة العائلة، كما إدعى أن الحكومة السعودية تدعم عمل كافة الجمعيات والمنظمات والأفراد الذي يعملون في مجال حقوق الإنسان. وتجاهل الرد إستخدام القضاء السعودي لقانون مكافحة الإرهاب ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان من أجل تشويه صورتهم وعملهم.

إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن لائحة التهم التي يواجهها الناشط عيسى النخيفي تؤكد عدم صحة الرد الحكومي على رسالة المقررين الخاصين والفريق العامل، حيث لم يتطرق المدعي العام إلى إنتمائه لتنظيمات أرهابية أو تهديد زوجته.

كما تشير المنظمة إلى أن الرد الحكومي حول دعم وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان غير واقعي، حيث لا زالت الحكومة تعتقل الكثير وبينهم عيسى النخيفي، الذي كانت مطالبه الحقوقية كبرلمان منتخب وتعبيره عن رأيه وإنتقاده السجون في البلاد، سببا في اعتقاله.

إن المنظمة ترى أن قضية النخيفي تؤكد إصرار الحكومة السعودية على إستخدام قانون الإرهاب وحجة مكافحة الإرهاب لملاحقة وتجريم وتشويه صورة المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث أن القضاء السعودي يتهم النخيفي بإنتهاج نهج تكفيري ويحاكمه على أنه إرهابي على الرغم من أنه معتقل بسبب نشاط مشروع وبعيد عن طبيعة الإنشطة الإرهابية، وهذا ما تؤكده مضامين الرسالة التي أراد توجيهها إلى ولي العهد محمد بن سلمان.

وتبدي المنظمة مخاوفها من إمكانية مواجهة النخيفي لأحكام قاسية تصل إلى 20 عاما بحسب طلب النيابة العامة. وتطالب المنظمة بالإفراج الفوري عن النخيفي وعن كافة المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، كما تطالب بتوقف الحكومة السعودية عن إرسال تهديدات للنخيفي تتضمن تخويفه باستهداف أسرته.

AR