في سياق المخاوف الدولية من إعدام على النمر، السعودية توكد مضيها في تنفيذ أحكام الإعدام

21 سبتمبر، 2015

ردا على القلق الحقوقي الدولي المتزايد على مصير المحكوم نهائيا بالإعدام علي محمد النمر الذي اعتقل وهو في عمر 17 سنة، أكدت السعودية استمرارها في اعتماد أحكام الإعدام كما هو الحال عليه.

فبالتوازي مع إعلان عدد من الدول أمام مجلس حقوق الإنسان في الدورة الحالية رقم 30 رفضهم لاستمرار تنفيذ حكم الإعدام وخاصة على الأطفال، أعلن سفير السعودية فيصل طراد يوم الجمعة 18 سبتمبر 2015 في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، أن المملكة ماضية في الإعدام كعقوبة دون الإشارة إلى أي نوايا في المراجعة أو التخفيف حتى في تلك الجرائم التي لا ينفذ فيها إعدام في بقية دول العالم.

وكانت عدد من الدول قد أبدت قلقها من استمرار تنفيذ أحكام الإعدام، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف يوم الجمعة 18 سبتمبر 2015، حيث أكد سفير دولة إيرلندا على دعم بلاده إلغاء عقوبة الإعدام، داعيا الدول التي لا زالت تطبقها إلى توفير المعلومات الكافية والوقت للأشخاص المدانين ومحاميهم وأسرهم.

سفير دولة هولندا عبّر عن رفض بلاده استخدام عقوبة الإعدام لأنّه لا يمكن التراجع عنها في حال الخطأ، كما يتم استخدامها على القصّر، فيما عبرت دولة بلجيكا عن قلقها من استمرار استخدام عقوبة الإعدام، خاصة وأن بعض الدول لا تقتصر في استخدامها على الجرائم الأكثر خطورة ولا تتمتع المحاكمات فيها بالشفافية.

إلا أن طراد اعتبر أن السعودية دولة إسلامية تفتخر بإتخاذها الشريعة الإسلامية دستورا ومنهجا. ودعا إلى تسجيل موقف السعودية عن الإعدام في أي تقرير يصدر عن المفوضية السامية أو الأمم المتحدة.

يرى بعض المراقبين، أن في كلمة طراد إشارة إلى نية السعودية عدم الاستجابة للمطالب الدولية في إسقاط حكم الإعدام عن علي محمد النمر أو إعادة محاكمته. فبالرغم من عدم التزام القضاء السعودي بمبادئ المحاكمة العادلة في قضية علي النمر والقضايا الأخرى، إلا أن السعودية تدعي أن جميع ما تقوم به عادل وملتزم بالقوانين الإسلامية. تأتي هذه الأقوال رغما من تعرض علي النمر للتعذيب ورغم قيام المحقق بكتابة الأقوال نيابة عن علي ورغم عدم منحه حقه في توفر محام للدفاع عنه.

هذا وأشار السفير السعودي في كلمته الجمعة 18/09/2015 إلى أن الأنظمة في السعودية قضت بتواجد المحامي منذ لحظة القبض على المتهم، بينما انتهت محاكمة علي النمر وغيره الكثير دون أن يتوفر محامي في جلسات عقدت بسرية. كما تعرض قبل المحاكمة في مراحل القبض والتحقيق للمعاملة الحاطة بالكرامة وللتعذيب والإكراه وكل ذلك في غياب تام للمحامي وفي عزلة عن العالم الخارجي.

الصحافة السعودية الصادرة يوم السبت 19/09/2015، تحدثت بدورها عن الموقف السعودي الرسمي، في تغييب تام وتجاهل للمجتمع المدني الذي قامت الحكومة السعودية وعلى مدار السنوات الماضية بقمعه بشكل ممنهج، عبر السجون والقضاء والتعهدات والتهديدات.

وحول إلتزام المملكة بعدم تنفيذ الإعدام إلا على الجرائم الأشد خطورة، يعتري كثير من التهم التي وجهت لعلي الغموض والتضخيم، كما تؤكد عائلته على أنها انتزعت منه تحت التعذيب، الأمر الذي يسقط شرعية التهم الموجهة بحسب اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت إليها السعودية في عام 1997 والتي تقول في مادتها الخامسة عشر: (تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات).

يأتي تشدد السعودية في تطبيق الإعدام بغض النظر عن مدى سلامة الإجراءات القانونية من عدمها، بمثابة تأكيد على تنفيذ الإعدام على علي النمر والمتظاهرين ممن قبض عليهم وهم دون السن القانوني والمعتقلين السياسيين، في تجاهل تام للعيوب القانونية والثغرات التي شابت مسار المحاكمات.

كما يرسخ تجاهل السعودية للنداءات الدولية التي تصدرتها منظمات معتبرة تطالب بإسقاط إعدام علي النمر، بمثابة تأكيد على تدهور سمعتها الحقوقية والتي تأثرت كثيرا في السنوات الأخيرة. ولم تتمكن السعودية من الانسجام وموقعها الدولي كعضو منتخب في مجلس حقوق الإنسان مع ممارساتها التي تتعارض مع احترام وصيانة حقوق الإنسان، وكثيرا ما تبرر انتهاكاتها بالشريعة الإسلامية.

AR